|
قِفُوا نَبْكِيْ ، وَنَعْتَصِرُ اعْتِصَارَا |
إلى أنْ يَنْضُبَ الدَّمْعُ افْتِقَارَا |
أمَا وَاللهِ إنَّ العَيْنَ تَبْكِيْ |
وَإنَّ القَلْبَ يَنْفَطِرُ انْفِطَارَا |
وَإنَّ الحُزْنَ يَلْتَهِــمُ الحَنَايَا |
وَيُضْرِمُ بِالحَشَى ألَمًا وَنَارَا |
على ماذا البُكَا ؟، لا تسْألُوْنِيْ |
أفِيْ نَوْمٍ رِفَاقِي ، أمْ سُكَارَى |
صَلاحُ الدِّيْنِ ما ابْتَسَمَ ابْتِسَامًا |
إلى أنْ رَدَّ لِلْأقْصَى اعْتِبَارَا |
وَها قَـدْ عَادَ مُحْتَــلًا أسِيْرًا |
وَأهْلُهُ يَضْحَكُوْنَ وَهُمْ أُسَارَى |
سَتَنْتَصِرُ ابْتِسَامَتُنَا ، وَلَمَّا |
إلى غَيرِ البُكَاءِ نَجِـدْ خيَارَا |
قِفُوا نَبْكِيْ عَلَيْنَا كيف صِرْنَا |
إلى أُضْحُوْكَةِ الأُمَمِ ــ احْتِقَارَا |
لأنَّــا أرْفَعُ الأُمَـمِ اقْتِصَــادًا |
وأدْنَاهَا انْتِعَاشًا وَازْدِهَــارَا |
لأنَّــا أوَّلُ الأُمَـمِ اتِّحَــادًا |
وَآخِرُهَا تَشَظٍّ وَانْشِطَارَا |
تُحِيْطُ بِنَا مَهَانَتُنَا ـ عَرِيًّا |
يُخِيْطُ لَنَـا مِنْ العُرْيِ الإزَارَا |
وَمَنْ يَخْلَعْ ثِيَابَ العِزِّ يُلْبَسْ |
ثَيَابَ الذُّلِّ ، تَفْضَحهُ عَوَارَا |
كَأنَّا لا سوى آلات حَرْبٍ |
يَسَيِّرُهَا يَهُوْدًا أوْ نَصَارَى |
عَتَـاد الحَرْبِ نَمْلِكُهُ ، وَلَكِنْ |
قرار الحَرْبِ ــ نَفْتَقِدُ القَرَارَا |
وَنَغْضَبُ كَالرِّجَالِ بِوَجْهِ بَعْضٍ |
وَفِيْ وَجْهِ الغَزَاةِ فَكَالعَذَارَى |
تَسَـابَقْنَا إلى المُحْتَلِّ ، لَكِنْ |
إلى الأحْضَانِ لَمْ نُخْطئْ مَسَارَا |
وَفَاجَأنَـا العَدوَّ بِطَــائرَاتٍ |
فَأسْقَطْنَ القَنَابِلَ جُلَّنَـارَا |
تَمَوْضَعْنَا كما شاء ــ انْبَطَحْنَا |
وَسِرْنَا حَيثُ شَاءَ لَنَا ــ انْحِدَارَا |
هَدَمْنَا القُدْسَ، وَالأقْصَى أقَمْنَا |
مكان السُّـوْرِ لِلْمَبْكَى جِـدَارَا |
وَدَمَّرْنَا العِرَاقَ بِدُوْنِ ذَنْبٍّ |
سوى أنْ نَافَسَ الغَرْبَ ابْتِكَارَا |
قَتَلْنَا بَعْضَ في يَمَنٍ وَشَامٍ |
وَحَوَّلْنَــــا مَدَائنَنَا قِفَارَا |
وَطَلَّقْنَا عُرُوْبَتَنَـــا ثَلاثًا |
وَصَوَّرْنَـاهُ تَيْسًا مُسْتَعَارَا |
وَفَوَّضْنَــاهُ تَفْوِيْضًا طَلِيْقًا |
وَصَيَّرْنَاهُ فِيْنَا مُسْتَشَــارَا |
وَأضْرَعْنَا لَهُ آبَــارَ نفْــطٍ |
فَأرْضَعنَا الأسَاطِيْلَ انْتِشَارَا |
وَزِدْنَا ، كُلَمَا زِدْنَاهُ بِئْرًا |
إلى التَّالِيْ وَفِيْ جَشَعٍ أشَارَا |
وَضِيْعُ مَكَانَةٍ ، وَرَضِيْعُ نَارٍ |
تَزِيْدُ النَّارُ بِالحَطَبِ اسْتِعَـارَا |
"تَصَهْيَنَّا ، تَأمْرَكْنَا " لِيَرْضَى |
وَلَنْ تَرْضَى اليَهُوْدُ ولا النَّصَارَى |
فَلَيْتَ الشِّعْرَ كَيْفَ، متى سَنَصْحُو |
وَنَصْنَع مِنْ هَزَائِمِنَا انْتِصَارَا ؟ |
قِفُوا نَبْكِيْ حَضَارَاتٍ وَأُخْرَى |
تَكَادُ اليــوم تَنْدَثِرُ انْدِثَارَا |
مِنَ الحِقْدِ الدَّفِيْنِ نَرَى جِبَالًا |
عَنِ الأخْطَاءِ تَنْحَسِرُ انْحِسَارَا |
على أطْلالِ بلقِيْسٍ وَأرْوَى |
يَكَادُ المَرْءُ يَنْتَحِرُ انْتِحَارَا |
هُنَا كَانَتْ قِلاعُ بني رَسُـوْلٍ |
أحَالَتْهَا مَعَاوِلُنَــا غُبَــارَا |
هُنَا كَاَنَتْ حُصُوْنٌ شَيَّدَتْهَا |
بَنُوْ أيُّوْبِ صُنَّــاهَا بَــواَرَا |
هُنَا لِلطَّاهِرِيَّةِ بَاتَ صَــرْحٌ |
وَأضْحَى الصَّرْحُ للذِّكرَى مَزَارَا |
بِأيْدِيْنَا هَـدَمْنَا المَجْدَ حِقْـدًا |
وَبِالمَوْرُوْثِ تَاجَرْنَا اتِّجَارَا |
وَيَسَألُنِيْ تَلامِيْــذِي : لِمَاذَا |
عَلَيْنَا سَيْفُنَــا بَغْيًـا أغَــارَا ! |
لِمَاذَا يقتل الأعْرَابُ بَعْضًا |
وَكَفُّ البَطْشِ تَقْتَحِـمُ الدِّيَارَا ! |
فَأيْنَ رَوَابِط الإسْلامِ مِمَّنْ |
نَرَاهُــم يَقْتُلُوْنَ أخًا وَجَارَا ! |
وَأيْنَ عُرَى العُرُوْبَةِ لا نَرَاهَا |
أمَامًا ، أوْ يَمِيْنًا ، أوْ يَسَـارَا ! |
لِمَاذَا نَدْرُسُ التَّارِيْخَ ــ زَيْفًا |
تُكَلِّفُنَــا وَتُرْهِقُنَـــا اخْتِبَـــارَا |
أأخْفَقَتِ العُرُوْبَةُ فَاسْتَدَارَتْ |
أم التّاريخُ أبْرَقَ وَاسْتَـدَارَا ! |
ألَسْنَا خَيْرَ مَنْ رَكِبُوا خُيُـوْلًا |
بِهَا عَبَرُوا الفَيَافِيَ وَالبِحَارَا ! |
ألَسْنَا نَحْنُ مَنْ وَصَلَتْ فَرَنْسَا |
جُيُوْشُهُمُ ، وَمَنْ فَتَحُوا بُخَارَى ! |
لِمَاذَا اليَوْمَ نُرْضِيْ الكُفْرَ خَوْفًا |
وَبِالإسْــلامِ نَسْتَتِرُ اسْتِتَـارَا |
نُحَرِّرُ أرْضَنَــا مِنَّا ، وَنْبْنِيْ |
مِنَ الأوْهَـامِ مَجْدًا وَانْتِصَارَا |
لِمَاذَا إنْ تَحَارَبْنَا قَصَفْنَــا |
مَوَانِئنَا ، وَلَمْ نُخْطئْ مطارا ! |
لِمَ لا نَهْــدَمُ الأحْيَاءَ ، إلّا |
على الأحْيَاءِ لَيْـلًا ، لا نَهَارَا |
وَنَسْتَثْنِى مَدَارِسَهَا بِلَيْلٍ |
وَبِالأسوَاقِ كَمْ قُصِفَتْ مِرَارَا ! |
وَيَسْألُنِيْ صِغَاريْ : يا أبَانَا |
لِمَاذَا تَقْتُل الحَرْبُ الصِّغَارَا |
لِمَاذَا الحَرْبُ يا أبَتِيْ أجِبْنَا |
سَئمْنَاهَا ، وَمَلَّيْنَا الدَّمَارَا |
فَيَخْنُقُنِيْ الجَوَابُ ، وَكلّ يَوْمٍ |
أُقَـدِّمُ خِيفة العَدْوَى اعْتِذَارَا |
لأنَّا جِيْلُ أوْبِئـــةٍ إذَا لَمْ |
نُطَوِّقْهَا سَتَلْفَحهُمْ أُوَارَا |
فَيَنْشَأ نَاشئُ الأجْيَالِ عَبْـدًا |
لِعِجْلِ التَّلِّ يَسْتَمْلِي الخُوَارَا |
فَيَا أطْفَال مازِلْتُمْ صِغَارًا |
تَنَاسُوْنَا إذَا صِرْتِمْ كِبَارَا |
وَمَا كُنَّــا لَكُـمْ آبَاءَ فَخْـرٍ |
فَلا تَتَحَسَّسُوا مِنَّـا اْفْتِخَارَا |
وَيا أبْطَالنـا لا تَقْتَفُــوْنَا |
وَلا تَسْتَنْسِخُـوا مِنَّا إطَـارَا |
لأنَّا جِيْــلُ زُهْرِيٍّ وَإيْـدْزٍ |
فَفِرُّوا خيفة العَدْوَى فِرَارَا |
أقُوْلُ ، وَلا أرَى في الصِّدْقِ عَيْبًا |
لَقَـدْ كُنَّا على التَّارِيْخِ عَارَا |