قلمٌ على أبواب التّوبة
بين أنياب الوقت.. بين الرّحى علّقتُهُ من ثقب مدادهِ..أنتظرُ عودتهُ من مناسك التّوبة
من منابر النّور
لعلّهُ يرسمُ لهذا العام براءةَ تاريخٍ متوّجٍ من سراج الشّمس بالدّفء والنّور
أيّها القلم ... سئمتُ حروفك السّوداء
ضجرتُ مدادكَ المثقوب ومداركَ المنقوص
كلّما تربّعتَ بين أناملي.. سجدتَ لها مطواعاً
لا تنزفُ غير الألم والأسى
تمنّيتُ منك أن تصرخ ... أن تعترض
أن تمزّق أسمال الحزن والغدر والخيانة
وتطلق الأمل بابتسامات تغيّر وجه تاريخي
وتبدّل معالم مدينتي .. وتتملّك نبضات قلبي
لكنّك أنت أنت .. صخرٌ تجوّف من كثرة النّحت
...
ألم تنشأ في جنّة التّدريب بين أبجديّة الطّهر؟!!
ألم تستنطق الحرف يا قلم
وتروّض الكلمة في محراب الدّعوة إلى الله؟!!
ماذا دهاك !!.. تتعرّج نبضاتك تارة
وتستقيم تارة أخرى وأنت تسترضعُ الخيال
كم مرّة حاولت أن أغيّر من مدادك الأحمر بزرقة السّماء
ليكتب قصيدة حبّ على أرصفة المدينة
نعانق فيها معالمها ونقبّل ثراها بين سطورها المتألّمة
...
إرحل عنّي أيّها القلم دون مبرّرات
فالتّوتر يركبني ويخلع عني ثوب الثّبات
ويتلعثم لسان ممحاتي بخناجر الاقتراب
كم مرّة انبرت جدرانك تحت التّهديد
فقذفتَ العار في كؤوس التّاريخ بممحاتك السّوداء
كم مرّة خدعك عاشقٌ لتكون فريسة زنزانته .. كم .. وكم!!!
أيّها القلم .. لم تعد صديقي لأنّ معزوفتك لم تعد تُطربني
إرحل وارجع بعد أن تغسل شوائب ضبابك وشذرات غبارك
لا أريد ضعفك البغيض هذا
حتى تتلقفني سكرة النسيان وأنا أرقب
أوردة الطموح تنبض في قلبك على بوّابة أفكارك في مسرح الأقدار،
وأنت تحمل مفتاح النّور لبوابة مدينتي العذراء
فقد شاخت حروفك وأنت تغزلها في ذلك العالم الصخري
واحترقت بعض حروفك وتناثرت في مهب الرّيح..
وجع نصوصك عندهم ما عادت تؤثّر
وإن كانت محمّلة بالمطر والرّياحين
دورك لم يعد يُجدي
بعد أن حوّلَت منظومة الفكر قبلتَها وداست على تاريخ بوصلتها
فقد فتح باب الرّصاص طريقاً يوازي الأحلام
ليكتب بالبندقيّة ألف مقال!!
...
لن أقسم عليك اليمين بكسرك .. لأتركك
ولكن سأهجر مدادك الحزين مهلة..وأتبنّى وقوف خطوطك قطرة
لألحّنَ معزوفة الغد المبصر بشهد الأمل
إرحل وارجع بعد أن ينهي السلاح دوره ويرتاح ..
بعد أن تعلن توبتك في محبرة الأتقياء
وأنا هنا بالانتظار في عام غير عام الانكسار !!!!
لنكن معاً بانسجام وعلى الطّغاة رمي الجمار ..
جهاد بدران
فلسطينية