ودَّعْتُ صُبحَكَ يا عراقُ مُشرَّدا ** وذكرتُ ليلكَ فاصطليتُ تنهُّدا
حجزَتْ جفوني دمعَها متسرِّبا ** والدمعُ واكِفهُ همَى؛ فتسرَّدا
ما كنتُ أحسبُ - والزمانُ مقلَّبٌ * العرضَ منهتكاً وخَصمِي منفِدا
يا نفسُ ردِّي للحليمِ زِمامَهُ ** إذْ لستُ أولَ من بكى وتوجَّدا
فتثبتي، إيِّاكِ أنْ تتقلبي ** إن السلامة في الثباتِ على الهُدى
حُيِّيتَ يا زمن الصبابةِ.. شاعراً ** متغزلاً بجمالِ أزهارِ الندى
ترعى ظِباءكَ في رياضِ قصائدٍ * جَمُلتْ مفاتنُها لتعشق مِربَدا
حتى تغيَّرَتِ الظروفُ كأنها ** قُلبتْ على رأسي حِداداً أسودا
ويليْ مِن الأيامِ حين تَبَدُّلٍ ** هَدمتْ صروح العاشقين تَمرُّدا
رَفعَتْ كلابِ السوقِ فوقَ عروشَها* فاستَأسَدَ المخْصيُّ نِمراً أجْرَدا
جاءتْ بأعداء السلامِ وقدمتْ *** إخوانَ شرٍّ تستحلُّ المَعبدا
هدَموا الجوامعَ والصوامعَ واشترَوا * بالزورِ والتزويرِ أعراش الجَدا
صُفَّ العراقُ بصفِّ عُجمةِ جارهِ * فانشقَّ عن عربِ الجزيرة مُعرِدا
ذاكَ ابنُ قومي يستلذُّ بخَيرهِ ** وأخُو العروبة في العراق تشرَّدا
قِسْ في عدالةِ حاكمٍ من شعبهِ ** إنْ كان يرفلُ بالنعيمِ ومُسعدا
يا أمَّة المليارِ، هبِّي واشهَدي * ما نحنُ أعداءُ العروبةِ مَولدا
اللهُ يبعثُ في العروبةِ دينَهُ ** مهديَّةً رفَعتْ بأركان الهدى
كانت طلائعُها الذين تصدَّروا ** أحلاسَ سُوحِ الحربِ، عشاقَ الفِدا
ما كان فيهم مَن يخافُ قياصراً **حتى استباحوا مُلكَ كِسرَ مطرَّدا
صُقرٌ على ظهر الخيولِ أشاوسٌ ** حلسٌ كُماةٌ لا يهابونَ الرَّدى
يا خُسرَنا لم نلتحِق بجيوشهمْ * فاليومَ قادتُنا تخافُ مِن الصَّدى!
كشَطوا جلودَ جباههم ليقدَّسوا *** إن القداسةَ لا تحلُّ مفنَّدا
ما كلُّ من لزم السجودَ بمؤمنٍ ** كم باتَ أربابُ المفاسدِ سُجَّدا
ينهونَ عن جرمٍ وهم يَرعونهُ ** بغياً وعدْواً يَقتلون الأَجوَدا
إنْ غادرَ الحكماءُ قولَ حقيقةٍ ** فهي الشهادةُ أنهمْ قُتلوا سُدى
لكنَّ في الإعلامِ شرَّ بليَّةٍ *** باعتْ نزاهتها ومالتْ للعِدى
يا ويلَ كلِّ منافقٍ متملقٍ *** يلقي بودٍّ كاذبٍ لمَنِ اعتدى
الجنسُ والإعلام والمالُ الرِّبا ** ألقى بها الغازونَ شرًّا مفسدا
قد صدَّقَ الشيطانُ فيهِمْ ظنَّهُ *** بات اللئيمُ مكشِّراً متوسِّدا