البحر المقتضب
د. ضياء الدين الجماس
سبب التسمية حسب بعض كتب العروض اقتضابه من المنسرح، باجتثاث تفعيلته الأولى وعلى هذا من الأولى تسميته مجتث المنسرح حقيقة بمعنى المقتضب كتسمية عامة ، في حين أرى السبب الأكثر منطقية هو كثرة اختصار المستعمل منه فهو مجزوء وجوباً ومزاحف وجوباً في التفعيلتين الباقيتين . فهو أقصر المجزوءات وجوباً من البحور الأصلية ( في كل شطر 8 حركات و 4 سواكن فقط) . وتفعيلة (مفعولاتُ) فيه مقدمة . وزنه الأصلي حسب الدائرة العروضية:
مفعولاتُ مستفعلن مستفعلن ... مفعولات مستفعلن مستفعلن
/*/*/*/ /*/*//* /*/*//* .... /*/*/*/ /*/*//* /*/*//*
= 2 2 2 1 2 2 3 2 2 3 .... 2 2 2 1 2 2 3 2 2 3
تمثيل المقتضب على الدائرة
ولكنه لا يستعمل إلاَّ مجزوءاً وجوباً :
مَفْعولاتُ مُسْتَفْعِلُنْ ... مَفْعولاتُ مُسْتَفْعِلُنْ
/*/*/*/ /*/*//* .... /*/*/*/ /*/*//*
2 2 2 1 2 2 3 ... 2 2 2 1 2 2 3
ولم تأت فيه مستفعلن إلا مطوية : مستعلن 2 1 3 /*///*
وطي مفعولات او خبنها فيه واجب فلا تأتي إلا مفْعُلاتُ = فاعلاتُ /*//*/
أو فعولاتُ //*/*/ فيما يعرف بالمراقبة على توالي الأسباب المتجاورة.
ويؤول الاستخدام العملي بالوزن إلى :
فاعُلاتُ مستعلن /*//*/ /*///* ... /*//*/ /*///*
= 2 3 1 2 1 3 ... 2 3 1 2 1 3
ويكون تمثيل المقتضب المستعمل بيانياً
ضابطه عند الحلي :
اقتضب كما سألوا ... مفعولاتُ مُسْتَعلن
وهذا البحر من البحور النادرة الاستخدام لكنه جميل أيضاً رغم إنكار البعض له
العَروض والضرب واحدة وكلاهما مطوي وجوباً ، وزنها مُستعلِن أو مُفْتَعِلُن.
الخلاصة:
الوزن الجائز من الأصل :
مفعولاتُ مُسْتَعِلن ... مفعولاتُ مُسْتَعِلُن
/*/*/*/ /*///* .... /*/*/*/ /*///*
2 2 2 1 2 1 3 ... 2 2 2 1 2 1 3
مثال : لا أدعوك من بُعُد = بل أدعوك عن كَثَب
وبطي مفعولات
قدْ رأيتُهُ عُمَرا = في السما بدا قَمَرا
كالبدورِ طلعتُهُ = في العوالمِ ازدهرا
ويجوز في مفعولاتُ الخبن لتصبح فعولاتُ :
فعولات مستعلن //*/*//*///*
رسول الهدى علَمُ = وفي شرعه القيَمُ
جميلٌ بصورته = كما خطّه القلمُ
لاحظ أنَّ هذا الوزن الأحير يلتبس مع أحد أشكال المتقارب المجزوء إذا زوحف سبب الاعتماد فيه فعولن فعولُ فعو 3 2 3 1 3 ولذلك لمنع الالتباس منعوا مزاحفة السبب الأخير في مجزوء المتقارب.
الواجب التطبيقي طيّ مفعولاتُ ومستفعلن لتصبحان.
فاعلاتُ مسْتَعلن /*//*//*///*
مثال : أقبلت فلاح لها = عارضان كالسبَجِ
أو
نورُ أحمدَ انفَجَرا = في المدائنِ انتشَرَا
والسَّماءَ نوَّرها = في نُجومها ظهَرَا
وجوب المراقبة على أسباب تفعيلة الحشو :
يلحق مفعولاتُ نوعان من التغيير حسب قاعدة المراقبة :
1- الطي فتصبح مفعولاتُ : مَفْعُلاتُ /*//*/ = فاعلاتُ /*//*/ ، وهو الغالب أو :
2- الخبن فتصبح : مَعولاتُ //*/*/ = مَفاعيلُ أو فَعولاتُ .
وهذا التغيير جائز لكنه نادر ومنعه بعضهم .
ملاحظات :
1- لا يجوز جمع الطيّ والخبن في تفعيلة واحدة هنا. أي إذا خبنت التفعلية لا تطوى وإذا طويت لا تخبن. وأجاز بعض العروضيين السلامة من الزحافين دون جمعهما .
2- جمهور العَروضيين على وجوب طي (أو خبن) تفعيلة مَفعولاتُ لتوالي ثلاثة أسباب.
3- استبدل الشعراء المتأخرون في الضرب وزن مستعلن 2 1 2 بوزن مفعولن 2 2 2 (أي قطع مستفعلن) ، وهذا الضرب لم يذكره الخليل
1. مفعولاتُ مفتعلن=مفعولاتُ مفتعلن /*/*/*//*///*
2. مفعولاتُ مفتعلن**مفعولاتُ مفعولن /*/*/*//*/*/*
مثال الضرب الثاني غير الخليلي : يقول الحسين بن الضحاك:
النعيمُ يشغَلُهُ= والجمَالُ يُطْغيهِ
فهْوَ غَيْرُ مُكْترِثٍ**للّذي أُلاقيهِ
فيمكن القول
كم غفَتْ تناجيهِ = قبلَ أنْ تُلاقيه
والعيونُ ساهرةٌ =بالهوى تناديه
يا حبيبَ جارحتي =عَلَّها تراضيه
]من قصائدي على هذا البحر
إنني لمقْتَضِبُ
|
إنَّني لمقتضبُ |
لا يهمُّني العَتَبُ |
للجَهُولِ مُشْتَبِهٌ |
للأصولِ أنتَسبُ |
في العَروضِ دائرتي |
من جمالها الأدبُ |
صُغتُ منه إسورتي |
في متونها الذَّهَبُ |
بالزخارفِ اتَّسَمَتْ |
للعقيقِ تصْطَحِبُ |
للعيون جاذبة |
للقلوبِ تغتصِبُ |
والخليلُ صائغُها |
نعْمَ صائغٌ عَذِبُ |
بالحروف مكّنَني |
يستَميلني الطرَبُ |
من دعا أتيتُ له |
مُقْلتي له أهبُ |
والمحبُّ يعرفُني |
بالغرامِ ألتهبُ |
|
|
ومجموعة من قصائدي على بحر المقتضب على الرابط
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=86182