أي سيدي: ما إنْ أمعنتُ النَّظرَ يقينًا في رَوْحِ بديعِكَ والرَّيحَانِ ، حتَى سارعَ عَقيقُ الجفونِ يخطُّ بالآماقِ مُلَحًا
مِن الودِّ تُنبيكَ أنَّ الذي أهديتَهُ يومًا مَعاني اليَاسمينَ ، وأيقظْتَ فِكَرَهُ بتِرياقِ المُغرمينَ ، لا زالَ يَسْكبُ مِن نَفحاتِ
الوَفاءِ صُوَرًا تُعلَّقُ على جَنَباتِ الرَّوضِ الأريضِ وَعدًا وعهدًا ، وَلم يَفتأ ضميرُهُ مُراقبًا أنظارَ وَقتِكَ وَغيوثَ حُسْنكَ ،
وَعسى تلوحُ مِن أقاحيكَ العِذاب ما قد أقسمْنا بهِ وَعليهِ يومًا أن يبقى المَعينَ لذكرى الزَّمانِ والمكانِ والزَّمكانِ ، نُلوِّحُ بأنفاسِهِ العطِراتِ الطيّباتِ للطيّبينَ والطَّيّباتِ ، وَنَصْدُقُ في رَشْفِ كؤوسَ الأمنياتِ ، حتى تحينُ زُلفى العروجِ على مَا كانَ بيننا منَ الممكناتِ ،وَنَسترعي بها انتباهَ المشاعرَ الحانياتِ والقوافي الخالداتِ ، فقُلْ لي :
مَا سِرُّهُ هذا الحنين ** في غربةِ القلبِ الحزينِ؟
هل راءَ مِن قِبَلِ الغوالي خِلسَةً همسَ الأنين؟