المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الفاتح
عجز عبد الملك بن مروان بما أوتي من دهاء , ان يجر الى صفوفه سيد التابعين , من جمع بين العلم والعبادة , والتقوى والورع , سعيد بن المسيب . رضي الله عنه .
قال سعيد : ( حججت اربعين حجة .. وما فاتني التكبيرة الاولى منذ خمسين سنة وما نظرت الى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة) ..
وهو القائل : ( ما اعزت العباد نفسها بمثل طاعة الله . ولا اهانت نفسها بمثل معصية الله )..
ان دهاء عبد الملك وشراكه لم توقع سعيدا فيها . وان وده .. وتذلــله لم تنطل على سعيدا لينال رضاه , وكلما التمس عبد الملك قربا او كسب ودا من سعيد كان الاعراض نصيبه , والانكار على افعاله حليفه .
( دعي الى نيف وثلاثين الفا لياخذها فقال : لاحاجة لي فيها ولا في بني مروان حتى القى الله فيحكم بني وبينهم ) .
مرت الايام .. فتقدم عبد الملك اليه يرجوا منه ان يزوج ابنته لابنه الوليد حين استخلفه , ولكن سعيدا يرفض , ويابى هذا القرب ! وينفر من هذه المصاهرة باباء وشمم , اباء العلماء وشمم الاتقياء ... غير مبال بما يجلب عليه هذا الرفض من باس وأذى . لانه قرب ومصاهرة لم يرد بها وجه الله والدار الاخرة , وعصمة النفس من الشهوات الفاسقة .
وامام هذا الرفض لابن امير المؤمنين فانه يزوج بنفسه طالب العلم في حلقته بمسجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أبا وداعة من ابنته الفقيهة العابدة .. واليكم الحادثة كما جائت عن الزوج الكريم ..
(قال ابو وداعة : كنت اجالس سعيد بن المسيب ففقدني اياما , فلما جئته قال : اين كنت ؟ قلت : توفيت اهلي فاشتغلت بها , فقال : هلا اخبرتنا فشهدناها , ولما اردت ان اقوم قال : هلا حدثت امراة عيرها . فقلت يرحمك الله , ومن يزوجني وما املك الا درهمين او ثلاثة ؟ قال : انا فعلت تفعل ؟ قال نعم . ثم حمد الله وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم وزوجني ( ابنته ) على درهمين ... وفي مساء ذلك اليوم واذا بالباب يقرع فقلت من هذا قال سعيد . ففكرت في كل انسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب , فانه لم ير منذ اربعين سنة الا ما بين بيته والمسجد , فقمت وفتحت . واذا بسعيد بن المسيب , فظننت انه بدا له _ اي ظهر له غير الذي رآه فجاء يعتذر _ فقلت فما تأمرني ؟ قال : رايتك رجلا عزبا قد تزوجت فكرهت ان تبيت الليلة وحدك , وهذه امراتك , فاذا هي قائمة خلفه في طوله ثم دفعها في الباب ورد الباب )..
هذا فعل سعيد مع احد افراد المسلمين , مع طالب علم , وذلك فعله مع حاكم المسلمين بسطوته وسلطانه , فتامل يا اخي .