|
من ثلج كل لهيب لاح تذكار |
وهزني صمت فوضانا وابحار |
ماذا يخامر عقلا بات منتظرا |
قلبا يحلق كي تخضر أفكار |
وحين نادى شتاء الغيث فاجأني |
دفع ومن صدمة الأيام اصرار |
فجئت أحمل آلام الورى شررا |
وتحمل الحلم بالانباء أشعار |
ولوحة البدء فيها سر كاشفة : |
قد نصـبت شاعر الأكوان أقدار |
وكل حرف له معنى رسالته |
وكل قافية في الكـشف قيثار |
والحب لحن لحر من سعادته |
والأرض روض الورى،في سلمهم دار |
قد جـــئت تحملني في غير موعدها |
نبوءة صاغها في الصمت أحرار |
وهل يقيمون دوما في منازلهم |
ولا تكون لأهل القيد أوكار |
فقتل عقل له تبكي هنا أمم |
و يوقف الزمن الميمون أشرار |
قد جئـت والورد في أغصانه بيدي |
والقلب يطريه وسط الروض آذار |
وكان جرحي متاع الحب من ألمي |
و الغفو في يقظتي وعي وابصار |
قد جئـت حين تركت الأهل من عدم |
وتربة الأصل لا نور ولا نار |
فمرة أختلي بالترب أحضنه |
ومرة أرتقي و الحلم أنوار |
وقيمة المرء في ما قد جنت يده |
لا في سواه تزيد الفخر أخبار |
اني أراه على شطآن مأمنه |
ونار مصرعه في الأمر يحتار |
وكل دمعي له حب يداعبه |
ويثمر القمح اذ يدعوه أيار |
فكيف عن خطــــوة يحلو عقاب فتى |
و كل ما ساءني في الأرض أعذار |
تلك الدروب ظلام و النجوم هنا |
ونحن تسعدنا في السعي أسفار |
فهل لك الخطو مثلي نحو منتزه |
أحلى به من بهاء الفكر أزهار |
فيه نخلص كل الناس من عبث |
ولن تحيط بدوح العقل أسوار |
وهاأنا يا فتاتي حاملا ألمي |
ولذتي في الخطى سعي واكثار |
قد كان ميلاد هذا الهم تذكرتي |
من يوم أعلنه للناس اقبار |
وحين صـفقت قالوا: ذاك ذو مرض |
بل ذاك مجنون قوم سوف ينهار |
ضحكت حتى بكت دنيا وآخرة |
وجف بحر من الشكوى وأنهار |
ماقيمة المرء أكل بعده وسن |
ولذة بعدها دمع وأضرار؟ |
وقلة من أناس في صحائفنا |
وأكثر ما لهم في العمر آثار |
مثل السخافة مروا من هنا و مضوا |
ولا درى أحد منا متى ساروا |
هي المدائن من حلم و من أمل |
كانت وكم أطرب الصفـصاف وروار |
وكم بنا مخرت بحرا سفائننا |
و ما رمى بشجاع القوم تيار |
ومايزال نهار ليس يدركه |
ليل ولا في دروب الليث أخطار |
لا تحزني يافتاتي من دجى غسق |
وحاضر لم تعد تعنيه أوتار |
تعلو عيون فلا تلقى سـوى سحب |
وليس تسقي بقاء الحلم أمطار |
والأرض عطشى ولا حب ولا عنب |
وكان في السبق أن تلتف أشجار |
أن يعلو النهد ما يعطي ليطلبه |
ويشهد النخل أن المنح اعمار |
وكم يعيش الذي يعطي ويخلفه |
ظل وتطلع أنوار و أقمار |
لا تسألي صبحنا فالأمس يخبرنا |
عما تريد من الاشراق أسحار |
وحاولي أن تكوني صـورة امرأة |
من أجلها ينحني صلب وأحجار |
كي تكـشفي ضعفنا في لحظة سرقت |
لما غفت في صباح البوح أسرار |
كي تعرفي أننا ماء به كتبت |
أسماؤنا وجميع الكسب أصفار |
لكننا بشر و الحلم من عدم |
يعود و الحب رغم الليل مختار |
فعانقيني كطفل شاء طلعته |
أحلى وسيل من الاعجاب مدرار |
وسوف نمـضي نغني و الحياة لنا |
بحب كل الورى والفيء ايثار |
و كم تطول بنا الأيام عاشقة |
بل سوف تمتد في الآفاق أعمار |
و ما الحياة سوى حب و أغصنه |
ملأى وكم تفرح الانسان أثمار |
وننتهي ليعود النبت ثانية |
و ينعش الأرض طول الحب اصدار |