ترتيلُ الأحزان في معجم الأوطان
.
.
يا نبضَ قيثارتي، محبوبتي قمرٌ
معزوفةٌ ثغرها، في قلبها وترُ
في الحبّ أنغامها، في البدر مسكنها
كالنور في مهبط الأحلام تنهمرُ
من خدّها غارتِ النجماتُ قاطبةً
والبدرُ من نورها، في وجهه دُررُ
حتى عيون المها لمّا بها نظرت
باتَ السوادُ بياضاً، وهو منبهرُ
حتى الكنار جميل الصوت غرّدها
قد أيقظ الشرق فيها، صوتهُ عُمرُ
حتى النجوم التي تذوي تراقصها
في كفّها تنحني الجوزاء والقمرُ
ما أوحشتني دروبٌ في مرابعها
تمحو الشظايا ونورُ الشوق ينفطرُ
كم كنتُ في صدرها قنديل أمنيةٍ
في ظلّها البدرُ، في أنوارهِ أثرُ
كم كنتِ أيقونةً في البوح تعزفني
حلماً، يناغي الهوى إن مسّهُ الوترُ
أنت الضياء الذي من نورهِ كُسرت
عينُ الظلام وحين الليلُ يستترُ
أخشى دبيب الدّجى ينبوع مظلمةٍ
يُفضي عليك سواداً، رقصهُ البشرُ
في خُفيةٍ قد رنَت عتماتُهُ رهباً
في صمتهِ الفجر يصحو، لحنهُ السّحرُ
أسرجتُ قلبي على خدّ الزّمان جوًى
أستعطفُ الليل أحلاماً بها المطرُ
يُخفي ظلام البرايا تحت مخلبهِ
من خصرهِ الرّيحُ تعوي والدّجى قدرُ
ما عاد قلبي يُطيقُ البعدَ مرتَحلاً
في هِجرةٍ كلّ أوطاني بها سَفَرُ
قد كانت الأرضُ والأطيارُ راقصةً
حبّاً وأمناً ( علام الخوفُ والحذرُ)
قد كانت الريح نسمات تداعبنا
ما هاج سيفٌ علينا أو نما الشّررُ
حتى أتى الحزنُ موشوماً يُذكّرنا
سِفرَ الحدودِ دمٌ، مفتاحُهُ الحجَرُ
يا غافلاً، بين أفواه الكرى غرقاً
لا تترك الحزنَ في أجفانهٍ نظَرُ
أنظر إلى الطّيرِ في أنفاسها بللٌ
تدعو لربٍّ خطاها والرؤى عبَرُ
تغدو خِماصاً بلا همٍّ ولا حزَنٍ
بالحبّ ألحانها والشدوُ مختمِرُ
تستنشقُ العطرَ فجراً كي تُرَتّلهُ
أهزوجةً للجوى، يلهو بها البشرُ
لا تحزن اليوم، إنّ الفجرَ منبلجٌ
ما زال في حضنهِ نورٌ بهِ بصرُ
ما الحزن إلا تراتيلٌ لها وجعٌ
يبقى بحضن الورى إن جاسهُ خدَرُ
قم واطوِ عن أرضكَ الثكلى خُطى يبَسٍ
إنّ البكاءَ عليها نَولُهُ بَتَرُ
هل تنحني تحت أقدام الدجى رهباً
والنورُ مصباحُهُ فوق الثرى قمرُ ؟؟!!
لا عاصم اليوم من طوفان محرقةٍ
كلّ الورى في الأنا أرواحهم صُوَرُ
ما عاد في أرضنا وحيٌ ولا رسلٌ
قد نام عنها ملوكٌ عرشُهم خَوَرُ
بحر البسيط
جهاد بدران
فلسطينية