ذي روضتنا تَروي فناها ** الحزنُ حبيسٌ في لماها
أنطقتُ عميقَ الوجدِ فيها ** لمّا دمعي روّى شذاها
يا حيرة نفسي حين تسمو **والشوق إلى الذلّ دحاها
ألفاها مثل الطفل يحبو**للنار إلى حيث لظاها
كم ألبسها اللهُ حياء**والحبّ يبوقُ مستحاها
راحتْ تغزو البدر خريفا** حتى سُلبتْ من محتواها
مكسورٌ سيفُها ودرعٌ ** ما صدّ سهامَ مَن رماها
***
طافتْ بيْ ظبيةٌ تغّني** والقلبُ على مُكثٍ يراها
كم شوّقهُ ذاك التجلي* في مَهْمهِ عشق الخَود تاها
حتى بذلَ العمر هباء **إذ زورقهُ في اللُّجْح ماها
يا نفسُ كفاك تستجيبي** للملعون الذي تباهى
لا تتخذي منه خليلا ** ما أتعسَ نفسٍ انتقاها
ويلُ لكِ نفسي لا تزلّي*ذي سكّةُ عدلٍ مَنْ حَناها
شمسي أفَلتْ والموت أفقٌ** لم ينثن عن بلع سواها
كمْ أسقطتِ الدنيا شموسا*في الأفقِ فماتت ْفي ضحاها
***
يا مالك نفسي جئتُ أشكو*من نفسٍ قد طالَ مناها
كنتُ العبدَ المخطئ دوما **قد شرّفني كنتَ الإلها
أرضي غرقتْ من فضل ربي*لا تشبعُ من جود سماها
والنفسُ مع الأرض سواء** لا يشبعها إلاّ فناها
يا بارءها خذ بيديها ** لا تتركْها طوعَ هواها
مثل الأعمى في سُبلِ عيش*لولاك على الدربين تاها
قد اُفلحُ في إشباع نفسي**لكنْ لا أسطيعُ هداها
إنْ تُهـدى قامتْ من حضيض*كي تسكن في سمتِ عُلاها
---