أحدث المشاركات
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 23

الموضوع: تناقضات الحداثة العربية ( منقول )

  1. #11
    الصورة الرمزية د.جمال مرسي شاعر
    تاريخ التسجيل : Nov 2003
    الدولة : بلاد العرب أوطاني
    العمر : 67
    المشاركات : 6,096
    المواضيع : 368
    الردود : 6096
    المعدل اليومي : 0.82

    افتراضي

    أخي الفاضل عطية العمري
    بارك الله بك و شكرا على النقل المميز
    الحقيقة الموضوع يحتاج لقراءة أكثر من مرة و استيعابه من كل جوانبه
    و لكن دعني هنا أقول أن الحداثيين ( في العالم العربي ) أنفسهم بدأوا يعودون للأصالة لما رأوا إعراض العامة و ربما الخاصة أيضا عما يكتبون .

    الحداثة اراها شبيهة بالعولمة .. مع فوارق و لكني رأيث في كليهما شذوذ الفكر و جنوحه عن الصواب .و إن جادلت مهما جادلت فلهم حجتهم و أسيليبهم التي هي على باطل في معظمها فلله المشتكى .

    و مما يؤسف له أن اعلامنا العربي أصبح يفرد صفحات و قنوات لكل مستغرب شاذ الفكر و ينكر و ينفي وجود السواد الأعظم من المبدعين الملتزمين بأصالتهم و تاريخهم .

    سأظل إن شاء الله قريبا من هذا النقاش الذي سيشتد بكل تأكيد بعد عودة الأخوة بما يناسب ما قرؤوه

    شكرا لك و دمت بخير و سعادة

    أخوكم د. جمال
    البنفسج يرفض الذبول

  2. #12
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    جهد يشكر عليه الكاتب الفاضل عليه

    وكان ةلي سؤال لم استشف في بحثه القيم اجابة له

    هل الحداثة تفرض نفسها ام اننا نفرضها نظرا لواقعنا الحالى المحلى والعالمى الذى اصبح متبادلا ومقربا لبعضهم البعض نظرا لسهولة التقاء المعلومه وتطور الاعلام.


    فاقول
    في جميع قراءاتي لموضوعنا هذا , لم أعثر على اي باحث تطرق الى تناول متى بدأت المدرسة الحداثية بالعمل في وسطنا الثقافي
    وكنت مثلكم اتساءل ... ولا .... مجيب

    حتى اضطررت ان ابحث الامر ... شخصيا"

    فوجدت

    وقد أكون مخطئا"


    ان الحداثة هي رد فعل مباشر على احتقانات الاستعمار الذي صحونا ذات يوم معه واذا بالارض المقدسة صارت سليبة ( قدسنـــــــــا )
    واذا امراء المؤمنين قد صاروا عبيــــــــــــــــــــــ ــــــدا

    واذا نحن مخدوعين بالعنتريات واللافتات والامنيات الهزيلــــــــــــــة

    صحونا
    واستفاق المثقفون
    فمنهم من قضى نحبه غيضا"
    ومنهم من ينتظر
    ومنهم من هجر الارض الى بلاد الاغراب

    فكان لابد للخطاب العربي من ان يتلمس بصمته ورؤيته في تلك الاحداث الجسيمة
    فالذين هاجروا
    وقفوا بين نارين
    نار النكوص في بلادهم العربية
    ونار التفوق المتسارع في الطروحات الفكرية التي يطرحها الغرب ويتأولها

    والذين هم مصرون على البقاء فوق ترابنا الحزين
    ايضا"
    يتحرقون كيف يخاطبون منصتيهم
    بعقلهم هم
    ام بعقل ملؤه الامل يشحذ فيهم عصارة ومرارات الالم ...

    فكان ماكان

    وولدت

    الحداثة بمنطوقها ... العربي
    تبغي معالجة التقهقر الذي اشربت مفاصل هامة من الفضاء الثقافي للناطقين بالضاد جراءه
    التقهقر
    الذي صار الشغل الشاغل للمخلصين لانفسهم واوطانهم وقضايا مصيرهم


    \
    \
    \
    والله تعالى اعلم واحكم بالصواب

    دمت لي خير منصت
    ودمت لك اجدى مجيب .... ياصديقي

    ولي عودة لمناقشة كتاب
    جورج بلانديي هو أحد كبار المفكّرين الاجتماعيين الفرنسيين، الذين اختصوا برؤية عميقة حول قضايا التخلّف والتنمية والعالم الثالث. وقد أصدر المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بتونس ترجمة لكتابه «متحضرون على ما يقال»،

    حيث يتعمّق بلانديي في مفهوم الحداثة وأشكالها ومضامينها المختلفة


    محبتي
    الإنسان : موقف

  3. #13
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    شكراً جزيلاً أخي خليل على مشاركتك القيمة المثرية
    وأنا بانتظار الدراسة التي أشرت إليها
    كما أنني سأحاول البحث عما تساءلت عنه وهو مصدر الحداثة وجذورها الأولى وبداياتها في الوطن العربي
    وإن وجدتُ شيئاً سأقوم بعرضه تعميماً للفائدة
    دمت بألف خير

  4. #14
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2004
    العمر : 52
    المشاركات : 788
    المواضيع : 56
    الردود : 788
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    بارك الله فيكم أحبتي
    لنثري الفكرة بعد الروائع التي وضعها أخي عطية

    وأظن هناك بعض إجابات قد تفيد ما تفضل أخي خليل بتسليط الضوء عليه


    هنا يتحدث أنور الجندي :


    الحداثة :
    ليست دعوة مرحلية من دعوات التغريب في مجال الأدب ، ومن حيث تدخل في إطار السريالية والوجودية أو مذاهب الكلاسيكية والرومانسية والواقعية ، وإنما هي شيء أكبر من ذلك : إنها ثورة على الثوابت الإسلامية الأساسية عن طريقٍ خافت الضوء هو ( الشعر ) حتى لا تحدث ضجيجاً أو صياحاً يفسد عليها هدفها الذي تسير فيه حتى تصــــل إلى غايتها الخطيرة . وهي تقصد أساساً إلى محاربة القيم الإسلامية وإزاحة فكرة الأصول الثابتة ، بهدف تغليب طوابع التطور المطلق ، والتغيير المتوالى الذى لا يعترف أساســـــاً بالضوابط والحدود .


    ويرمي إلى فتح الطريق أمام حرية الإباحية ، وتمجيد العلاقة الجنسية ، والجرأة على أعلى القيم التي جاءت بها الأديان ، وذلك بتحطيم هذه الضوابط والحدود .
    فهي عند فحص كتابات الداعين لها ، وتعمق كتاباتهم ( وخاصة مانشر من أبحـــــاث مؤتمرهم الذي جمعت أبحاثه لتكشف عن أبعاد هذا المخطط الخطير ) يتبين أن وراء هــذه الدعوة خطة رسمت بدقة وذكاء ومكر في نفس الوقت ، قام عليها الحاقدون على كل شيء طيب كريم في دنيا الإسلام والعرب ، وقد تعاقدت مطامحهم إلى توجيه ضــــربة للصـــحـوة الإسلامية عن غير الطريق الذي يتوقع منه الضربات ، بل عن طريق مدخل ضيق قــــــد لا يلتفت إليه الكثيرون وهو ( الشعر ) .

    وقد جاءت حركة الشعر الحر - شعر التفعيلة - وغيرها منذ ظهورها مقدمة ومدخلاً لهذا العمل الخطير ، قام على رأس هذه المؤامرة شاب علوي ، خدعه النصراني ( أنطون سعادة ) زعيم الحزب القومي السوري ، وليحمل لواء الدعوة إلى ما أسماه ( فينــــــيقيا ) وتلقفته الجهات التي استثمرته لخطة عمل بعيدة المدى ( علي أحمد سعيد - أدونيــــس ) وقد أتاحت له تلك الجهات أن يحصل على الدكتوراه في الأدب العربي من معهد الدراســات الشرقية في الجامعة اليسوعية في بيروت ، برسالة عنوانها ( الثابت والمتحول : دراســـة في الاتباع والإبداع عند العرب ) حاول فيها أن يهدم صرح العربية الشامخ ، ويثـــــــبت أن أصحابه غير مبتكرين أو مبتدعين ، ويبرهن على أنهم لم يقدموا شيئاً للإنســـــــانية ، وفي وضع ( أيدلوجية ) دعوته إلى الحداثة التي خُدع بها عدد من الشباب العربي الذي عجــزت خلفياتهم عن أن تحميهم من السقوط في هذا المستنقع .











    دعاة الحداثة :

    دعاة الحداثة كانوا كما يقول ( الدكتور حمد عبد العظيم سعود ) من أقليات بعضها ربما كان متهماً في دينه ، وبعضها كان لا يحظى من الأغلبية بنظرة ارتيــــــــاح مطلقة ، أو أن هناك غالباً شيئاً عالقاً بالنفوس .

    ففي سورية كان ( علي أحمد سعيد ) الذي زين له أنطون ســـــعادة أن يغيـــر اســــمه إلى ( أدونيس) منتمياً إلى الحزب القومي السوري ، وهو حزب أعلن عداوته للإسلام والعروبة معاً ، إذ دعا إلى فينقة سورية ، ثم تحـــــــول أدونيـــــس بعد ذلك إلى مذهب اللا منتمي ، وأدونيس هو القائل : إن السبب فى العداء الذى يكنه العرب للإبداع - كل إبــــداع - هو أن الثقافة العربية بشكلها الموروث هي ثقافة ذات معنى ديني ) ويعــــرف الأستاذ ولسون في كتابه ( اللا منتمي ) هذا المصطلح بقوله :

    ( لا صلاح لهذا العــــالم المليء بالمتناقضات إلا بالثورة والغضب وعدم الانتماء إلى أية قيمة أخلاقية من القيـــــــــم الموروثة ؛ بل لا بد من مواجهة العالم بكل مشاعر الحقد والكراهية ) ويقول محمـــــــد الماغوط من زملاء أدونيس "على اللا منتمي أن يحس باللا جـــــــــدوى ؛ لأن هذا الوجــــود بلا موقف ، ولا دليل ، ولا مســـتقر ، ولا مرشد . فليس للا منتمي موقف إلا الإحســــــــــاس بالســأم ، ويتمني الموت والأنانية الفردية ورفض كل المعطيات الخارجية " .

    وفي لبنان كان هناك ( سعيد عقل ) الذي بايعه بعض النقاد والشعراء بإمارة الشعر ، وهو الذي خرج بعدها ليعلن أن اللغة العربية لا تفي بالتعبير عن المشاعر ، ولا بــــد من استبدالها باللغات ( اللهجات ) العامية وأن هناك مشكلة في كتابتها ، فليست كل أحرفهـــا منطوقة ، وبعض كلماتها ينقصها أحرف ، ولهذا كتب ديوانه ( يارا ) بلغة عربـــــــية في أحرف لا تينية وهو رجل ( حراس الأرز ) الذين جعلوا شعارهم قتل الغرباء ( أي قــــــتل المسلمين ) .

    وفي مصر كان الدكتور لويس عـــــوض ، وهو رجل كان يكرر في كل مناسبة أنه ليـــــس قومياً ، وأنه علماني ، وقد لعب هذا الرجـــــل دوراً خطيراً في الحياة الثقافية في مصر في الخمسينيات من هذا القرن العشرين ، حين كانت وسائل الإعلام كلها موجهة وتحت الرقابة الصارمة ، وكان هو المستشار الثقافي لجريدة الأهرام .

    وقد قام لويس عوض - بروح متعصبة - دون أي شاعر عمودي يبتغي طريقــه إلى وسائل الإعلام والنشر من إذاعة أو صحافة أو أي وسيلة أخرى إلى الجماهير ، كما يقول الدكتور طاهر أحمد مكي في كتابه "الشعر العربي المعاصر - دوافعه ومداخل لقراءته " : ( وأفسح المجال واسعاً عريضاً لكل من يكتب الشعر الحر ، وإذا نشر قصـــــــــيدة عمودية لشاعر عمودي مثل كامل الشناوي "مثلاً" نشرها موزعة الجمل على نحو يوحي بأنها من الشعر الحر ، وفي ظل هذه الحركة تحول شبان كثيرون لا يزالون شاردين في عالم الشعر - وكان يمكن أن يصبحوا شعراء عموديين ممتازين - إلى شعراء يكتبون كلاماً تافهــــاً في الشكل الجديد ، وأصبحوا كما يقول الشاعر أدونيس وهو ليس متهماً في شهادته هذه ؛ لأنه من دعاة الشعر الحر المتحمسين له "في الشعر الجديد اختلاط وفوضى وغرور تافه وشبـه أمية ، ومن الشعراء الجدد من يجهل حتى أبسط ما يتطلب الشعر من إدراك لأسرار اللغــــة والسيطرة عليها ، ومن لا يعرف من فن الشعر غير ترتيب التفاعيل في سياق مــــــــا ، إن الشعر الجديد مليء بالحواة والمهرجين " .

    كان هناك بدر شاكر السياب ، وعبد الوهاب البياتي ، وهما من أخلص دعاة الماركسية نشر السياب قصائده وكلها صيحات إنكار وحيره بل وثورة على الله ( جل في علاه ) .

    هذا أمر ، أما الأمر الآخر الذي يهدف إليه هذا التيار فقد كان واضحاً في تلك الرغبة المحمومة في إظهار الأحتقار للتراث الإسلامي العربي والزراية على الشعراء العرب القدامى المجددين ، ونعتهم بالصنعة والتكسب ، وإعلاء التراث اليوناني والروماني على ما فيه من وثنية .

    ويسخر أدونيس من حادثة الإسراء في قصيدة ( السماء الثامنة ) .

    ومعين بسيسو الماركسي يهزأ بالتراث وأعلام التاريخ ، ومن طريقة الإسناد في الحديث النبوي الشريف ويؤلف مقطوعة ساخرة ( حدثني وراق الكوفة / عن خمار البصرة / عن قاضٍ في بغداد عن سايس خيل السلطان / عن جاريةٍ / عن أحد الخصيان ) إلخ .. والحق أن الشعر الحر مترع بالدعوة إلى الإباحية على نحو لم يشهده الشعر العربي ، إلا عند بعض الشعراء الشواذ أو المنبوذين . والعجيب أن دعاة هذا اللون العجيب قد قفزوا في كثير من البلاد العربية إلى حيث التحكم في وسائل الإعلام ، حتى إنك تكاد تراهم يسيطرون سيطرة كاملة على هذه الوسائل في بعض بلدان العرب ، وفي هذا الجو الإرهابي أصبحت ترى شعراء عموديين يكتبون قصائدهم ، أو يعيدون كتابتها بعد تسطيرها وتبييضها وتقطيعها - إرضاء لهم وتقية - وقد ترجم كثير من تلك القصائد ؛ ليس لجودتها وإنما أولاً لسهولة ترجمتها لمستشرق شاذ ، أو لدوافع سياسية وعلل دينية .

    ونحن نرجح أنها حركة مقصودة أريد بها طعن اللغة العربية ؛ لغة القرآن والإسلام وعمادها ؛ توطئة للإجهاز عليها . وستبقى العربية والشعر العمودي ، وسيبقى من فوقها القرآن والإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ولن يصمد هذا المسمى بالشعر الحر طويلاً لأنه لا يعلق بالذاكرة ، أو يفرط في الرمزية المطرقة الجامحة والغموض والتلفيق ).

    وإذا ذهبنا نستعرض الدعاة إلى الحداثة نجدهم جميعاً من متعصبي الأديان الذين دأبوا على محاربة الإسلام واللغة العربية ، واتخذوا شعار الحداثة ستاراً ينفثون من تحته سمومهم ، ويظهر ذلك واضحاً في كتاب غالي شكري ( شعرنا الحديث إلى أين ؟ ) ومنهم أدونيس .

    والماركسيون أكبر أعداء الإسلام : بدر شاكر السياب والبياتي ودنقل ، وشعراء المجون ، وكان القس ( يوسف الخال ) قد رسم الخطة لهؤلاء وساقهم إليها وهو مبشر نصراني يقول : ( خاسر من يبيع ثلاثة ويشري واحداً ) . يقصد بالثلاثة عقيدة التثليث النصرانية والواحد هو عقيدة الإسلام .

    ومنهم أمير اسكندر ( نصراني ماركسي ) وجبرا إبراهيم ، وأسعد رزق ، ولويس عوض ، وخليل حاوي وتوفيق الصايغ ، وشوقي ابن سقا ، وميشال طراد ، وميشال سليمان ، وسعيد عقل ، وموريس عواد ، وكلهم نصارى ، ويقول الدكتور طاهر التونسي بعد هذا العرض : إنه حتى عندما انتسب إلى مدرستهم بعض من تسمى بالإسلام استعمل التعبيرات النصرانية ، ويبدو ذلك واضحاً في شعر بدر السياب الذي يدعي أن المسيح صلب وقد كذب وكذب أساتذته النصارى واليهود فما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ، ويذكر عن آدم وحواء القصة كلها كما روتها التوراة لا كما رواها القرآن .

    وقد أشار لويس عوض إلى أن صلاح عبد الصبور يقرأ الإنجيل بحماسة ، وأنه دخل دائرة الخلاص المسيحية . ونجد التركيز على التراث النصراني والمصطلحات النصرانية في شعره ، وله قصيدة ( حكاية قديمة ) عن المسيح وصلبه ، ونظم بعض أبيات من ( نشيد الإنشاد ) ونجد ذلك في معين بسيسو ونزار قباني :

    ( مصلوبة الشفتين ، الصليب الذهبي ) وعبد الوهاب البياتي ( في صليب الألم ) وأمـــــــل دنقل : ( العهد الآتى ) .












    أيدلوجية الحداثة
    أجمع الباحثون على أن ( الحداثة العربية ) هي ثورة متمردة على كل نظام وقاعدة وقانون ، وأنها ترمي إلى هدم الضوابط والحدود والقيم والقواعد التي قدمها المنهج الرباني إفساحاً للمنهج البشري : القائم على التحول الدائم ، ويرى بعضهم أنها ثورة اجتماعية هدامة ، تتخفى وراء نصوص الشعر والأدب لتحجب غايتها وحركتها ، ولذلك فإن دعاة الحداثة يهاجمون الثوابت التي قدمها الدين الحق في عنف شديد ، ويصفونها بالجمود والمحافظة والتحكمات . وقد وصفها الأستاذ محمد عبد الله مليباري بأنها باطنية جديدة تحاول غزو مبادئنا وقيمنا ؛ بدءاً من الشعر وانتهاء بالعقيدة الإسلامية ، وأن المسألة ليست أن يكون الشعر عمودياً أو غير عمودي ، أو تفعيلياً أو نثرياً ، ولكنها أكبر من ذلك ، إنها محاولة هدم في :










    1- قضايا العصر : السياسية والإجتماعية والاقتصادية ، وما يتصل بها من تحرير وحرية وعدالة .

    2- وقضايا العصر التعليمية والعلمية والفنية ، وما يترتب عليها من مشكلات .

    3- وقضايا العصر الأدبية والفنية ، وما تستحدثه من أجناس ومدارس واتجاهات .

    ويمكن القول إن هذه المؤامرة قد وضعت قواعدها على أساس حركة الزندقة القديمة ، وجماعة المجّان الذين كان على قيادتهم ( الشاعر أبو نواس ) الذي كان حاقداً علــــى الإسلام ، والذي جندته قوى الباطنية والمجوسية والقرامطة ليهدم عن طريق الشعر جميع مقومات الثبات الإسلامي في البيئة العباسية ، وقد أعانه على ذلك مجموعة من الزنادقة والشعوبيين الذين تركوا تراثاً مسموماً استطاع المستشرقون إحياءه عن طريق شعوبي جديد يحمل في أعماقه جميع أحقاد المجوسية والباطنية .
















    وقد وضع أدونيس نظرية الحداثة على جملة أصول :


    1- نظرية التطوير المطلق التي نقلها من فكر هيجل في دعوته إلى إلغاء الثوابت ، وهي نقيض نظرية أرسطو . وقد اصطنعتها القوى الصهيونية والماسونية لإحياء الفكر التلمودي وخلق نظرية تقول بأنه ليس هناك شيء ثابت أصلاً ، وأن كل شيء متطور ، وذلك لهدم ثبات الأديان والأخلاق والقيم . ويرون أن الإنسان هو محور العالم .

    2- إحياء الوثنيات القديمة ، فقد كشفت رسالة أدونيس عن تقديره الوافر لفكر أبي نواس واهتمامه بفكر الملاحدة وأصحاب نظرية وحدة الوجود والحلول والاتحاد وإعادة إحيائها من جديد وهي الخطة التي وضع قواعدها المستشرق لويس ماسنيون .

    3- تحطيم عمود اللغة العربية ، وهدف تحطيم الفصحى لغة القرآن هدف قديم وقد شارك فيه منذ بدأت حركة التعريب والغزو الثقافي ( ويلكوكس - لطفي السيد - سلامة موسى ، سعيد عقل - إلخ ) أملاً من هؤلاء الدعاة بأن تحطيم اللغة العربية سيحولها إلى المتحف ويفسح الطريق أمام تفرق الوحدة القرآنية الإسلامية الجامعة .

    4- تحطيم عمود الشعر وذلك إيماناً منهم بأن عمود الشعر هو القاعدة الأساسية للأدب والبيان العربي بعد القرآن والسنة ، ومن هنا جاءت الحملة على الخليل بن أحمد وعلى كل الشعراء الملتزمين للنظم العربي الأصيل .

    5- مهاجمة منهج الثبات والقيم ، وإطلاق اسم السلفية عليه ، والسلفية هنا تعني المعتقد الديني ، فالحداثة ترى أن الأفكار الباطنية والصوفية تحول من الثبات الديني بل تعتبر هذا التحول منطلقاً تاريخياً للحداثة العربية .

    6- تغليب مفاهيم السريالية ( النظرة التي لا يحكمها العقل ) أو ما يسمى فوق الواقع ، وقوامها احتقار التراكيب العقلية والروابط المنطقية المعروفة والقواعد الأخلاقية والجمالية المالوفة والاعتماد على اللا شعور واللا معقول ، والرؤى والأحلام والحالات النفسية المرضية ، ولا سيما حالات التحلل النفسي ، ويعنون بالرغبات الجامحة .

    7- تغليب طوابع الجنس والإباحة استمداداً من مفهوم الإغريق وعبادة الجسد وإباحيات الوجودية التي دعا إليها سارتر ، ونظرية التحليل النفسي الذي يعتمد الجنس التي دعا إليها فرويد ، ونظرية العلوم الاجتماعية التي دعا إليها دوركايم ؛ وفتح أبواب المجون والجنس والإباحة والتحلل الاجتماعي .

    8- على أن يدور ذلك كله في إطار ( التاريخانية ) وهي الحتمية التاريخية لماركس فالمنهج الماركسي التاريخي هو الأساس الأيدلوجي للحداثة .

    وقد عمد أدونيس - في سبيل صياغة هذه النظرية التي قدمها له شيخ المنظرين القس يوسف الخال - إلى استقطاب خيوط من التاريخ لتكون أدلة واضحة وأضواء كاشفة على الطريق ، وذلك بالاعتماد أساساً على الفكر الباطني الفلسفي والاهتمام برموزه ومحاولة ربط الخطوات بتطور الشعر الحديث وبالمرحلة الأخيرة منه ( قصيدة النثر وشعر التفعيلة ) واختيار الحاقدين الجدد على نسق الحاقدين القدامى : أبي نواس ومهيار الديلمي واعتماد الحركات التمردية الهدامة للمختار الثقفي والقرامطة . وقد خطا دعاة ( الحداثة ) خطوة متقدمة على مفهوم العصرية من ناحية والشعر الحر من ناحية أخرى .

    فالشعر الحر تقليد لشعر ( والت ويتمان ) أما شعر الحداثة فهو متابعة للشاعر الصليبي توماس اليوت ، ويرى دعاة الحداثة أن الشعر الحر هو التيار ( السلفي ) الجديد بالنسبة لشعر الحداثة .

    أما توماس إليوت فهو زعيم هذه المدرسة في الغرب ، خليفة دانتي الذي يحمل الحقد الصليبي الأعمى . يقول الدكتور عبد الله الطيب : لقد حذف اليوت في منظومته ( الأرض المقفرة ) اللفظ الدال على العرب واستبدله بكنيسة ماغنس ، وردد أشياء من التوراة والإنجيل . ويرجع هذا إلى الشعور الصليبي الموروث الصادر عن تعصب ديني أو عنصري إذ لا يخفى أن ظلال جزيرة العرب لا تخلو من معنى ظلال سيوف محمد وصلاح الدين والإسلام والجهاد .

    فهو يرجع إلى الشعور الصليبي الموروث والتعصب الديني أو العنصري ومرده الزهو والغرور والاعتداء بالانتماء إلى حضارة اليونان والرومان .

    ولا ريب أن كتمانه سرقة المعلومات وشعر العرب عن طريق مستشرقي الهند وفرنسا وحذفه اسم العرب وأسماء من أشاروا إليهم ، كل هذا يؤكد الشك في أصالة إليوت في منظومته ( الأرض المقفرة ) ويؤكد فساد وجهة الذين تابعوه من دعاة الشعر الحر والحداثة .
    طلب العلم فريضة .

  5. #15
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2004
    العمر : 52
    المشاركات : 788
    المواضيع : 56
    الردود : 788
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الحشاشية هي الجذور

    ويحاول أدونيس ودعاة الحداثة أن يردوا فكرتهم إلى القديم ؛ وهم صادقون في ارتباطهم بالحشاشين والباطنية والمجوسية المتنامية في القرامطة ، ويتحدثون عن جذورهم في أبي نواس وأبي تمام والرازي وابن الرواندي ، على أساس أن الخاصية الرئيسية التي تميز هذا النتاج هي إذابة التقليد والمحاكاة ورفض النسج على منوال الأقدمين . ويركز أدونيس في كتابه ( الثابت والمتحول ) على الحركة القرمطية .









    الحداثة وخلفياتها الأيدلوجية

    تهدف الحداثة إلى تجاوز القواعد الأساسية للإسلام : قواعد الثوابت هي بمثابة الضوابط والحدود التي تحفظ شخصية الفرد والوجود الاجتماعي ، وهي تحاول أن تخدع الناس بأن هولاء الرواد والرموز السابقين قد حطموا هذا القيد وتجاوزوه ، وأن هذه المحاولة هي التي مكنتهم من الإبداع وهم يدعون بأن الحداثة هي الثورة الدافعة لتجاوز التاخر والجمود والارتقاء إلى منطلق العصر .

    وترد ذلك كله إلى ( التاريخانية ) " الماركسية " كمدخل للحداثة ، وترى أن هؤلاء الرواد يركزون على ( فكر التجاوز ) وأنه مصدر الإبداع ، وأن هذا التجاوز لا يتوقف فهو في حركة دائمة .

    هذا هو مفهوم ( الثابت والمتحول ) وهذا يرمي إلى زعزعة فكرة النموذج أو الأصل ، أي أن الكمال لم يعد موجوداً خارج التاريخ ، وأصبح الكمال - بمعنى آخر - كامنًا في حركة الإبداع المستمرة .

    هذه المحاولة كاذبة ومضللة ومحكوم عليها بالسقوط لأنها لا تقوم على أساس من الفطرة أو العلم أو الحق أو المنطق ، وإنما هي نوع من التمويه الكاذب والخداع المضلل ، لأن كل هؤلاء الذين اعتمد عليهم مفهوم الحداثة من رموز قديمة قد سقطوا فعلاً وداستهم الأقدام ، ولم يدخلوا التاريخ إلا في باب الشعوبيين والباطنيين وأعداء الإنسانية ، ولقد هزموا فكرياً في عصرهم وذهب كل ما قالوه من أكاذيب وادعاءات ، حتى جاء الاستشراق والغزو الفكري ليعيدهم إلى الحياة مرة أخرى .

    وهي محاولة محكوم عليها بالانتهاء والدمار ، كالمحاولات الأخرى التي سبقتها ، ولن تجدي هؤلاء الدعاة الجدد نفعاً لأنها لا تقوم عندهم من منطلق أمين أو من منطلق غيرة على هذه الأمة أو رغبة في السمو بها ولكن من منطلق حقد وكراهية وهزيمة والمهزوم يعمل دائماً على كسب المهزومين إلى صفة ليحس بأنه ليس منبوذاً ، ولقد كان دعاة الشعوبية والباطنية مهزومين منعزلين ، شأنهم شأن أبي نواس وبشار في القديم حيث كان يتحاشاهم الناس ، وإذا كان قد أتيح لهم عن طريق " أحد غلمان التعريب والشعوبية " أن يذيع لهم فكرهم على هذا النطاق الواسع فإنها ليست إلا صيحة مضللة قد أغمدت الأقلام الإسلامية فيها خناجرها .

    إن ( دعاة الحداثة ) هؤلاء إنما يدعون إلى توهين السلطة المطلقة - وهي الدين - والنيل من السيد الأعظم ( الله تبارك وتعالى ، علا وجل عن كلماتهم المسمومة ) ولن يتحقق يوماً أن تغلب الفئة الباطلة على النظام الرباني القائم في حكمه وقواعده وأي أصل من أصوله مهما تجمع لهذا دعاة الشعوبية والباطنية . ويرمي أدونيس إلى إلغاء كل قديم باعتبار أنه لاشيء في الوجود اسمه قديم ويهدف من ذلك الغاء فهمنا للقرآن الكريم وأنه كلام الله القديم .

    والحرية عند الحداثيين هي التحلل من كل قيد ديني أو اجتماعي أو نظامي أو قانوني . وهم عندما يسمون الحداثة ( الثورة المتجهة لتجاوز السلفية ) يقصدون تجاوز قيم الدين والأخلاق ، وحين يدعون إلى حرية اللغة يقصدون الخروج باللغة عن سياقها ومضمونها وتحررها من إطارها التاريخي والبلاغي المرتبط بالبيان العربي والقرآن الكريم .

    ويؤرخ أدونيس للحداثة بالدعوات التي خرجت على الإسلام ( المختار الثقفي والزنج والقرامطة ) ، ويرى أنها قامت بالتحرر من الثبات ، وكذلك دعوات الزنادقة ( في الشعر ) من الثبات ، والإباحية ودعاة وحدة الوجود والحلول والاشراق .










    وبالجملة فإن الحداثة ( أيدلوجية مناهضة ) للإسلام الدين الحق والأخلاق وهي تقوم على الغموض في فهم النص ، وتفسيره تفسيراً مختلفاً ( لأن الشاعر ليس مطلوباً منه أن يفهم ما يكتبه ) ودعواهم الباطلة أنهم يتشبهون بتعابير القرآن متناسين أن لمفسر القرآن شروطاً لا بد أن تتوفر فيه .

    وهم حين ينكرون العمودية في الشعر أو ينكرون التقييد بالوزن والقافية إنما ينطلقون من مفهوم الحداثة القائم على التمرد والثورة على كل قيد عقدي أو فني " كما تمرد أبو نواس وصوفية وحدة الوجود والحلاج ونظرية الحاكم بأمر الله " .

    وقد استعمل الحداثيون نفس الألفاظ التي استعملها الباطنية سواء في الغرب ( نيتشه وفرويد ) أو في الشرق ( الباطنية والحلوليين ) .









    ويرد أدونيس مفاهيمه إلى أصولها :


    ( السريالية قادتني إلى الصوفية وتأثرت بها أولاً ولكني اكتشفت أنها موجودة بشكل طبيعي في التصوف العربي ( يقصد التصوف الفلسفي ) وتأثرت بالماركسية ونيتشه من حيث القول بفكرة التجاوز والتخطي وتأثرت أيضا بأبي تمام وأبي نواس من حيث فهــــم اللغة ، ولم تكن تورة المختار الثقفى والثورات القرمطية وثورة الزنج إلا توكيداً للقاعدة الماديــة ( الأرض - الاقتصاد - علاقات الإنتاج ) ومن هنا نعرف أن حداثة أدونيس هي تلفيق من فكر الباطنية والملاحدة والإباحينن في الشرق والغرب وأنها تستهدف ( ثوابت الإسلام ) والإيمان بالغيب وتقوم على أسس ثلاثة :













    1- عدم الانتماء لأي قيم أو منهج .

    2- التمرد على كل الثوابت وفي مقدمتها الدين والأخلاق .

    3- استعمال قواعد اللغة استعمالاً مغلوطاً .

    4- بناء الصور الشعرية على أنقاض الأساطير القديمة .









    مصطلح المطلق

    وأخطر ما يركز عليه دعاة الباطنية الحديثة ( الحداثة ) هو ما يســمونه ( المطلق ) وهو الله تبارك وتعالى . وما من واحد من هؤلاء إلا وله في هذا المجال شعر رديء مليء بالإلحاد والفجور والله تبارك وتعالى أعلى وأجل عما يقولون . وهذا يكشف عن أن الهدف الحقيقي هو الثورة على العقيدة والألوهية والجذور الأصيلة للتكوين الاجتماعي وعلى كل ماهو متعارف ومقعد ومنظم ومتقن حتى القواعد اللغوية .










    ومهاجمة النص المقدس عملية واضحة وأساسية في دعوتهم :

    يقول كمال أبو ديب : ( من الدال جداً على أن النص المقدس في جميع الثقافات التي نعرفها هو نص قديم فليس هناك من نص مقدس حديث والحــــداثة بهذا المعنى هي ظاهــــــــرة اللا قداسة ) .

    وهو يقصد بالنص المقدس القرآن والأحاديث النبوية وكل كتاب ديني تقدسه الأديان ، ويقول : ( لأنه لا سبيل لأن يكون الأدب حديثاً إلا إذا رفض كل نص مقدس وأصبح نقيضاً لكل ما هو مقدس حتى العبادة ) .

    فالدعوة إلى تدمير القداسة . هي هدف أساسي في دعوة الحداثة ، وهي لاتقف عند ذلك بل تدعو إلى مقارفة الخطيئة بدعوى رفض كل قيد على الحرية الإنسانية ، ومن دعواهم إلغاء الخطيئة وبكارة الإنسان وإحراق التراث . وإلغاء الخطيئة يعني أنه لا خطيئة في الحيـــــاة ( الزنى ، الربا ، السرقة ، العقوق .. إلخ ) فيقولون : كلمة الخطيئة : يجب أن تشطب من قواميس اللغات .

    والدعوة إلى العصيان المعلن قاعدة أخرى ، متمثلين بقول ( أبي نواس ) :

    فإن قالوا حرامٌ قل حرامٌ .. ولكن اللذاذة في الحرامِ .

    وقد أعلن أدونيس في كتابه ( الثابت والمتحول ) أنه يرمي إلى تحول يزلزل القيم الموروثة من دينية واجتماعية وأخلاقية ، تحول في الثقافة التي يبثها الإسلام بقيمه الدينية ، ونحن نقول له هيهات فقد كان غيرك من الزنادقة أقدر ، والمعروف أن الأب بولس نويا اليسوعي هو الذي قدم منهجه ووصفه بأنه ( شاعر التحول المستمر ) .

    وقد ركز على عبارة أدونيس ( نفسي تجردت من الماضي وقيمه كلها بما فيها القيم الدينية والخلقية ) . وعلق الأب بولس على ذلك فقال : " لقد انتهيت إلى نتيجة هي أن الرؤيا الدينية هي السبيل الأصلي في تغلب المنحى الثبوتي على المنحى التحولي في الشعر ، إن النظام الشامل الذي خلفه الدين ( يقصد الإسلام ) ، كان هو العامل الأساسي الذي جعل المجتمع العربي في القرون الثلاثة الأولى يفضل القديم على الحديث بحيث إنه وضع القديم في مجال الكمال واعتبر كل جديد خروجاً على المثال الكامل " .

    وهكذا نرى كيف تتضافر قوى كثيرة على تأييد هذا المذهب وتشوه صفحات التاريخ الإسلامي ، وترى أن ثلة من الزنادقة ظهروا في القرن الثالث وداستهم الأقدام ، كانوا عوامل تجديد وحداثة كاذبة بدعوى أنهم تجاوزوا الثوابت واجترؤوا على الحقائق الإسلامية .











    وهكذا كانت دعوة الحداثة : التحول هو المنطلق : وإن التجرد من كل الموروثات التي نمت مع نمو تاريخنا الإسلامي هو أساس المواجهة ، ومن العجيب أن أدونيس وثلته كانوا من المتجردين من موروثاتهم وأوساطهم وأسرهم وعقائدهم التي نشؤوا عليها وتنكروا لما غذتهم به أمهاتهم وآباؤهم من إيمان . وهكذا يدعو هؤلاء الخارجون على أمتهم ، يدعون الناس إلى خروج مثل خروجهم . إن هؤلاء ينكرون مفهوم الإسلام الجامع بين ( الثوابت والمتغيرات ) ويلجؤون إلى مفهوم الغرب الذي كان يؤمن بالثوابت وحدها ، وقد دفع هذا بعض المفكرين إلى تحطيم الثبات ، بالدعوة إلى ( التغيير المطلق ) ولكن هذه الدعوة لا تصلح في أفق الفكر الإسلامي لأنه لا حاجة له بها ، ( لما جاء الإسلام أرسى قواعد الثبات ونظم وسائل التحول والتغيير والتطور من داخل الثوابت الأساسية القائمة على الخلق والمسؤولية الفردية والإيمان بالبعث والجزاء ومن هنا وقف الإسلام أمام كل دعوة باطلة ترمي تحت اسم التحول إلى القضاء على الثوابت أو هزها أو النيل منها ) .

    وتلك سنة الله في خلقه وناموسه في قيام الأمم والحضارات وتحولها وسقوطها . وكل الدعوات التي حاولت أن تنال من الثوابت الإسلامية ، كالبابية ، والبهائية ، والقاديانية والقرمطية فقد تحطمت لأنها مخالفة لمنهج الله وستذهب ( الحداثة ) وتدوسها الأقدام قبل أن يعرف دعاتها من أين أتتهم الجائحة ( فأتاهم الله من حيث لم يحتســـــــــبوا ) الحشر : 2 . مهما بلغ ارتفاع اسمهم فهو إلى انحسار ومهما انتشر فكرهم فهو إلى زوال .





    ومقطع الرأي في ( الحداثة ) أنها
    أولاً : ردة إلى طفولة البشرية وهجوم مستتر على الفصحى لغة القرآن بهدف تدمير منظومة البيان العربي التي عرفها العالم منذ أربعة عشر قرناً والمنسابة في جيمع كتابات العلماء والمؤرخين والفقهاء والتي تقوم على فقه اللغة والبيان والتحقيق التاريخي الذي استمده المسلمون من علم الحديث النبوي .

    ثانياً : تهدف إلى تقويض المنزع الحقيقي للأدب العربي المرتبط بالقرآن الكــــــريم والســنة ، كما تنزع إلى إغراقنا في مذاهب تجريدية والرموز والدادائية والسريالية .

    وقد وصفه الدكتور مصطفى بدوي بأن ( الفن الذي استجاب لما حل بأوروبا من اضطراب شامل وكان نتيجة لانعدام اليقين والتجديد المعلن ، إنه الفن الوحيد الذي يصلح لانهيار العقل ولما صارت المدنية إليه من دمار إبان الحرب العالمية الأولى ، إنه في المجون والترف : دارون وماركس وفرويد ، جاء بعد القضاء على الحقائق العامة المشتركة وعلى أفكارنا التقليدية عن العلية ، وبعد اندثار الآراء المتوارثة عن وحدة الشخصية الفردية فأين نحن العرب من هذه الأشياء ؟!

    إن ( المودرنزم ) حركة أوروبية ليست مقصورة على دولة واحدة من دول الغرب ، وهي شديدة الصلة بتأريخ أوروبا السياسي ومرتبطة بفقدان الإيمان الديني وهي تطوير للرومانتيكية والرمزية والواقعية بل ظهر ما يسمى بما ( بعد المودرنزم ) .

    وهذا يختلف تماماً عن طوابع الأدب العربي العميقة الصلة بالقيم الأساسية من الدين والأخلاق .

    وإذا كانت هذه الدعوة المدعاة قد وجدت من بعض القوى ما يفتح لها الطريق ، فإن هذا البريق الهلامي سوف لا يثبت تحت ضوء الشمس ، وقد انهزم شعراء الحداثة في المواجهة ، وتراجعوا في أكثر من موقع ، وحاولوا أن يغيروا خططهم . وقالوا إن شعر الحداثة يقرأ ولا يلقى ، وعجز أصحاب الحداثة عن بيان ما في نفوسهم فادعوا أنهم طلاب غموض ، وقد رفضهم المثقفون ، واتهموهم وانقطعت الجسور بينهم وبين الأدب الأصيل .

    إن هذه الدعوة وافدة وليست لها جذور ، وهي كالنبت الغريب الذي يوضع في الأرض فلا ينبت ، وقد رفض الجسم الإسلامي العضو الغريب في محاولات كثيرة سابقة ، وفي هذه المحاولة يرفض بحسم التغريب ويرفض ما وراءه من أهواء ومن أهداف ومطامح ، لم تعد خافية على أحد .



    منار الإسلام

    ربيع الأول 1406هـ

  6. #16
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    بارك الله فيكم جميعاً وهذا الموضوع من الأهمية بمكان وكنت قد قرأت بحثاً شاملاً قام به الدكتور حسام في مكانٍ آخر وكان بحثاً رائعاً سأحاول البحث عنه وضمه إلى هذه الدراسة أو افراده في مشاركة جديدة فنحن الآن بأمس الحاجة لمثل هذا البحث
    أختكم
    بنت البحر
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  7. #17
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    الأخ العزيز عطية العمري :
    أشكرك على نقل هذه الدراسة الجادة وأشكر الزملاء الذين أدلوا بدلائهم حولها .
    بعيدا عن نظرية المؤامرة ودور الحداثة و الحداثويين في محاولة هدم الموروث الثقافي و الديني الشريف فإنني أود التأكيد على ما يأتي :
    - علينا أولا أن ننقد أنفسنا ونتبين مظاهر عجزنا و تخلفنا قبل أن نلوم الأعداء الأغراب منهم و الأعراب فنحن إبان الحكم العثماني مررنا بردّة أدبية فنية جعلتنا نطلق عليها ( عصر الانحطاط ) و الذي حدث أننا أفقنا فجأة على وقع طبول الحداثة التي استوردها لنا المهاجرون الأوائل ( رفاعة الطهطاوي و فارس الشدياق و أبناء اليازجي ) ومن بعدهم أطل علينا أعضاء الرابطة القلمية ( جبران و ميخائيل نعيمة و إيليا أبو ماضي و سواهم ) بتجاربهم الجديدة المنقولة عن الغرب وهكذا رغبنا في مسايرة التطور عبر الترجمة الحرفية للمذاهب الأدبية و النتاجات النابعة من بيئات غربية فقفزنا قفزة نوعية أحدثت شرخا و انفصاما حادا بين ما اعتدنا عليه من تراث الأجداد و ما وفد إلينا من نتاج الرواد ولم يعد بمقدورنا العودة إلى الوراء لهضم التجارب و المدارس رويدا رويدا فصرنا نلهث وراء التقليد بدعوى أنه تجديد فلا إلى الأصول عدنا و لا إلى الحديث انقدنا وما زلنا حتى اليوم و سنظل مستقبلا نجتر أنفسنا و هزائمنا لا لشيء إلا لأننا قفزنا في المجهول و لم نصعد سلم التطور درجة درجة و لم نبتدع مدارسنا الأدبية من واقعنا و تراثنا و عاداتنا و تقاليدنا بل استوردناها معلّبة جاهزة من جملة ما نستورد .
    - الحداثة ببساطة هي ضد القديم وهي مطلوبة و ضرورية إن كان المقصود بها التجديد في الأدب و الشعر و كل مناحي الحياة فليس عيبا أن تتجدد الصور الشعرية و الموضوعات و الاستعارات و التشبيهات بما يتناسب و روح العصر و الواقع الراهن و ليس عيبا أن نجدد في شكل القصيدة طالما أن المضمون ملائم لعقيدتنا السمحاء و أخلاقنا العربية الأصيلة و عاداتنا و تقاليدنا .
    - لقد استورد الغرب منا علومنا و ثقافتنا و فكرنا يوم كانت شمس العرب تطل على الغرب و فرح الغربيون كثيرا بذلك التجديد و التحديث و هضموه و بنوا عليه محافظين على ثقافتهم و عاداتهم و تقاليدهم و أنتجوا للعالم حضارة ماثلة للعيان و علينا اليوم أن نأخذ عنهم كل جديد و حديث و أن نطعّمه بثقافتنا و مبادئنا و مثلنا العليا و أن نساير الركب و التطور .
    - الطبيعة تكره الفراغ و نحن بتخلفنا و انحطاطنا أوجدنا فراغا ملأه الغرب القوي بثقافته و فكره و عاداته و تقاليده و علينا بدل تشخيص المشخص و تحليل المحلل أن نتدارس الأمر و نتدارك الخطر و نعقد المؤتمرات الفكرية و الأدبية للنهوض بواقعنا و لاحتلال مركزنا بين الأمم .
    - ربما كان الأدباء اللادينيون يتحملون مسؤولية كبيرة في تحميل الحداثة ما لا تحتمل و جعلها معول هدم للتراث و الدين و لكن الحداثة ليست مسؤولة عن هذه الجريمة بدليل أن هناك العشرات من شعراء الحداثة ( شعر التفعيلة و قصيدة النثر ) قد حافظوا على المضمون الديني و الأخلاقي و على المبادئ و المثل العليا و ناضلوا في سبيل القضايا العادلة وطنيا و قوميا و إنسانيا .
    - هناك العديد من الشعراء الذين رفضوا قصيدة النثر و حافظوا على الشعر العمودي و مع ذلك جددوا في الأفكار و الصور بما يتلاءم و روح العصر فكانت أشعارهم في القمة السامقة و منهم : سعيد عقل وهدى ميقاتي و محمود نون و هم بذلك يعتبرون محدثين مجددين تماما كما اعتبر أبوتمام مجددا في عصره و زمانه .
    الأدب ابن بيئته و بيئتنا تعاني اليوم التخلف والانحطاط والتغريب و التخبط و الاحتواء وسيظل الأدب يعاني ريثما نقف على أرجلنا و ننجح في المواجهة و نلتقط أنفاسنا ونشرع في التخطيط والبرمجة للحاضر و المستقبل ونخطو خطوات ثابتة نحو إثبات ذواتنا وبعدها سنجد أدبنا نابعا من ذاتنا مرآة لمجتمعنا و لسوف نكون محصنين ضد الاحتواء و الابتلاع و العولمة و غيرها مما سيستجد من مصطلحات .
    دمتم جميعا في خير و عطاء .

  8. #18
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    قبل أن أهضم كل الكلام الذي أورده استاذنا الفاضل _ المازني _ جعله الله لي أنا شخصيا" ذخرا" وخميرة لعصارة القيم الاصيلة ... ولي معه وقفات عديدة
    وربما اعتراضات التلميذ على استاذه
    وسأكتبها تفصيلا" لعل الله يشرح صدورنا لنصل الى توفيقه كي نرى الحق حقا" ... أجمعين
    فلك مني استاذنا أعطر التحيات وأصدق الدعوات بان يجزيك ربي خير الجزاء
    اقول


    اولا"
    كلام الاخ سعيد ابو نعيسة – رعاه الله –
    أوافقه فيه كلمة كلمة وحرف حرف سوى أني أبغي ان اقول
    أنه أعتبر مصطلح الانحطاط وقد حدد زمنه ابان الحكم العثماني
    وهذا كلام لااجده منصفا
    يقول
    (( فنحن إبان الحكم العثماني مررنا بردّة أدبية فنية جعلتنا نطلق عليها ( عصر الانحطاط ((
    وقبل تحديد الزمن أجدني ملزم بتحديد مضمون ( الانحطاط ) الذي اورده
    أقول وبالله أستعين :
    أورد الدكتوربكري شيخ امين في مقدمة كتابه ( مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني ) مايلي :
    يخيل الينا انه ما من عصر من عصورنا الادبية اصابه من الظلم في الاحكام والاهمال في الدراسات ما اصاب هذا العصر وناله ، واكثر من هذا ، اعتقادنا الجازم ان هناك عملية خفية تهدف الى صرف الباحثين عن دراسة هذه الحقبة والاكتفاء بحكم سريع ظالم عليها
    ثم هاهو يصف العلة بانه عصر وقف فيه الشعراء مدافعين ضد اعداء الامة ويقول
    ويلوح لنا ان مادفع بعض الباحثين الى وصم العصر كله ب ( الانحطاط ) ليس مرده مافي الشعر والنثر من محسنات وزخرفات لفظية او غير لفظية ولا الى قلة مافيهما من معان وفكر وماء ورواء( ويضرب مثلين لتوضيح السبب
    1\
    لقلبي حبيب مليح ظريف .... بديع جميل رشيق لطيف
    وبطريقة تبادل مفردات هذا البيت وتقديمها وتاخيرها يمكن صنع اربعين الفا" وثلاثمائة وعشرين بيتا" اكرر ( 4320 ) بيت وانتم خبراء بما تعني طريق التبادل

    2\
    بابلو بيكاسو
    زعيم الرسامين المعاصرين السرياليين جاء بقطعة قماش بيضاء وقربها من ذنب حمار مربوط بعد صبغ ذنبه بالوان مختلفة واغراه بتحريك ذنبه وماهي الا دقائق حتى ارتسمت على القماش خطوط ... طبيعي لامعنى لها
    جعل لها بيكاسو أطارا" ووقع في احدى وزاياها وسماها ( طحالب الصبايا )
    في اليوم التالي اصطف النقاد يدرسونها ويستنبطون منها روائع الابداع والصحف تنقل اقوالهم ومن لغة الى لغة واخيرا" بيعت بثلاثمائة وخمسين الف جنيه انكليزي
    يقول الدكتور بكري
    هذان مثلان ان لم يكونا متطابقين فهما على الاقل متقاربان
    أذ الاول يحمل في طواياه صورة من صور العبث في طريقة تبادل مفردات البيت الشعري والثاني عبث واستهزاء بالناس حيث نقاد الفن ينظرون بعيون غيرهم او يبصرون بآذانهم
    العجيب
    تشابه المثلان في المظهر واختلفا في الحكم
    البيت المولد لاربعة الاف بيت ... انحطاط
    وطحالب الصبايا ابداع بل ومعجزة العصر
    هل هناك أخلاص أذن للحقيقة ؟
    ثم يواصل الدكتور بكري القول
    لسنا نقول ان ادب العصر المملوكي والعثماني أدب ازدهار انما نريد ان نكون منصفين عادلين نصف القوي بالقوة والضعيف بالضعف ونعطي كل ذي حق حقه
    كذلك
    فليس جميع الاقطار العربية والاسلامية كانت في هذين العصرين على حد سواء في مستوى التعبير والتفكير بل ان الحكم ليختلف من بلد لاخر ومن شاعر لاخر
    انتهى كلامه ( أسعده الله )
    وهنا اود التركيز سادتي على بضع نقاط
    1\
    ينبغي التفريق بين عصر انحطاط سياسي مرت به الامة
    وبين ظهور شاعر يحمل قيم انحطاط
    2\
    من يشعر فيصور بدقة ماتبصره العيون ليس بالضرورة هو نفسه من يشعر ويركب ابيات شعره بحركات تراكيبية وتفكيكية ليخلق لنا اربعة الاف بيت من ذات الكلمات
    فالمسافة بين التفكير والتعبير هي من يحدد قيمة وتألق حس الشاعر
    فقد يكون مابينهما لشاعر يضع لنا في قصيدة واحدة مئات الابيات ولكنه يغفل انه باعد بين الفكر والشعر بعد المشرقين
    وربما اختصر لنا احد المبدعين رؤية تصلح ان تكون شعارمرحلة وابياته لم تتجاوز في عددها اصابع اليد ...وهنا سأضع متن وشعار الواحة الثقافية المباركة وسيدها سمير ونجومه الزاهرات من شعراء الواحة وقد تبنوا ( الفكر قبل الشعر ) موضع الاجلال في الابداع أذن
    3\
    ينبغي التفريق بين تطرف شاعر ما في لحظة من لحظات شعوره وبين تمرد شاعر على المألوف طوال مسيرته الشعرية
    وأيضا" التفريق بين الخروج عن الثوابت الادبية وبين الخروج عن المرجعية المقدسة
    فلايمكن ان نصف شاعر بانه قد كفر ان هو خرج عن الضوابط الادبية ( كونها عرف ادبي فحسب) وبين شاعر آخر خرج عن مقررات وروح الشريعة وثوابتها وبدأ يصرخ بكفره صراحة"
    فلا يؤخذ الاول بجريرة الثاني
    والاول ربما اصبح مجدد في المدرسة الادبية له من يقرأ ما يكتب
    والثاني ربما أصبح منبوذ من فضاء الثقافة العربية وأن وجد له من يقرأ له من شواذ ألآذان
    4\
    لاجل جلاء الصورة
    وددت لو نتفق وبعيدا" عن متاهات المصطلحات المستوردة
    أن نجعل من الواحة ومن فيها من رموز فكرية وشعرية
    الصوت الجديد لنسميها ( الحداثة ) المصانة بثوابت الشرع
    نؤسس
    ونحرس
    صرحا" لعل الحجيج من اصحاب الذائقة يصلون الينا
    وسابسط في هذه النقطة مقترحاتي
    أن قبلتم سادتي بالفكرة

    وانا منتظركم على أحر من الجمر ... لأبدأ

  9. #19
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2004
    العمر : 52
    المشاركات : 788
    المواضيع : 56
    الردود : 788
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    بارك الله فيكم
    وتبيين حقيقة الطابور الخامس لا يعني أنه وحده الملوم بالطبع كما قال أخي الحبيب سعيد بارك الله فيه
    وأشكر دخول أخي الحبيب خليل وتباحثه الجميل ....




    وأكمل لإثراء الموضوع






    أقول من منبرنا هذا :


    الحقيقة أنه لابد من تحديد كل عوامل التدهور ومن ثم تحديد سياسات النهوض

    ولإثراء المقال

    أورد مبحثا خفيفا لأختنا قلم، وهي حاصلة دكتوراة في العقيدة، وتكتب معنا لكن ظروفها تمنعها ..

    وهذا من مبحث تم بيننا على صفحة بالشابكة

    الحداثة بين القالب والمضمون(1)

    الحداثة مأخوذة من الحدوث , وهو كون الشيء بعد أن لكم يكن .

    والشاعر الحداثي كما يصوره منظر الحداثة في العصر الحديث أدونيس

    بأنه :" الذي يخوض معركة التحرر من القوالب السلفية التي تحاول بدورها

    أن تشله وتعزله عن حركة التاريخ وعن التغيير , وتبقيه في عالم الثبات ,

    إن هذه القوالب السلفية في الفكر والحياة معا , تتحول إلى دعائم مشتركة ,

    تشارك بشكل أو آخر في الحيلولة دون تحقيق التحرر الكامل "

    [ الأدب والحياة , د. ماهر حسن :82] .

    إذا الحداثة هي حركة فكرية أدبية ترمي إلى التحرر والانطلاق من كل قيد

    باسم التجديد ونبذ التقليد , تهدف الدين والأخلاق والقيم واللغة التي بها تفهم

    هذه المعاني الخالدة .

    أما الرمزية فهي تعد من أهم خصائص الفكر الحداثي وإن صح التعبير هي

    الوسيلة التي يعتمد عليها في نشر مبادئه وتحقيق مراميه في ساحة الأدب

    والفن , يمكن تعريفها بأنها محاولة استبطان الكلمات اللغوية ؛ حيث يعرف

    الشاعر الحداثي ـ عندهم ـ بأنه الذي يفر من الواقع على نحو آخر , لا يقدر

    على البوح بما في ذاته من آلام أو تجارب قاسية , وإنما ينشر حول ذاته

    وأحاسيسه ضبابا وغموضا وموسيقى , يتعمد الابتعاد عن اللغة وعن دقتها

    ؛ لأنهم لا يعبرون وإنما يحاولون أن يبعثوا النشوة عن طريق الإيحاءات

    الرمزية .

    [الصراع بين القديم والحديث د. محمد الكتاني :446]

    فالرمز عبارة عن وسيلة للإيحاء بالمراد دون أن يقطع بالدلالة عليه , إذا

    هو نوع من أنواع التعبير الإيحائي النفسي , يجعل من الكلمة غطاء يخفي

    خلفه معان مرادة إذا ما قورنت بالمعنى الصحيح أو المعروف في المعاجم

    تكاد تسم تلك العلاقة بالبتر والانقطاع , "لقد قام المذهب الرمزي الذي

    أراده بودلير على تغيير وظيفة اللغة الوضعية ؛ بإيجاد علاقات لغوية

    جديدة , تشير إلى مواضع لم تعهدها من قبل"الاتجاهات الجديدة , عبد

    الحميد جيدة .

    وإذا ما أردنا التعرف على مفتاح شخصية هذا الأديب الذي ابتدأ هذا

    الأسلوب في الأدب ؛ نجد أن حياته كانت صورة معبرة عن الحياة

    الأوروبية بما تعج به من فساد خلقي وانحلال سلوكي مرضي نفسي , ثم

    تبعه على نفس المنهج رامبو الذي أعلن بصراحة الدعوة إلى تحطيم

    المعايير الأدبية في استخدام الألفاظ , وسار على إثره مالارميه وبول

    فاليري ثم اليهودي عزرا باوند وتوماس إليوت وقد تأثرت بهم الموجات

    الأولى من الحداثيين العرب مثل : السياب ونازك والبياني وحاوي

    وأدونيس وغيرهم تأثرا كبيرا

    [الحداثة في ميزان الإسلام, عوض القرني: 17ـ24]

    لقد كانت المدارس الأولى للأدب العربي أمثال مدرسة الديوان ومدرسة

    المهجر ومدرسة أبوللو بعد الاحتلال الأجنبي على الدول العربي تمثل

    إرهاصا للفكر الحداثي الذي تبلورت اتجاهاته ومواضيعه على يد نازك

    الملائكة وعبد الوهاب البياني وبدر شاكر وأحمد سعيد أدونيس

  10. #20
    أديب
    تاريخ التسجيل : May 2004
    العمر : 52
    المشاركات : 788
    المواضيع : 56
    الردود : 788
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    ومن أهم خصائص اتجاه الأدب الحداثي :

    ـ محاربة نظام الشعر التقليدي والتقييد بألفاظ اللغة العربية:

    فهذا نزار قباني أحد شعراء الحداثة يعلن نقمته على اللغة العربية حيث

    يسميها اللغة المتعجرفة , وتشتد نقمته على المجامع اللغوية التي لا تجيز

    التخبط في المصطلحات الحديثة وإدخالها في اللغة العربية

    [البيان:العدد27ـ96] .

    ـ الرمز والغموض:

    "فهم يسعون من خلال الغموض إلى إنشاء وإيجاد واقع فكري جديد منفصل

    ومقطوع عن واقع الأمة الفكري وماضيها العلمي والعقلي والأدبي في

    الشكل والمضمون , بالإضافة إلى أن غموضهم فيه من الرموز والوثنية

    والإشارات الإلحادية ما يفك تلك الطلاسم وتلك الرموز أمام الباحث ويحدد

    له وجهة أهلها وغايتهم في الحياة".[الحداثة في الميزان:43]

    تقول نازك الملائكة:

    أين أمشي مللت الدروب

    وسئمت المروج والعدو الخفي اللجوج

    لم يزل يقتفي خطواتي

    فأين الهروب

    فالعدو رمز للقدر والضياع رمز للعبثية وانتفاء الحكمة , هكذا تصور نازك

    الملائكة لحظات عمرها ؟ ياله من شقاء ...

    [الرائد في مدرسة الأدب الحديث / مصطفى الدباغ:191.]

    أما عن أسباب نشوء الرمز وظهوره كسمة بارزة في الأدب الحداثي ,

    فيقول محللو الأدب : إن استخدام الرمز يشيع عند صعوبة المواجهة ,

    وحيث يعيش الشاعر في بيئة لا يمكن له مواجهتها بما يتصادم مع مبادئها

    وأخلاقها ؛ فيلجأ إلى استخدام هذا الأسلوب حتى يتمكن من البوح بداخلة

    مشاعره مع التحفظ على المجتمع الذي يعيش فيه

    [الرمز والرمزية , سليمان الشطي:10] .

    فحين ظهرت طبقة من الأدباء تمثل نسخا للغرب ومسخا للشرق , تعيش

    بقلب أجنبي ينبض في عروق إسلامية ؛ لم تعد قادرة على كتمان ما يضج

    بداخلها من تبعية وانسياق وراء حضارة الغرب وبريقه , فأخذت الرمز

    وسيلة تبثه سمومها وتوجهه كضربات تريد به القضاء على الدين واللغة.

    [انظر:البيان العدد:80/58]

    ولعل كتابات نجيب محفوظ تعد أنموذجا لهذا الاتجاه الرمزي الملحد الذي

    يعبر بدوره عن انحراف خطير في اعتقاده وقيمه , وبالأخص رواية أولاد

    حارتنا والتي حازت إعجاب أعداء الإسلام فأثيب عليها بجائزة نوبل , كما

    هو معلوم .

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. أزمة الحداثة الغربية وإبداع الحداثة الإسلامية
    بواسطة سامح عسكر في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 03-03-2012, 09:41 PM
  2. تجليات ما بعد الحداثة في الرواية العربية المعاصرة : في رواية " قلاع ضامرة "
    بواسطة د.مصطفى عطية جمعة في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-06-2008, 05:24 PM
  3. تناقضات الملتصقين بالحرف والفكر ..
    بواسطة يوسف الحربي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16-04-2005, 01:24 PM
  4. تناقضات الملتصقين بالحرف والفكر ..!
    بواسطة يوسف الحربي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-02-2005, 09:33 AM
  5. تناقضات الملتصقين بالحرف والفكر ..!
    بواسطة يوسف الحربي في المنتدى مهْرَجَانُ الوَاحَةِ السَّنَوِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-02-2005, 09:33 AM