عزف ونزف


لَا عِــطْــرَ بَــعْدَكِ لَا ابْــتِسَامَةَ خَــاطِرِ
لَا دِفْءَ شَــمْعٍ فِــي الــمَسَاءِ الشَّاعِرِي
لَا مُــسْــتَــقَرَّ عَــــلَــى نَــــمَــارِقِ فِــكْــرَةٍ
لَا نَــكْــهَــةً لِــسُــلافِ مَــعْــنَى فَــاخِــرِ
لَا شَيْءَ إِلَّا الصَّمْتَ فِي صَخَبِ الجَوَى
وَأَنِــيــنَ وَقْـــتٍ فِـــي حَــنِــينِ مُــسَافِرِ
أَسْــرَجْتُ حَــرْفِي فِــي هَــوَاكِ فَلَمْ يَزَلْ
يَــسْــمُو إِلَـــى مَــعْــنَاكِ رِحْــلَةَ شَــاعِرِ
وَحَــطَــمْتُ قِــنْــدِيلَ الــمَسافَةِ وَالــدُّنَى
تَــسْــرِي إِلَـــى سَــلْوَى سَــنَاكِ الآسِــرِ
عَــيْــنَاكِ بَــوْصَــلَةُ الــمُــنَى، وَالــفَقْدُ يَــذْ
بَــحُــنِي هُــنَــا، وَأَنَـــا أَنَـــى فِــي الــسَّادِرِ
وَأَنَــا وَأَنْــتِ وَلَــيْسَ ثَــمَّ، وَفِــي المَدَى
أُرْجُــــوحَــتَــانِ وُوُكْــــنَــتَــانِ لِــطَــائِــرِ
وَأَنَـــا وَأَنْـــتِ، وَلَــيْــسَ يــعْــلَمُ أَيُّــنَا
أَوْ مَــنْ سَــقَى الأَحْــلامَ كَأْسَ مُكَابِرِ
يَــا أَنْــتِ يَــا وَهَــجَ الــتَّدَفُّقِ فِــي دَمِــي
فِــيــمَ اِنْــطِــفاءُ لَــظَاكِ بَــيْنَ مَــجَامِرِي؟
يَــا أَنْتِ، مَا أَقْسَى مَنِ ازْدَلَفَ الهَوَى
مِــنْ عَزْفِ أَشْعَارِي وَنَزْفِ مَشَاعِرِي
وَضَّـــأْتُ قَــلْــبِي بِــالــنَّقَاءِ لِــكَيْ أَرَى
نُـــورَ انْــبِــعَاثِكِ فِـــي صَـــلاةِ بَــشَــائِرِ
وَنَــثَرْتُ نَــجْوَى الــرُّوحِ فَــوْقَ مَلَامِحِي
لِأَلُـــمَّ طَــيْــفَكِ مِـــنْ خَــيَــالٍ عَــابِــرِ
كُــلُّ الــحِكَايَاتِ الَّــتِي سَــجَرَتْ دَمِــي
قَـــدْ خَــبَّــأَتْ فَــحْــوَاكِ بَــيْنَ دَفَــاتِرِي
تِــيهٌ، وَمَــا فِــي الــدَّرْبِ غَــيْرُكِ، كُلَّمَا
أَمْــعَــنْتُ فِـــي الــنِّسْيَانِ بُــؤْتُ بِذَاكِــرِ
وَلَــرُبَّــمَا وَكَـــزَ الــعِــتَابَ عَــصَا الــنُّهَى
لَـــوْ كَـــانَ أَوَّل مَـــا يَــكُــونُ كَــآخِرِ
وَطَـــنٌ عَــلَى صَــدْرِي يُــقِيمُ، وَخَــيْمَةٌ
لِــلْــحُزْنِ فِـــي أَقْــصَــى الــفُــؤَادِ الــحَائِرِ
وَصَــبــاحُ عَـــامٍ قَـــدْ أَطَـــلَّ وَمُــهْجَةٌ
تَــنْــعِي الــسَّــلامَ وَخَــائِفٌ مِــنْ بَاكِــرِ
يَــخْــطُو عَــلَــى طَــرَفِ الــمَسَاءِ وَعَــيْنُهُ
نَــحْــوَ الــسَّــمَاءِ وَحُــلْــمُهُ فِـــي الــخَاطِرِ
وَالرِّيحُ تَهْذِي - لَسْتُ أَدْرِي - وَالرُّؤَى
أَهْــمَتْكِ وَدْقًــا مِــنْ سَــحَابِ مَــحَاجِرِي
وَالــــرُّوحُ لِــلْــمَــاضِي تَــــحِــنُّ كَــأَنَّــهَا
عَـــذْرَاءُ لَـــمْ تَــأْلَفْ ضَــجِيجَ الــحَاضِرِ
والْــقَــلْبُ أَضْــنَــاهُ الــوَفَــاءُ فَــمَا يَــرَى
إِلَّا الــمَــآثِــرَ فِــــي الــحَــبِــيبِ الـنَّـاكِــرِ
الــمَــرْيَــمِــيُّ الــــحَــرْسِ هَــــزَّ تَــبَــتُّــلِي
الــيُــوسُــفِيُّ الــحَــدْسِ لَــيْــسَ بِــغَــادِرِ
مَــا انْــفَكَّ صَــبْرِي فِــي جَــفَاكِ مَــجَرَّةً
حَــتَّــى أَفَــلْــتُ وَفَـــلَّ شَــوْقُ الــصَّابِرِ
وَأَذَبْـــتُ إِحْــسَــاسِي بِــنَــارِ تَــعَــطُّشِي
فَــصَــبَبْتِ لِـــي كَــأْسَ الــوِدَادِ الــفَاتِرِ
أَحْــرَى بِــهَذَا الــقَلْبِ أَنْ يَــئِدَ الــهَوَى
وَيَـــؤُودَ فِـــي سُــنَــنِ الــغَــرَامِ بِــكَافِرِ
لَــكِــنَّ بِـــي شَــمْــسًا وَقُــدْسًا، وَالــمَدَى
رَحْـــبٌ لَـــدَيَّ، وَفِـــيَّ مُــهْجَةُ عَــاذِرِ
شَــمْسٌ تَــأَلَّقُ لَــيْسَ يَــكْسِفُهَا الأَسَــى
مَــهْــمَا اسْــتَــثَارَ مِـــنَ الــثَّــنَاءِ الــهَاجِرِ
فَــلْتَسْــتَوِي يَـــا فُــلْــكَ نُــوحِي وَابْــلَعِي
يَـــا أَرْضُ رُوحِــي واسْــجُدِي لِــلْقَادِرِ
مَـــا زِلْــتُ أَحْتَكِــرُ الــرُّجُولَةَ وَالــنَّدَى
أَهَـــبُ الــمَــفَاخِرَ مِـــنْ صُــوَاعٍ وَافِــرِ
مَـــا زِلْـــتُ أَبْـتَـكِــرُ الــضِّــيَاءَ وَأَرْتَــقِي
بِــاَلْــحَــالِــمِينَ وَأَحْــــتَــفــي بِــالــكَــابِــرِ
مَــا زِلْــتُ، مَا زَالَ الجَنَى، مَا زِلْتِ مَا
زَالَ الــضَّــنَى، وَالــمَــوتُ أَرْحُــمُ زَائِــرِ
فَــاسْتَأْنِسِي يَـــا بِــنْــتَ قَــلْــبِي وَالْــبــسِي
ثَـــوْبَ الــحِــدَادِ عَــلَــى الــغَرَامِ الــغَابِرِ
إِنِّــــي وَأَدْتُ هَـــوَاكِ بَــيْــنَ تَــرَائِــبِي
وَجَــعَلْتُ مَا فِي القَلْبِ بَعْضَ ذَخَائِرِي