رؤيتي للعروض الرقمي والرسم البياني لبيت الشعر
الجزء الأول
رغم عدم رغبتي في دراسة الرقمي , لكن ما أعجبني هو المخططات البيانية للدكتور ضياء الدين الجماس حفظه الله لنا بعلمه وأدبه وإبداعاته والتي أعطت بعدا حضاريا للبيت الشعري وخطه البياني الذي ينسجم مع ذبذبات قلبية أو ذبذبات هندسية أو رياضية.
فاضطررت وبعد أن أعجبت بالرسوم البيانية للشعر, ولأنه مرتبط بالعروض الرقمي تصفحت ما نشره الأستاذ خشان خشان وكذلك الدكتور ضياء الدين كما درست بعض المخططات البيانية التي نشرها لتقطيع وترقيم بعض الأبيات الشعرية والحصول على مخططات بيانية لها.
لكنني لاحظت أمورا كثيرة في العروض الرقمي لا تتطابق مع قواعد العروض ولا تستوعب كافة شرطها لأنها وضعت ضيقة المساحة ولم يؤخذ بكافة الأساسيات والمتغيرات في بيت الشعر الواحد.
وأعيد وأذكر أن بيت الشعر ومن تسميته والتي جاءت بها العرب , أنه شبيه بالخيمة التي تبنى باستخدام أوتاد تدق في الأرض وأسباب ( حبال ) تربط الأوتاد بعضها ببعض وتربط الغطاء المصنوع من الشعر والوبر.
وإذا تمعنا في كل بحور الشعر العربي بأشكالها التامة فهي تعتمد أصلا على أعداد متساوية من الأوتاد تنقسم على شطرين وتربطهما أسباب.
وجاءت الأوتاد بنوعين هما
- المجموع المتكون من حرفين متحركين وساكن ( / / ه )
- المفروق المتكون من حرفين متحركين بينهما ساكن ( / ه / )
أما الأسباب فهي أيضا نوعان هما:
- البسيط المتكون من متحرك وساكن ( / ه )
- الثقيل المتكون من حرفين متحركين ( / / )
واشترطت قواعد العروض إمكانية إحداث زحافات في الأسباب , وهذا يؤدي إلى تغير نوعها أو قصرها حالها حال الحبال التي تربط الأوتاد ببعضها.
أما الأوتاد فلم يجز بها أي زحاف عدا العلة والتي تأتي في العروضات والضروب فقط إضافة للخرم في أول وتد في البحور التي تبدأ تفعيلاتها بوتد ( فعولن , مفاعيلن , مفاعلتن . مفاعيل )
وملاحظاتي الأولية على العروض الرقمي:
1 - أن الترقيم يعتمد على الحروف فقط, ولهذا جاء الوتد برقم 3 والسبب برقم 2 دون الأخذ بنظر الإعتبار إن كان الحرف متحركا أو ساكنا , وترقيم الحرف المتحرك برقم 1 والحرف الساكن برقم 1 أيضا.
2 - إن الرقمي لم يعتمد في الأساس على بناء البيت الشعري من الأوتاد والأسباب.
3 - ظهور اختلافات في التقدير الرقمي للأسباب , كما لا يوجد تقييم للسبب الثقيل.
4 - السبب المزاحف يضيع مع إضافته للسبب الخفيف لينتج عنه ( وتد مجموع ) يقول الرقمي عنه أنه وتد غير أصيل وهذا خطأ كبير لمخالفته قواعد بناء بيت الشعر العربي الذي لا يمكن فيه تحويل الأسباب إلى أوتاد ( والأسباب هنا لنتخيلها حبال الربط )
5 - عدم اتساع المساحة المخصصة للترقيم لتشمل كافة أساسيات بيت الشعر العربي ومتغيراته فهي اعتمدت على ( 1 , 2 , 3 ) وهذا لا يغطي كافة أسس بيت الشعر العربي.
6 - السبب الخفيف يتكون من حرفين متحرك وساكن ( / ه ) وأعطي الرقم 2 وهذا غير صحيح لأنه ساوى بين المتحرك والساكن, بدليل إعطاء المتحرك لوحده ( سبب مزاحف ) رقم 1 مما يعني أن الساكن أيضا رقم 1 كما ورد أيضا إن قيمة الحرف الساكن في تذييل بعض الضروب أعطي الرقم 1 أيضا , وهذا خطأ في مفهوم العروضيين إذ لا يمكن أن يتساوى متحرك مع ساكن, فالمتحرك أثقل من الساكن وزنا بسبب الحركة التي عليه,
7- أن المخططات البيانية لنفس الوزن قد تتغير وهذا بسبب اعتماد الحروف فقط وهذا ما لاحظته في مخططات لنفس الوزن عند اختلاف التقييم والترقيم وفقا للرقمي واعتماد ما لا ينطبق حقيقة على مظهر البيت الشعري.
وسأعطي بعض أمثلة لما لاحظته على العروض الرقمي:
المثال الأول :
أعطى الرقمي مثالا لترقيم كلمة ( ضمائرها )
ضمائرها = ( ضَ مّ ا ) ء ( رُ هـَ ا ) = 3 1 3
ضمائرها = مفاعلتن عروضيا وتتكون من = وتد مجموع + سبب ثقيل + سبب خفيف
فكيف تمثلت بـ ( 3 1 3 ) أي بمعنى آخر ( وتد + حرف متحرك + وتد )
ويفترض بالرقمي أن يكون = 3 + ؟ + 2
وعلامة الإستفهام ترمز لرقم السبب الثقيل أما 2 فهي المعتمدة للسبب الخفيف
وإن أعطي الرقم 1 لحرف واحد وما بعدها وتد أي 3 1 3 فهذا = 7 للتوضيح فقط.
وإن سكنا الثاني المتحرك لتصبح التفعيلة ( مفاعلتن ) ( مفاعيلن )
سيكون ترميزها 3 2 2 وهذا = 7
وهو نفس وزن ( مفاعلتن ) كثقل رقمي , وهذا غير صحيح لأنه لم يعكس الفرق الإيقاعي بين التفعيلتين هنا , ويفترض بالسبب الثقيل أن يكون وزنه أعلى من السبب الخفيف بسبب زيادة حركة عليه. ولأن الرقمي الذي اعتمد على أن الوتد 3 والسبب الخفيف 2 لم يترك مجالا لوزن السبب الثقيل , حتى وإن اتبعنا أسلوب الوتد المخترع أو غير الأصيل فهو لا يفي بالغرض ويخالف مفهوم الأوتاد والأسباب عند العروضيين . وليس في العروض تلوين أو وضع خط تحته أو تعليمه بأي علامة أخرى, إذا السؤال سيبقى كيف نميز بين هذا وذاك ؟
وهذا يعطي صورة غير صحيحة لأن :
السبب الخفيف لا يساوي السبب الثقيل
مفاعلتن لا يساوي مفاعيلن
والحرف المتحرك لا يساوي الحرف الساكن.