|
أَتَيْتُ مِنْ غَيْمَاتِ اسْتِرَاحَاتِي |
أُسَرِّحُ الْغَيْثَ مِنْ مَسَامَاتِي |
تَطِيِرُ أَشْوَاقِي مِنْ سَرِيِرِ دَمِي |
لِتَنْفُضَ الْجُرْحَ مِنْ حَزَازَاتِي |
وَلاَ أُلاَقِي سِوَى مَدَامِعِهَا |
تُبَلِّلُ الطَّيْفَ بِاعْتِصَارَاتِي |
يَا أَنْتَ لَوْ تَفْرِش الْمَدَى غُرَفاً |
وَتَرْتَخِي فِي غَيْمِ الْخُرَافَاتِ |
فَلَنْ تَعِيِشَ المُنَى بِغُرْفَتِهِ |
إِلاِّ هُنَا فِي قَلْبِ ابْتِهَالاَتِي |
بِحَقِّ مَنْ لَفَّ مِنْكَبَيْكَ وَمَنْ |
شَدَّ ذِرَاعَيْهُمَا بِشَامَاتِ |
لاَ تَتَّكِئْ دُونَ رَغْدِ مُعْجِزَةٍ |
يَخْتَالُ فِيِهَا بَرِيِقُ هَالاَتِي |
وَامْدُدْ يَدَيْكَ الرَّقِيقَتَيْنِ إِلَى |
رُوحٍ تُصَلِّي بِهَا مَسَافَاتِي |
يَا سَيِّدَ النَّهْرَيْنِ الْهَوَى غَرَقٌ |
لَا يَنْتَهِي مِنْهُ تَوْقُ غَايَاتِي |
مَنْ لَمْ يَعِشْ جَنَّةَ الْحَبِيِبِ فَلَمْ |
يَذُقْ رَحِيِقاً مِن وَرْدِ آهَاتِ |
فَاسْكُبْ لَذِيِذَ الْهَوَى بِأَوْرِدَتِي |
قَطْراً يُنَدِّي حَتِّى النِّهَايَاتِ |
أَهْوَاكَ يَا طَيْرَ كُلِّ مَمْلَكَةٍ |
تَدُورُ فِي مَرْجِهَا فَرَاشَاتِي |
أَنَا الْحَرِيِرُ الَّذِي يُلَفْلِفُهَا |
لَو سَاحَ لَحْنٌ عَلَى رُقَاقَاتِي |
يَا كَرَوَاناً بِصَوْتِهِ انْتَعَشَتْ |
أَصْبَاحِيَ الْعَطْشَى لِابْتِسَامَاتِي |
هَيَّا مَعِي فَوْقَ غُصْنِنَا مَرَحاً |
نُدَاعِبُ العُشَّ بِالْمَتَاهَاتِ |
وَنَخْتَفِي خَلْفَ عَذْقِ قِصَّتِنَا |
لِنَمْلأَ الرَّوْضَ بِالرِّوَايَاتِ |
نُعَلِّمُ الْوَرْدَ كَيْفَ يَرْسِمُنَا |
إِذَا ارْتَدَيْنَا رِيِشَ الْهِوَايَاتِ |
وَنَنْقُشُ اسْمَيْنَا فَوْقَ لَوْحَتِهِ |
بِقُبْلَةٍ تَسْحَرُ الْقِرَاءَاتِ |
يَا وَرْدُ لَوْ تَشْرَب الرَّوَى عَسَلاً |
مَا جِئْتَ عِطْراً كَعِطْرِ بَاقَاتِي |
أَنَا احْتِفَالٌ لِجَنَّةٍ فَقَدَتْ |
وَرْدَ التَّهَانِي بِشَوْكِ غَابَاتِ |
قِيِثَارَةٌ فِي شَفِيِفِ مِحْضَنِهَا |
تَعْزِفُ لَحْناً مَعَ الْتِوَاءَاتِي |
أُدَثِّرُ الأَنْغَامَ الَّتِي حَلَمَتْ |
بِأَنْ تَلُفَّ الْمَدَى بِرَاحَاتِي |
وَإِذْ بِهَا تَرْتَدِي قِلاَدَتَهَا |
مِنَ الثُّرَيَّا فِي عُمْقِ حَالاَتِي |
أُرَافِقُ الطَّيْفَ فِي مَجَرَّتِنَا |
ثُمَّ الْهُوَيْنَى تِشِعُّ مَاسَاتِي |
وَأرْتَدِي النُّورَ ثَوْبَ رَاقِصَةٍ |
أُشَفْشِفُ الْحُسْنَ بِالْمَنَارَاتِ |
فِي كَفِّيَ الْيُمْنَى كَأْسُ خَمْرَتِنَا |
وَتَسْكَرُ الْيُسْرَى بِانْفِعَالاَتِي |
وَمِنْ وِشَاحٍ يَنْسَابُ رَقْرَقَةً |
يَطِيِرُ شَرْقِيّاً عِطْرُ غَادَاتِي |
كَأَنَّ مَا يَرْتَمِي بِرَفْرَفِهِ |
يَصُبُّ مِنْ أَنْهَارِ الْمُوَارَاةِ |
إِذَا أَتَاهُ السُّلْطَانُ عَتَّقَهُ |
لِيَكْشِفَ السِّرَّ جَوْفَ كَاسَاتِي |
يَا لُؤْلُؤاً فِي بُحُورِ مِحْبَرَتِي |
هَاتِ الضِّيَا نَجْماً فَوْقَ رَايَاتِي |
وَاجْمَعَ مَعِي ذِكْرَيَاتِنَا كُتُباً |
تُؤَرِّخُ الذِّكْرَى بِالقُصَاصَاتِ |
وَاسْرِدْ أَسَاطِيِراً كُنْتُ أَعْرِفُهَا |
حِيِنَ الْتَقَيْنَا مُنْذُ الْبِدَايَاتِ |
مِنْ أَلْفِ عَامٍ لازِلْتُ أَذْكُرُهَا |
وَالْيَوْمَ أَبْكِيِهَا بِالْعِبَارَاتِ |
فَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاضِي يَنُوءُ عَلَى |
مُسْتَقْبَلٍ خَرَّ تَحْتَ طَاقَاتِي |
يَا فَارِساً فِي رِحَابِ مَمْلَكَتِي |
هَاتِ اسْقِنِيِهَا كَأْسَ الْحِكَايَاتِ |