ما أجملَ الشفافيةَ والصراحةَ دون لفٍ ودوران ...!
يحتال الأهلُ والأطباءُ على المريضِ لكي لا يعرفَ حقيقةَ مرضه ....
ولا يتركون له الفرصةَ للوصيةِ والتوبةِ والوداعِ ...
ونثرثرُ كثيرًا وندورُ حولَ المعنى بالتوريةِ التي تحتملُ العديدَ من التأويلاتِ...
لغرضٍ ما في نفسِ راعيها ...
بما لا يسمنُ ولا يغني من جوعٍ عن تفلتِ وصراخِ الحقيقةِ التي تأبى إلا الوضوحَ ...
مهما تغطت بمساحيقَ التجميلِ ... وتبللت بالعطورِ ... وأُلبست أثوابُ الحريرِ...
فلا يمكن الإسباغُ على القبيحِ منها صفةُ الجمالِ ...
ويحضرني هنا مدحُ المتنبي لكافور الإخشيدي المبطنِ بالهجاءِ .
كم أكرهُ نفاق الإنسانيين الذين يعدمون الأبرياءَ
بما يسمونه الموتَ الرحيمَ ...!
فالقتلُ هو القتلُ لا رحمةٌ فيه والنتيجةُ واحدةٌ
حتى عندما ننوي الرحيلَ نبتدعُ من الألفاظِ ما ليس لهُ من سلطانٍ ... !
ونبرعُ في حزِّ عنقِ الضحيةِ على مهلٍ حتى نطيلَ لها العذابَ...!
درسنا في مدرسةِ الأفاقينَ وأكسبونا صنعتهم
فهزيمةُ الأمةِ أسموها نكسةً ...! وتوالت بعدها نكسات .
والبعضُ سماها انتصاراً... بحجةِ أن الحزبَ الحاكمُ لم يسقطْ .... رغم الهزائمِ وخذلان الأمةِ وتشويهِ ماضيها واستباحةِ حاضرها وخنقِ مستقبلها ...
وإذا أحبتكَ الخمسينيةُ ستقنعك بلا شكٍ إنها لم تبلغ العشرين بعد .
وإذا رغبتْ بصدكَ ستضيفُ إلى عمرها أيضًا خمسين عاماً وتدعي أن بها عشراتِ الأمراضِ .
أعيدوا لأصحاب التورية براهينهم وحججهم وتمنياتهم بالسعادةِ وهم يخفون سكاكينهم خلف ظهورهم ...!
أعيدوها لهم كما هي ...(كلٌ بما أوتوا فرحين ....بضاعتكم ردت اليكم )...
فلا موتٌ رحيمٌ بالقتلِ .
والرحيلُ هو الرحيلُ ....لا يُجبرُ بالدعاءِ والتمنياتِ ...!
فلا صومٌ بلا صلاةٍ ...
ولا مدحٌ مبطنٌ بالهجاءِ ...
ولا نصرٌ بالهزائمِ .
ولا تسألوا عن أعمارِ النساءِ .
عودوا إلى صفاءِ نفوسكم وشفافيتها واتركوا عنكم التلاعب بالألفاظِ .