|
مَا كُنْتُ مِمَّنْ يَسْتَعيذُ مِنَ الرَّدَى |
حَتَّى وَلَوْ قالوا أتى مِلْءَ المَدَى |
أمَلي ، مُنايَ ، جوارُ أهلِ مَوَدَّتي |
وَنَعيمُ خُلْدٍ عنهُ حَدَّثنا الهُدى |
فانهلْ أخا شأوي مَصادرَ كوْثرٍ |
قُمْ عانقِ الفِرْدَوْسَ واحتَضِنِ النَّدى |
وَاهجُرْ مَكارهَ رأسِ كلِّ خطيئةٍ |
حتَّى ولو عِشْتَ المُهجَّرَ مُفرَدا |
يا أنتَ : هلْ سَألوكَ يومًا بالذي |
مَسَّ الفضاءَ وبات يخترق الصَّدى ؟ |
هل شاوَروكَ لِلَحظةٍ في شأن ما |
بَلَغَتْ عواصفُهُ الجَحيمَ الموقَدا ؟ |
هل شاركوك همومَ أيّامِ الأسَى |
إذ كنتَ تلتَحِفُ الرَّصيفَ مُعَبَّدا !؟ |
سَمِعُوا نشيجَك ؟ أرَّخُوا لغةَ البُكا ؟ |
قرأوا رؤاكَ ؟ تأسّفوا ؟ سَمعِوا النِّدا ؟ |
وَإذًا ، فلا تغتَمَّ ، لا تئدِ الهنا |
ما رَيْتَ وَعْدَكَ مُقمِرًا مُتَورِّدا |
في اللامُبالاة الحَياةُ بهيّةٌ |
لا الهمُّ ، لا الأدواءُ ، لا شَطَطُ العِدا |
صبرًا ، فَذا تقْديرُ رَبِّك دائمًا |
في كلِّ حالٍ مُنتهاهُ المُبتدا |
فالنّاسُ قاطبةً لو اجتَمعُوا على |
أن ينْفَعُوكَ لما استطاعُوا مَوْرِدا |
أو أنْ يضُرُّوا ، فالحَقائقُ سَيّدي |
في الكونِ واضحةٌ ، فَصُنْ لكَ موْعِدا |
مَع مَن تظنُّ بقرْبهِ يَضعُ الشَّذا |
خطراتِهِ ، ويمُدّ للكــــــــبدِ اليَدَا |
وانسَ الزَّمانَ وَمَا أحاقَ قَرينُهُ |
من زَيْفِ نُعمى ، أو حِمامٍ أزبَدا |
طُفْ بالجَمالِ مع الوصالِ ولا تدَعْ |
مَلَكاتِ قلبٍ بالرَّوائعِ أنشدا |
خُذْ من أويقاتِ التفكِّرِ فسحةً |
فلعلَّ سُعدى أخبرَتْكَ لكَ الفِدا |
روحي وَعقْلي ، والتَقَتْكَ سطورُها |
لتصوغَ في سُبُلِ التَّنافسِ مَشهدا |
ماسِيّة النَّفَحاتِ ينفي طرفُها |
وَسَنَ البيانِ ، وترتقي متَودّدا |
يَسْتَطْردُ الآمالَ قيْسُكَ تارةً |
أو من جميلٍ تسْتردُّ الأجْودا |
لا تَقلبِ الصَّفحاتِ في حَرَمِ الهَوَى |
فالظَّنُّ في بعضِ الأدلّةِ يُقتدى |
بل لا تصحِّفْ بالعيونِ تغافلاً |
كيما ترى ما المعتدي ما المعتدى |
والبسْ من الحُللِ التي ألوانُها |
تهوى مَثابات البهاءِ زَبُرْجَدا |
وإذًا تجاهلْ وطأةِ الحمم التي |
بركانُها فوقَ الجراحَ تلبّدا |
واعلمْ متى رُمتَ افتقاري أنَّني |
ما كنت ممن يستعيذ من الرَّدى |