المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس
بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتنا الأعزاء
لقد اتبع علماؤنا الكبار الأفاضل سنن القرآن الكريم في منهجياتهم - ولا يشذ الخليل عنهم -فهو من علماء القرآن الكريم واللغة العربية ومؤسس علم العروض.
إن شمولية أي منهج علمي تقتضي وضع منهج نظري مثالي ثم دراسة ما يمكن تطبيقه عليه عملياً. والشواهد القرآنية على ذلك كثيرة أبلغها لمن يعقل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) وهذا يعني أنك يجب أن تعيش حياتك مثالية لا سهو فيها ولاغفلة عن العبادة والذكر والشكر لله تعالى، وهو القائل ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدؤن) فلنتساءل ألا يعلم واضع هذا القانون وهو خالق العباد بمدى قدرتهم على التطبيق ؟ وهو القائل (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير). وعندما شكا بعض الأصحاب عدم قدرتهم على ذلك التطبيق أنزل الله تعالى ( فاتقوا الله ما استطعتم). وبقيت الآيتان في القرآن الكريم لكي يسعى الانسان قدر استطاعته في التقوى ليبلغ منزلة التقوى المثالية.
لقد وضع الخليل منهجه المثالي لكافة احتمالات البحور التامة ثم درس منها ما ينطبق عليها واقعياً من أشعار العرب ولم يطلق مسمى المجزوء وجوباً إلا على الأشعار التي لم يجد شعراً ورد عليها تاماً. فهل يكذب علينا ويأت بشعر تام عليها وهو التقي الورع؟
هذا منهج الخليل رحمه الله تعالى, ومن أراد أن يخالفه فلا بأس عليه أن يبتكر منهجاً خاصاً به ولينظر من يحاوره فيه ويطبقه عملياً.
وليست المسألة في التصنيف وليس التصنيف منهجاً يغير من أسس البحور أو قواعد زحافاتها.
فاتقوا الله في عالمكم الخليل واعلموا أنه في دار الحق ، ولا يحق لنا أن نتهمه بالجهل وتدمير علم العروض كما يدعي البعض أو أنه في ورطة كما ذهب شاعرنا الفاضل عادل العاني.
فاجتهدوا اجتهاد العلماء العاملين كما فعل الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله وطيب ثراهم ولم يتهم أحدهم الآخر بأي تهمة وهذا منهج العلماء وأخلاقهم
والحمد لله رب العالمين
بِسْم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز الشاعر القدير الدكتور ضياء الدين الجماس
أولاً دعني أدعو الله أن يغفر لمهندس العروض الخليل الفراهيدي ويرحمه بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويجزيه عنّا الخير
لن أطيل في هذا الرد
بل دعني أوضِّح شيئًا
أولًا : أنّ الخليل الفراهيدي رحمه الله إنسان في نهاية المطاف ومهما بلغ الإنسان من العلم يظلّ يتعلّم إلى آخر لحظة في الحياة
وهذا الأمر ينطبق عليّ وعلى كلّ إنسان في الكون
ثانيًا : نحن ندين بالفضل بعد الله إلى الخليل الفراهيدي الذي حفظ ما تبقّى ووصل إليه من شعر العرب وأسس علم العروض الذي ساعد على حفظ هذه الأشعار
ثالثًا : ليس علم الفراهيدي كاملًا في علم العروض ومن البديهي أن يأتي بعده من يكمِّل علمه وهذه من سنن الكون
وهذا ينطبق على جميع العلوم وليس على علم العروض لوحده
ولولا التطّور في العلوم لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تقدّم مبهر في العلوم ولما استطعنا الآن أن نتحاور عن بعد
رابعًا : عندما نصل إلى حقائق دامغة علينا أن نتراجع عن ما اجتهدنا فيه وذلك عندما تظهر هذه الحقائق خطأ اجتهادنا وهذا ليس عيبًا
خامسًا : عندما نصل إلى ما يخالف اجتهاد الفراهيدي رحمه الله لا يعني أنّنا نتحامل عليه وننكر فضله بعد الله
بل نحن نكمِّل ما اجتهد فيه للوصول إلى جادة الصواب
سادسًا : نحن نسوق البراهين والأدلّة التي تبيّن خطأ اجتهاد الفراهيدي وحتى ولو كنّا في عصره ووجدنا خطأ اجتهاده لناقشناه في هذا الخطأ
ولكن قدّر الله أنّنا أتينا في عصر آخر
ونحن عندما نناقش أمرًا ما وننتقده للوصول إلى الحقيقة المنشودة لا نبتغي من ذلك إلا وجه الله عزّ وجلّ والآخرة ولا نحتسب إلا ثواب الله عزّوجلّ
كما ترى أنَّني بذلت كلّ جهد ممكن لأبيّن حقيقة وجود الوتد المفروق على أرض الواقع ولم أجامل أستاذي الفاضل عادل العاني في ذلك لأَنِّي أؤمن إِيمَانًا كاملًا بحقيقة وجوده وما كان الفراهيدي ليخترع هذه التسمية ليصل إلى أهدافه
والسؤال المطروح لماذا لا تناقش هذه الأدلّة والبراهين لتثبت خطأ هذه الأدلة أو نثبت نحن صحتها
وهذا الأمر هو المرتجى من الجميع للوصول إلى الحقّ الذي ننشده جميعًا
لن أطيل أكثر من ذلك
بارك الله فيك وجزاك خيرًا
مع خالص التحيّة والتقدير
والحمد لله ربّ العالمين