القصيدة الثامنة:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد صبر سالم
أضْواءُ الأوْهامِ
سَــقـَطـَ القلبُ شـظايا ولـَمَمْتُ
********** حاملاً درْبي إلى ما منـْهُ جئـْتُ
مَسْــــرَحَتْ قصْـتـُنــا أدْوارَنــا
********** أنـا ممْـلـوكٌ ولـكنْ أنـْتِ سـِـــتُّ
اخـْـتـَلـَفـَتْ فيهــا فـصـولٌ إنـّما
********** ما لأدْواري بها جَدْوى وسَمْتُ
كـُلـُّهــــا بائـســـــةٌ مَنـســـــيـّةٌ
********** أيُّ ماءٍ منـْهُ قدْ صُـيِّرَ نـَحْتُ؟!
أنـْتِ قـدْ أخـْرَجْـتِهـــــا مانِحــةً
********** ليَ أدْواراً بهــا زيْـفٌ وصَـمْتُ
بيْـنـَمـا أنـْتِ بهــــا طـاغـيـةٌ
********** يا لـَذلـّي إذْ أنا كنْتُ ارْتـَضيْتُ!
***
حينَ أسْـدَلـْتِ سِـتاراً وانـْتـَهَتْ
********** قصّــةٌ لمْ ألـْقَ فيهـا ما طـَلـبْتُ
ضـَحكَ الجمْهورُ منّي ســاخراً
********** وأنـا خـَلـْفَ كـَوالـيسَ بَكـيْـتُ
ثـُمَّ اُظـْهــِرْتِ بـدَوْرٍ بـاهـِــرٍ
********** دَوْرَ حَسْــناءَ لهـا حَظـٌّ وبَخـْتُ
نـُصـّـِــبـَتْ آلـهـَــةً معْــبــودةً
********** وأنـا مِنْ خـَلـْفِهــا الظِـلَّ عَبدْتُ
ذاكَ فـَرْقٌ بينـَنــا ــ سـَـيَّدتي ــ
********** لكِ دَوْرٌ فيـهِ للإبْهــــارِ صـَوْتُ
وأنـا يـَمْـتـَدُّ دَوْري لـَحْـظــةً
********** لـمْ أكـدْ أظـْهـرُ إلّا واخـْـتـَفـَيْتُ
***
ســَـقـَطـَ القـلـْبُ ولـكنْ هـا أنـا
********** أتـْركُ الدَوْرَ الذي فيـــهِ اُهِنـْتُ
حاملاً كـُلَّ شــظايــا خافـقـي
********** رافضاً أنْ يَعْتري زَهْويَ مَوْتُ
مُسْـــــتـرِداً للقـوافـي كِـبْرَهـــا
********** فهْـيَ لا كانـَتْ إذا مـا ذُلَّ بـَيْـتُ
***
أنـتِ أسْـــدَلـْتِ سـِـتاراً واهـيــاً
********** فاذْهبي ما ظـَلَّ للأضْواءِ زَيْتُ
واتـْركـيـنـي فـلـَقـَدْ مَزّقـْـتـُهـــا
********** قصّـةَ الوَهْـمِ الذي فيها قـُتِلـْتُ
شباط 2016
السلام عليكم
الأستاذ الشاعر المبدع القدير خالد صبر سالم
بناء فني هندسي متكامل لقصيدة (مسرحية )، أو (قصة شاعرة) ،وكم كانت تستحق أن يتضمن عنوانها لفظة (مسرحية ) !
القصيدة تبدأ من نهاية القصة بأسلوب الفلاش باك flashback، عندما يلملم الشاعر شظايا قلبه المحطم، ويعود أدراجه خائباً إلى المكان الذي جاء منه .
سَــقـَطـَ القلبُ شـظايا ولـَمَمْتُ
********** حاملاً درْبي إلى ما منـْهُ جئـْتُ
ومن هذه الخاتمة المؤلمة يعود الشاعر بزمن قصته إلى الخلف، بعد أن حوّلها إلى مسرحية تعرض على خشبة المسرح أمام جمهور متفاعل .
وملخَص المسرحية هو الفرق في الأدوار ، بين دور المملوك ودور " الست " و"الست" هي مخرجة المسرحية التي وزعت أدوارها على الممثلين ، ولم تعطِ الشاعر سوى دور هامشي ثانوي غير ذي جدوى ، وغير ذي منحى .فأما هو فألزمته أن يكون مزيفا وأن يكون صامتاً في دوره . وأما هي فاحتفظت لنفسها بدور البطولة ، ومثّلتْ دور الطاغية .
مَسْــــرَحَتْ قصْـتـُنــا أدْوارَنــا
********** أنـا ممْـلـوكٌ ولـكنْ أنـْتِ سـِـــتُّ
اخـْـتـَلـَفـَتْ فيهــا فـصـولٌ إنـّما
********** ما لأدْواري بها جَدْوى وسَمْتُ
كـُلـُّهــــا بائـســـــةٌ مَنـســـــيـّةٌ
********** أيُّ ماءٍ منـْهُ قدْ صُـيِّرَ نـَحْتُ؟!
أنـْتِ قـدْ أخـْرَجْـتِهـــــا مانِحــةً
********** ليَ أدْواراً بهــا زيْـفٌ وصَـمْتُ
بيْـنـَمـا أنـْتِ بهــــا طـاغـيـةٌ
********** يا لـَذلـّي إذْ أنا كنْتُ ارْتـَضيْتُ!
صراع الشاعر يبدأ في اللحظة التي يسدل فيها الستار فيضحك الجمهور منه ويسخر من دوره ،ويبكي الممثل المغمور خلف الكواليس .
***
حينَ أسْـدَلـْتِ سِـتاراً وانـْتـَهَتْ
********** قصّــةٌ لمْ ألـْقَ فيهـا ما طـَلـبْتُ
ضـَحكَ الجمْهورُ منّي ســاخراً
********** وأنـا خـَلـْفَ كـَوالـيسَ بَكـيْـتُ
و تحصد بطلة المسرحية الأمجاد، وتتلقى عرضاً جديداً لدور الحسناء .و تستمر بعد ذلك لينصبها الجمهور" معبودة" ولتسرق أضواء الشهرة ، ويغوص الممثل المغمور خلفها في الظل ويصبح منسياً .
ثـُمَّ اُظـْهــِرْتِ بـدَوْرٍ بـاهـِــرٍ
********** دَوْرَ حَسْــناءَ لهـا حَظـٌّ وبَخـْتُ
نـُصـّـِــبـَتْ آلـهـَــةً معْــبــودةً
********** وأنـا مِنْ خـَلـْفِهــا الظِـلَّ عَبدْتُ
لقد أخذت هي فرصتها كاملة أما هو فكان دوره أن يظهر لحظة ثم يختفي ، وذلك هو الفرق بينهما . أتساءل عن المعاني الخفية التي يخفيها الشاعر في رموز هذه القصة ، وهل هي رموز اجتماعية ؟ أم سياسية ؟
ذاكَ فـَرْقٌ بينـَنــا ــ سـَـيَّدتي ــ
********** لكِ دَوْرٌ فيـهِ للإبْهــــارِ صـَوْتُ
وأنـا يـَمْـتـَدُّ دَوْري لـَحْـظــةً
********** لـمْ أكـدْ أظـْهـرُ إلّا واخـْـتـَفـَيْتُ
لكن رد الفعل من الشاعر هو رفض الاستمرار في تمثيل الدور الذي أهانه . ويغلب على الذهن أن تكون الرموز اجتماعية حقاً.
ســَـقـَطـَ القـلـْبُ ولـكنْ هـا أنـا
********** أتـْركُ الدَوْرَ الذي فيـــهِ اُهِنـْتُ
حاملاً كـُلَّ شــظايــا خافـقـي
********** رافضاً أنْ يَعْتري زَهْويَ مَوْتُ
ويبلغ شاعرنا ذروة مجده الشعري في هذا البيتين الرائعين
مُسْـــــتـرِداً للقـوافـي كِـبْرَهـــا
********** فهْـيَ لا كانـَتْ إذا مـا ذُلَّ بـَيْـتُ
أنـتِ أسْـــدَلـْتِ سـِـتاراً واهـيــاً
********** فاذْهبي ما ظـَلَّ للأضْواءِ زَيْت
فاذهبي .ما ظلّ للأضواء زيت يوقد فيضيئ ،فالأضواء خبت في عيني الشاعر لأنها لم تعد تستمد زيتاً يضيئها .
بل لم يعد الشاعر مبهورا بالأضواء ولا راغباً فيها بعدما مزّق سيناريو الدور الذي قتله ألماً.
واتـْركـيـنـي فـلـَقـَدْ مَزّقـْـتـُهـــا
********** قصّـةَ الوَهْـمِ الذي فيها قـُتِلـْتُ
وهكذا تنتهي المسرحية بتمزيق أوراق قصتها . وينسحب الشاعر ململماً شظايا قلبه كما في مطلع قصيدته .
القصيدة اعتمدت على الناحية العاطفية في تأزيم الحدث القصصي ، كما أن الاستغراق في الأجواء الدرامية الداخلية سيطر على القصيدة وانتسقها بحيث لم يترك الشاعر لنفسه نافذة يطل منها على نصه من خارج النص . فنحن واجهنا شخصية الشاعر بوصفها مكوناً أساسياً في النص.وافتقدنا فرصة كان يمكن للشاعر أن يوجز فيها العبرة العامة من تلك المعاني والانفعالات العميقة التي رصدها في نصه . وكأننا ما زلنا نحتاج لمعرفة العبرة التي يريد الشاعر ترسيخها .
بورك الإبداع شاعرنا المجيد