|
أَعِدْها ، زَمانُ الكُتْبِ مَلَّ النَّوَائِبا |
أعدْها لِتَسْتَوْفي المَواضي الرَّغائِبا |
أَعِدْ دَوْلَةَ الأفذاذِ وَارسُمْ خَريطَةً |
بها مَنْطِقُ التَّأريخِ يُوحي المَوَاهِبا |
لِتَشْمَخَ أسْطارُ البَلاغَةِ حينها |
على وَقْعِ رِيّاها تَهُزَّ القَواضبا |
بها سُرُجُ الآمالِ ، وَالحُلُمُ الذي |
تَمَنَّى دُهورًا أن يَزفَّ المَواكبا |
يُنادِمُ أسْفارَ البَهاءِ يَقينُهُ |
يَؤوبُ لألْطافِ الأُصولِ مُوَاكبا |
أعِدْها أخا الأمجادِ حسْبُكَ أن ترى |
رماحَ ذوي الألبابِ تلوي الغياهِبا |
تنامُ وَفي الخَدَّيْنِ عِطْرُ مروءَةٍ |
وَتَصْحو ومن عينيكَ تَسْقي الكَتائبا |
دُعاءً نَقِـيًّا مِنْهُ يَنْبَجِسُ النَّدى |
يُحاكي ربيعَ الوصْلِ بالتِّبْرِ كاتِبا |
فَوَحِّـدْ طِـلابَ الخافقَيْن بهِمَّةٍ |
فَوَحْدُكَ يا قلبي يَؤمُّ الحَبَائبا |
وَوَحْدُكَ جَلّابٌ لكُلّ حَقيقةٍ |
نَفاها ظلامُ اليأسِ بالوجْدِ حاطِبا |
لَعَمْرُكَ دارُ الذِّكْر أضحَتْ غريبةً |
وَهَيْهاتَ داعِي الحُبِّ يَأتي المَضَاربا |
وَمِثْلُكَ مَنْ تعنو المَحافلُ فِعْلَهُ |
ليبْقى الحِمى عَفًّا ، لِروحي مُصاحِبا |
وَلا تُخْبر الأشواقَ أنَّك راحِلٌ |
إذَنْ آخرُ الأزمانِ يُبْدي العَجَائِبا |
لَئِنْ جَفَّ جُودُ السَّاهرينَ وَأدْبَرتْ |
رياحُ هَوانا وَهْيَ تنْعى السَّحَائِبا |
فخُذْ من عيونِ الطَّيْرِ رزقَكَ وانتَحِبْ |
وَقُلْ يا ابنَ جَنْبي ما عَرَفْتُكَ لاعِبا |
فُراتُكَ وَهْمٌ ، وَافتِقارُكَ فِرْيَةٌ |
ودنياكَ خَطْبٌ يَسْتَحِثُّ الغَرائَبا |
أَعِدْ بَلْسَمَ الأسْحارِ أمْنًا وَتَوْبَةً |
وَلازمْ أراكَ النُّبْلِ تَلْقَ الكَواكِبا |
غَدًا تُشْرِقُ الأحلامُ تِلْقاءَ دَوحتي |
وَتَعزفُ آماقُ الحَنينِ المَغاربا |
فما عاد يُسْلي الأيْكَ إلا دموعُهُ |
ولا عادَ يَرْجُو اللَّيْلُ إلا الجَنائبا |
فكن مثلما يهوى الخَليلُ مُوافيًا |
وَإلّا فلا تَشْرِي الهموم مُعاتبا |
وَإن عُدْتَ مَسْلوبَ التَّصَبّرِ جازعًا |
تَرقَّبْ نُهَيْرَ البَيْنِ وَانْسَ المَسَاربا |
ألا وَانْتَهِبْ بالشعر صَفْوَ فَصَاحتي |
لِتعْمَلَ في قَصْرِ المَنُونِ مُحاسِبا! |