المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنس الحجّار
إنّي طَرَدْتُكِ مِنْ شِعري ومِنْ أدَبي
كَما طَرَدْتُكِ مِنْ قَلبي ومِنْ هُدُبي
أطْعَمْتُ للأمْسِ عِشْقاً كان يَسْكُنُني
يَقْتاتُ أمسي على الأحزانِ والتَّعَبِ
يا طفلةَ العِشْقِ إنَّ الحُبَّ يَسْكُبني
خمراً، فكيفَ بِفيكِ الخَمْرُ لمْ يَطِبِ؟
لمْ تُدْرِكي أنَّ هَمْسَ الرّوحِ أُغنيةٌ
إنْ لمْ تَعُدْ بالصدى ماتَتْ على الطّرَبِ
مَنْ كانَ يهواكِ ما قَدَّرْتِهِ أبداً
فالحُبُّ مِنْ شاعِرٍ وَحْيٌ بِصَوتِ نبي
أدرَكْتُ أنَّ نِساءَ الكَونِ عاجِزَةٌ
أنْ تَفْهَمَ الشّاعِرَ القِدّيسَ في الكُتُبِ
تَرْجَمْتُ كَيفَ يعيشُ العِشْقُ في مُهَجٍ
صِدْقاً وكَيفَ يَموتُ العِشْقُ بالكَذِبِ
ذَوَّبْتُ شِعْرَ الهوى عِطْراً يَبوحُ بِنا
فَمَا لِروحِكِ بالأشعارِ لمْ تَذُبِ؟
أسكَنْتُكِ العُمْرَ حتّى خَالَني زَمَني
أنّي وَجَدْتُ شِفاءَ الرّوحِ مِنْ وَصَبي
فَكَمْ تَبَدَّيْتِ لي في قَهْوَتي عَبَقاً
وَكَمْ سَهِرْتُكِ ليلاً مَاسَ بالشُّهُبِ
الحُبُّ ليسَ سَريراً صِيْغَ مِنْ خَشَبٍ
الحُبُّ هَمْسٌ يَبُثُّ الرّوحَ في الخَشَبِ
فَكَمْ أتَيْتِ تَمُوئينَ الجوى سَحَراً
يا قِطَّةً لمْ أعُدْ كالأمْسِ للّعِبِ
وَكَمْ لَبِسْتُكِ والرَّعْشاتُ تَزْرَعُني
كالياسمينِ يُحاكي الطَّلّ في السُّحُبِ
مِنْ هاتِفي كَمْ أبُثُّ السِّحْرَ في جُمَلٍ
تَعودُ لي جُمَلي باللّومِ والعَتَبِ
كَمْ كانَ خَطِّيَ بالأسْحارِ مُنْشَغِلاً
تَغيبُ روحي بِهِ والهَمْسُ لمْ يَغِبِ
لا تَغْضَبي مِنْ رَحيلي خَلْفَ قافِيَتي
أنا رَحِيقٌ وأنتِ الرّيحُ تَصْرَخُ بي
لا تَطْلُبي هاتفي فالخَطُّ مُنْشَغِلٌ
ولَنْ أُجيبَ وإنْ أمعَنتِ بالطَّلَبِ
السلام علبيكم
قصيدة جميلة ، عندما حلَّق فيها الشعر وصل إلى ذرىً تطاول الغيوم في علوِها فحطَّ عليها وبسطَ فيها أجنحة الجمال الأخاذ والشاعرية الملهمة ، قبل أن يغادرها ويتابع تحليقه في الأثير الأقل ارتفاعاً .
ومن تلك الذرى قول الشاعر
"فالحُبُّ مِنْ شاعِرٍ وَحْيٌ بِصَوتِ نبي"
وقوله
" فَمَا لِروحِكِ بالأشعارِ لمْ تَذُبِ؟ "
وقوله الرائع
الحُبُّ ليسَ سَريراً صِيْغَ مِنْ خَشَبٍ
الحُبُّ هَمْسٌ يَبُثُّ الرّوحَ في الخَشَبِ
والقصيدة حافلة بالجمال والشاعرية والبناء اللغوي الرصين .
وكان ختامها لطيفاً جداَ واستطاع انتزاع البسمة من القارئ على الرغم من الشجن والمشاعر التي تثير الألم في معظم أبيات القصيدة .
لا تَطْلُبي هاتفي فالخَطُّ مُنْشَغِلٌ
ولَنْ أُجيبَ وإنْ أمعَنتِ بالطَّلَبِ
وأعجبتني في هذا البيت الطرافة والظُرف اللذان أوحت بهما التورية الرائعة من خلال ادعاء الشاعر وتبريره الواهي ( فالخط منشغل ) مع أننا نعلم أن الخط في الحقيقة غير منشغل ؛ ولكنه أراد القول بأسلوب لبق لا يجرح مشاعرها :إنه قد تغير ولم يعد مستعداً لأن يستجيب لطلبها .
تحيتي لإبداعكم أستاذنا الشاعر أنس الحجار