" انتحالٌ من مرايا الغِياب "
وَأعْلمُ أنَّهَا مِثلِي تَقُولُ
مَشاعِرُنَا تَغشَّاهَا الذُّبُولُ
نُحَاولُ أنْ نَقُصَّ مَسَافَتينَا
فَطَالَ عَلى تَباعُدِنَا الوُصُولُ
نَمُدُّ دُمُوعَنَا ونَسيرُ مِنهَا
بِيَأسَينَا فَيُوقِفُنَا المُثُولُ
فَنُشْعِلُ شَمعَ وَحشَتِنَا عُيُونًا
وَحِينَ أَضَاءَ أَحْرَقَنَا الفَتِيلُ
نَخَافُ بِأنْ نَرَانَا فَاسْتَحلْنَا
إلَى وصْلَينِ قُرْبُهُمَا رَحِيلُ
ونَبْسُطُ كَفَّ فَأْلَينَا وَفِينَا
يُصَافِحُ خَافِقَينَا المُستَحِيلُ
تُسَرِّبُ قَلبَهَا مِنِّي وقَلبِي
بِأضْلُعِهَا يُسَرِّبُهُ الذُّهُولُ
نُرَاقِصُ هَمْسَ مَاضِينَا وَمِنَّا
تُدَقُّ علَى تَفَرُّقِنَا طُبُولُ
وَنَعلَمُ أَنَّنَا مُنْذُ اتَّشَحْنَا
غُرُوبَ الشَّمسِ بَدَّدَنَا الأُفُولُ
وَأَنَّ جِيادَنَا عَثَرَتْ وَلَمَّا
كَبَونَا عَادَ يُسْرِجُنَا الصَّهِيلُ
عَلَونَا صَوبَ أسفَلِنَا فَعُدْنَا
مِنَ الأَعلَى يُصَعِّدُنَا نُزُولُ
فَظلَّ خَوَاؤنَا فِي كِفَّتَينَا
يَمِيلُ بِنَا وَلكِنْ لَا نَمِيلُ
وَنَلمحُ فِي خَرَائِطِنَا خُطَانَا
بِلَا أَثَرٍ فَحادَ بِنَا الدَّليلُ
كَأَنَّا مِنْ مَرَايَانَا انْتَحَلْنَا
مَلامِحَنَا وَأخْفَانَا البَدِيلُ
وَأَنَّا مِنْ غَمَامَتِنَا انْسَكَبْنَا
جَفَافًا حِينَ عَانَدَنَا الهُطُولُ
نَعِيشُ بُرُودَنَا مَوْتًا فَصِرْنَا
قَتِيلَ نَوَىً يُشَيِّعُهُ قَتِيلُ !!