|
..هيَ الدنيـا سنعبرُها سراعـاً |
كما صرْنـا ..غداً سنصيرُ ذكْـرى |
فنلْ منها نصيبكَ غيرَ وانٍ |
وخذْ للحشرِ إحساناً وذُخـرا |
وكمْ باليُسـر مُــدَّ الضيقُ أفْـقـاً |
وكـمْ ضاقت بنا الآفـاقُ عُـسْرا |
..أعللّها بحُلوِ الطّعمِ نفسي |
لـِما ذاقتْ من الأرزاء مُـرّا..! |
..فَجُـدْ بالفستقِ الحلبيّ نـثــرا |
على وجهِ الكُنافةِ ..ليسَ أمـْرا ! |
فقالَ بلـى ولكنْ ليسَ حالاً |
فإنّا ما صببْنا بعدُ قَطْرا..! |
..أيا عمّار يالكَ منْ بديـعٍ |
فصِفْ صُنعَ الكُنافةِ نلْتَ أجـرا |
وأوْجزْ في حديثكَ باقتضابٍ |
فإنـّا لمْ نعدْ لنُطيقَ صَبـْرا |
لتلكَ الحُلوةِ الحمراءِ تهفو |
نفوسُ خلائقٍ لمْ تلقَ حَصْرا |
مزيّـنــة تُـزفُّ بكلّ حفْـلٍ |
تجولُ بحُسنها ثغراً وثغرا |
..فقالَ إليكَ هذا الوصفَ منّي |
وصُغْ بمَقالتي إنْ شئتَ شِعرا |
عليكَ بصبغةٍ مزجتْ بسَمْنٍ |
لِتَدهنَ من زهيّ اللونِ "سـِدْرا " |
وخذْ من تِبـْرهِ وانـْـثُــرْ عَجيناً |
كمثلِ سماكةِ الإبهامِ قَـدْرا |
إليكَ الجبن بعد النقعِ واحْذر |
فإنّ الملحَ يضْفي الطّعمَ عُسْرا |
لتوسدَهُ عجيـنكَ باشْتِمالٍ |
فيزهو الجبنُ فوقَ التـّبرِ دُرّا |
على لهبٍ خفيفِ اللفحِ ضعْها |
ونقّلْ وضعَها يُمنى و يُسرى |
فإنْ لاحظتَ ذوْبَ الجبنِ أبشرْ |
فقدْ نضجَ الصنيعُ وتلكَ بشرى..! |
وخُذ سِدْرا تضاءلَ عنْ أخيهِ |
إليهِ ستقلبُ الأصناف يُسرا |
كأنّ تقلّبَ الأجزاءِ فيها |
كمثلِ تقلّب الأحوالِ دهـرا |
فيغدو الجبنُ أسفلَها ويغدو |
زهيُّ اللونِ يعلو الجبنَ أمـْرا |
كقرْصِ الشمسِ يعقبهُ بياضٌ |
عجيبٌ شمسُها تخفيهِ بدرا ..! |
إليكَ الحُـلْوَ يا خلّي فأغْدِقْ |
لتسْقي نارَها الحرّاءَ قَـطْـرا |
وهذا الفستقُ الحلبيّ فانثــرْ |
كمثلِ الحرْثِ إذْ يشتاقُ بَذْرا |
وسمّ اللّهَ قبل الزّاد حمْداً |
يُباركَ ربّنا بالرّزقِ وَفــْرا |
جُزيتَ الخيرَ يا عمّار عُمْـراً |
وصلّ على النبيّ تُحطّ وِزْرا |
إلى نابُـلـْسَ منْ قلْبي سلامٌ |
يمازجُ نشْـرُهُ في الروض عطرا |