إذا وَارَى "مَــهـيُوبَ" أمــرُالـقَـدرْ
وفــــارقَ دُنـــيا الأسى والـــكــــدرْ
وصـــــــَارَ إلىٰ حــــــفْـــرةٍ كـــــلُّـــنا
لَهــــَا صَـــــــائــِرٌ لَــيـسَ مِنـهَا مـَفَرْ
فـــــــــآثــارهُ بـَاقـِــــــــــــياتٌ لـــنَا
فــــإنْ يُـــــدْفـن الــقلبُ يَـبقَى الْأثـرْ
فـــــــــكمْ ميِّـــــتٍ ذكْــــــرُه خــَالـــدٌ
كنــــــحْتٍ بصــــخْرٍ بأحـلَى الـعـبـرْ
وحَـــــيٌّ بنـــــسْيـــــــانهِ مــــيِّــــــتٌ
وإنْ لــــمْ يــــُوارَى بِلــــحْدِ الــحفرْ
فـــــــقدْ كــــــانَ "مهــيُوبُ" موْهِبةً
كبـيــــْر الـــفــؤادِ بعيـــْد النـــَّظـــرْ
قَـــــــضَى الدَّهْرَ بيْن صُروحِ الْــعُلا
يُــهَــــــدِّم بالعلــمِ جــــهْلا ًأمــــــــرْ
ويَـــــــسْطـــرُ لـلأرضِ أحــــــوالهـا
ليَحـــــــفظَ فـــــيْها تــُــراثً بـَثــــــرْ
ويــــــكْتبُ يــَـــرويْ شَـــــــذا قِصَّــةٍ
فَـــــتشْرِق مـــــنْ جــانــبيْها الـعـبرْ
ولــــلأرْضِ أعْــــــطَى لــــهَا عـُـمْرهُ
هـــــزِيْــجَ الْــمــهاجلِ ،زرعَ الشَّجرْ
وسَــــــارَ عـــــلى نهْــــجِ أجْـــدادهِ
فـــــجدَّدَ مـــنْ مجْــــدهمْ ماانـدَثــــرْ
أحــــــاطَ الـــعـــلومَ بأنْــــــــواعِها
وفــــنَّ الـــخطــوطِ ورسـْم الصُّورْ
سِنـَـــام الــــمعالي ومـــــــامــــــثْلـها
بَلَغْها ،ولــمْ يــنْسَ( وَقْــــصَ) الْحجرْ
وصَـــــــارَ المِــــثالُ الَّذيْ يُــحْـتذَى
وقـُــــدوةِ جـــيْلٍ ،لتَــبــحِــيرِ بـَـــرْ
رَمَــــــى بالنــــُّجــومِ دُجَــى أُفــْقـِـــهِ
وأعْطىٰ وأهْـــدَىٰ رحيـــقَ الْــزَّهــرْ
تَـــفَـتَّـــقَ مـــنْ شِفَّــــتَــيْهِ الـــبَـــيـان
كَنـــــهــرٍ، ومـــنْهُ كــــثيْـــراً ســـطرْ
فـــأظـــهرَ فِـــــيْ حَـــــرْفـــهِ نَكـــهــةً
بـــــروعـــةِ ذاكَ الْـــبــيــان الأغَــــرْ
وأغْـــــرسَ فيْ نـشـْئِـــنا غَــــرْســـةً
صُــــــعودَ الْمعــــالِيْ و طِيْبَ الْأثــرْ
وأنــــتــجَ منْ صِــــفْـــرِهِ رائــــــــداً
بــــروْحٍ سـَمتْ و ذَكــــــــاءٍ نَــــــدَرْ
فـــــنـونٌ تَــــجَلَّتْ بــــــــأعـــــــمَالــه ِ
وصـــــبـْــرٌ تَـحــــدَّىٰ و عـــــزْمٌ بـَهرْ
فَـــــغَــذَّى الــــحــياةَ ووَاحـــــاتـــها
غنـــــاءً وفــــعلاً وحـــــــرفاً أبــــَرْ
تَــــــجَافَتْ عــــنَ النـــَّوْم أجــْفـَانـــه
وعــــــــاشــتْ حــليْفة مُرّ الســَّهــرْ
وكــــــان مثالُ الـــــتَّـــفاني الَّـــذيْ
يقــــودُ الجـِــبِــلَّ لأغْـــلَى الْـــــدُّررْ
فَنــــــمْ وســــْـطَ قَـبرك فـيْ راحــةٍ
وطــــــبْ فِـــيه روْحاً ونــفْساً وقـرْ
فكـــــــّل جــــهوْدك لنْ تَــــنْتــــسيْ
ستـــــــبْقى بــــذوراً لــفكرِ الــبشــرْ