سأتحدث حول نقطتين اثارهما الأستاذ محمد أبو كشك حول النص أعلاه هما:
1. وحدة موضوع النص _ بقوله حفظه الله_ :
( ايضا اتحدث عن الوحدة العضوية حيث تهت بين مواضيع القصيدة الكثيرة ربما كنت ارى فقط ان يكثف الشاعر مجهوده في زاوية واحدة او اثنين مثلا عن موضوع التوحيد وعدم التوسل بالاضرحة وما الى ذلك فكانت هذه قصيدة ممتازة ثم يجعل قصيدة اخرى عن موضوع داعش والروافض والخوارج ووو ، اي انني اقصد تقسيم القصيدة الى شقين مع تكثيف للجهد في كل واحدة )
و جوابي يبدأ ببيتٍ لأديب عربي مشهور هو أبو منصور الثعالبي حيث قال:
فكأنّما يُوحى إلى خَطَراتِهِ = في مطلعٍ أو مَخْلَصٍ أو مقطعِ
فقد أسس الثعالبي خطة لبناء عمود الشعر في القصيدة.
و هذه الخطة تقوم على الخطرات ( الشعر وأفكاره )في ذهن الشاعر و توزيعها في قالب الوزن و القافية.
وسأبدأ بشرح مصلحات عمود الشعر عند أبي منصور و تطبيقها على النص و سأتجرد من كوني أب النص و والده _ بكل استطاعتي_ فأقول:
المطلع ( في مطلعٍ) هو فاتحة القصيدة و كما قال ابن حجة الحموي فيما معناه ( المطالع هي البدور الطوالع ) ، و حسن صياغتها لتوافق رسائل القصيدة مهم بل هي مقياس قدرة و ثقافة و إدارك الشاعر بتقنيات النص الشعري .
حسن التخلص وعبر عنه الثعالبي ( مخلص) لضيق مساحة الشعر فحذف أو لعله أراد مخلص الشاعر :
و حسن التخلص هو رشاقة الخروج من معنى إلى معنى ، و قد يكون في شطر بيت أو بيت أو جملة أبيات.
المقطع: هو الحزمة من الأبيات في معنى واحد.
نذهب للنص و نسأل ما رسالة الشاعر ؟
و الجواب هي شكاية واقع عقدي مؤلم لأمتنا فيه المتصوفة حول القبور يعبدون شيوخهم الأحياء منهم و الأموات و الروافض و عبادتهم للأئمة و الخوارج الذين تفرقوا لقتال أهل الإسلام و تركوا جهاد من يستحق الجهاد فيه ، و يقول الشاعر مستهلا نصه:
1. تَزيدُ قَناعتيْ حِيْناً فَحِيناً
بأنَّ اللهَ كهفُ المؤْمِنينَا
2. غِياثُ المُسْتَغيثِ إذا دَعَـاهُ
و كانَ اللهُ حِصْنَ الخَائِفِينَا
3. يُؤمنُ رَوْعَهُ و يَذُبُّ عَنْهُ
و يُبْدُلُ عُسْرَهُ يُسْرَاً وَ لِيْنَا
واثقا بالله واصفا الله بما يستحقه من عون للمؤمنين في حالة الكرب و نحن في كربات لا يعلمها إلا الله.
(و هذا هو المقطع الأول)
و المقطع الثاني هو نقده للمتصوفة و الروافض عبدالطغوات من أولياء و أئمة من دون الله جلَّ شأنه و فيه:
4. وَ مِنْ نَـادى إِذا البَـلـواءُ حَـلَّـتْ( مخلص)
عَـلِيـَّاً مستغيثاً أو حُسينَا
5. أوِ البُرَعِيَّ نَـادى مُسْتَجِيراً
أوِ اسْتَشْفى بِزيـنبَ مُسْتعِينَا
6. أوِ اسْتَقْضَى الحَـوائِـجَ مِنْ قُبورٍ
أراهُ الخاسِرَ الخُـسْرَ المُبِينَا
(هذا مقطع آخر)
فشطر البيت الرابع هو مخلص قارن بين مؤمن لا يثق إلا بالله و لا يدعو سواه و بين من يلجأ عند البلواء بعبدٍ من عباد الله لا يمكل لنفسه ضرا و لا نفعا فكيف يصنع الخير لغيره .
شرع الشاعر في قضيته الجوهرية و هي وصف الخوارج بقوله:
12. تَكالبتِ الرَّوافضُ و النَّصَارى
على حَربِ الأُبَاةِ الصَّامِدِينَا
13. و آزَرَ جَمْعَهُمْ قومٌ سَفَـالٌ
فسمِّ الجَـمْـعَ جَـمْـعَ النَّاقِمِينَا
14. دواعشُ بل خوارجُ ذاك َ نَعْتٌ
لِمَنْ خَلَعَ الإمَامَ المُسْتَبِينَا
15. لَقَدْ بُلـِيَ العِرَاقُ بهِمْ و شَامٌ
و مِصْرُ النِّيْلِ تَـلْـقَى مَا لـَقِينا
16. وقام المغْربُ العربِيُّ يشكو
إِلَى الدَّيَانِ فَكْرَ المَارِقِينا
17. لَهُمْ سِيْمَا تَغُرُّ ، وَ لَسْتَ تَلْقَى
إِذا فـَتَّشْـتـَهُمْ فِقْهَاً رَصِينَا
18. وَ مِنْ أوصَافِهم سَفَهٌ رَعَاعٌ
يُعَادُونَ الخِيَـارَ النَّاصِحِينَا
19. يَرونَ النَّاسَ كُفَّاراً جَمِيعاً
و ما اسْتَـثـــنـَـوا تقاةً سَاجِدِينَا
20. وَ لَمْ يَشْكُكْ بحالِهِمُ عَليمٌ
نَـقـِيُّ الـدِّيــْنِ مُـسْـتَوفٍ فُــنُـونا
21. فقَتْلُهُمُ حَلالٌ بَلْ جِهَادٌ
وهَذا هَدْيُ خَيْرِ المُرْسَلِيْنَا
22. كِـلابُ النَّـارِ دُنْيَـاهُمْ بَـوَارٌ(ختام )
و تُـؤوِيهِمْ جَهَنَّمُ كَالِحِينَا
(مقطع مع ختام )
و مخلصه لهذا المقطع جملة ابيات :
7. فَلا واللهِ ما للهِ عِـدْلٌ
و لا نِـدّ ٌ لِـربِّ العـالمينَا
8. و كانَ اللهُ أكرمَ مِنْ ظُنوني
و أعظمَ مِنْ مَديحِ المادحيْنَا
9. لهُ الآلاءُ و الآياتُ تترا
و أعْجَزَ حَصْرُها المُتَتَبِّعِينَا
10. و أَرسَلَ أحْمدَ الوَحْيَينِ فِينَا
فَأَصْلحَ حَالَنا دُنيا و دِينَا
11. وَ لَمْ يَشْذُذْ عَنِ البيضاءِ إلاَّ
خبيثٌ جَاهلٌ نَبذَ اليَقِينَا
أخيرا:
هذه وجهة نظري من خلال خبرتي الثقافية و الفنية في مجال الشعر قد يوافقني القارئ و قد يخالفني المهم أن نستمر في النقد حتى لا تموت النصوص.
و سأتحدث لاحقا عن مسألة أخرى من مسائل الحبيب محمد أبو كشك.
و سامحوني فقد أطلت.