أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الكارثة

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 920
    المواضيع : 188
    الردود : 920
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي الكارثة

    الكارثة.
    قصة من مرايا الطفولة.
    بقلمي.

    لا أدري لم تلك القسوة التي يبذلها الكبار نحو الصغار الأبرياء؟ لم هذا التجبر الذي يتلذذ به بعض البالغين، وهم يتعنتون إزاء تلك المخلوقات الرقيقة؟
    هل يكون ضعف رواتب أولئك الكبار سببا للانتقام من أولئك الأبرياء ؟
    أم هي إساءة المتبجح الذي لا يخشى من عقاب؟
    أم هي لذة الباغي في ممارسة الظلم على من لا قوة له؟
    &&&
    انها ذكريات ثقيلة, من مرايا طفولة غبشها ظلم البالغين.وغباء بعض المربين
    أولئك الذين كان يجب أن يكونوا تربويين رحماء. يتلقفون فلذات أكبادنا على أبواب المدارس الحكومية بوجوه غاضبة، ونفوس عكرها الكره، وأثار حفيظتها البغض.
    &&&
    إنه اليوم الدراسي الأول الذي يشكل فاتحة البدء لتكوين وجدان وعقل التلميذ الصغير.
    هذا اليوم ... هو أول بوابة يجتازها المرء منا ليخطو إلى مجتمع غريب وجديد غير أسرته التي تؤيه. بيئة عامرة بالبشر ونفوس البشر بخيرها وشرها ، برقتها وفظاظتها ، بعدلها وجورها،بحنانها وقسوتها، بجنتها ونارها.
    .. المحيط التعليمي الأول الذي يفترض أن يهيء للأجيال الوليدة فرصة التعلم والترقي بأمن وأمان.
    تمنح ضعاف الطيور فرصة أن تكون نسورا تحلق بسلام في سماء المستقبل.
    &&&
    قصة قصيرة جدا .. بل مريرة جدا ...
    طابور الصباح .. علم يرفع .. موسيقار تعزف .. حناجر صغيرة تصرخ بأناشيد في حب الوطن.
    كان الصغير الذي يرتعد وجدانه ، يراوح التلفت بين .. وجه أمه هناك بين حديد الأسوار خارج المدرسة. ووجوه معلمين ومعلمات متجهمي الملامح ،حمر العيون .. بيد كل منهم عصا رفيعة.
    $$$
    انتهى طابور الصباح .. ساقوهم عبر ردهة طويلة شبه مظلمة نحو الغرف الدراسية.
    أشارت معلمته وهي تلوح بالخيرزانة...
    عليكم برفع أصابعكم إن أردتم الكلام ..انظروا ..هناك غرفة الفئران ... من لن يطيع الأوامر أو يصدر شغبا ... سندهنه بالعسل الأسود ونلقيه إلى الفئران.
    ارتعد وجدان الصبي ... وشارك زملائه الخوف والدموع ، وبعضهم قد غلبه التبول القسريفي السراويل الجديدة.
    $$$$$
    تكدسدوا في غرف دراسية شبه مطلمة ، كل ثلاثة في مقعد.أمام لوح خشبي متهالك، على حافته بقايا أصابع من طباشيرية.
    وما كاد صغيرنا يلتئم محشورا بين تلميذين، حتى
    لعبت بطنه، وتمردت عليه مصارينه، إذ شعر بأنها تلتف حول نفسها وتعصره عصرا، رفع إصبعه الصغير،
    وفي مخيلته كلمتان.
    بادرته صارخة, معلمته الشمطاء ذات الشعر المهوش والأنف الكبيرة :
    - ماذا تريد؟
    ارتعد وجدان الصغير ..
    واختنقت كلمتا (دورة المياه) في حلقه ولم تخرجا.
    - انتظر حتى تتسلم كتبك. -اجلس دون حراك أو صوت .. وإلا.،،، غرفة الفئران!!
    بطنه تكاد تنطبق إلى ظهره..
    يضيق تنفسه...تزيغ عيناه ..
    &&&&&.
    عاد إلى بيته مع أمه ،التي انتظرته بلهفة خارجا حتى انتهى اليوم الدراسي الطويل.
    &&&&
    في أول يوم مدرسي ،عبأوا صدره بالوحشة، ورعب من معلمة شمطاء ذات صوت خشن وأنف كبيرة،منعته من ممارسة حق فطري ككل المخلوقات... فرجع وفي وجدانه الغض، غصة تخنقه بالدموع....وفي حقيبته الجديدة كتب ثقيلة ....وفي سرواله كارثة.

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,141
    المواضيع : 318
    الردود : 21141
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    لأول يوم في المدرسة ذكريات محفورة في عقل كل منا لا تنسى
    ورغم الشوق لتلك المدرسة التي حدثونا عنها قبل موعدها ـ لكن لابد أن يرتبط
    أول يوم بالخوف والوجل من ذلك العالم الجديد، والبكاء للشعور بالغربة الشديدة
    في ذلك العالم المختلف عن عالم الأسرة الحنون، وما في ذلك من رهبة ورعب.
    ولكل منا قصة ترتبط بذلك اليوم الأول تلتصق بذاكرتنا، وتشكل جزء من مسيرتنا.
    ولكن ذكرياتك كانت جد مؤلمة أذ ارتبطت بالتلويح بالعقاب ، وغرفة الفئران،
    وبمعلمات ومعلمين كالحي الوجوه ، متجهمين الملامح يلوحون بعصيهم تهديدا وإرهابا
    مما جعله يرتعد ويرجع في نهاية اليوم وفي وجدانه غصة تخنقه بالدموع، وفي سرواله كارثة.
    إن العلاقة الأولى التي تبنى بين الطفل والمدرسة بلا شك تترك ظلالها على شخصيته ، ولها علاقة
    وثيقة بحبه أو كرهه للمدرسة على طول سنوات دراسته.

    بمهارة سردية عالية وبوصف دقيق وضحت كيف أن الأطفال في مجتمعاتنا العربية يتعرضون للعنف والقسوة
    ممن يفترض أن يوفروا لهم الحماية ، في انتهاك واضح لحقوق الطفل.
    قصة عميقة ومعبرة وناقدة ، رائعة الفكرة والمدلول.
    دام الحرف ذهبياودام إبداعك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي