|
أمن غور عينيك المرايا تلوح |
على شفق قد أجّجته الجروح |
نشى منهما دهر المواجع كلّما |
بسرّهما صمت الحكايا يبوح |
ترفقْ بقلبٍ قد تيبّس رفده |
بهمٍّ مقيم الرحل فيه ينوح |
وها كلّها الأسماء فيك تشابهت |
.إلى كلّ نايٍّ منتشٍ تستريح |
فلا عذر للأحلام حين تغوّرتْ. |
.وعاجت إلى أوتارها تستميح |
وأنت بلا أفق يطرّز جرحنا |
..سوى نخلةٍ حدّ السراب تجيح |
كأنك قد ضيّعت بوصلة الهوى. |
.فلا ليل مرقى العارفين يفوح |
وقد جئتناعمرا بكلّ وجومه |
على بلح المأساة جرحا يصيح |
تجيء دمي في لحظة.دقّ ملحها.. |
.على ذاتنا اللهثى سباخا تصوح |
أجل قلّما تلقى المرايا بنارها |
ومزمار ليلٍ في المآسي طريح |
سرى يشجر الأنغام من ربوة الأسى |
..وأنت لذاك اللحن واعٍ قريح |
تريق دم الظلّ المخبئ صبحه. |
..لصمتك تصغي بالمرايا يلوح |
أجل أيها النائي بأزمنة الهوى. |
.وأمكنة الأصداء كيف تطوح |
نزلت ببئر العاتريّ تزفّه |
.على رهبة التأريخ وصلا يتيح |
تريق عليه الآن ماء مواجدي.. |
على حرقة الدنيا هواك نضوح |
وتستقرئ الشقراء ناي مواجعي.. |
.ونايّا لخدّى فيك غادٍ يروح |
جمعت لغات الشدو دمعا جميعها |
ولكنّك المفجوع شدوك قيح |
كصمتي ولي فوضاه تصمي مراسمي |
.فتنمو عراجين الرؤى والطموح |
أخبئ للحسناء بُسر مشاعري |
على غبش الأسحار يزهو الوضوح |
وتشرق شوقا بالصبا أخت يوشع .. |
.وماء خجول بالخرير شحيح |
وها حيّنا من لاقط البلح انتشى |
فدسي سلالي يستبيها اللحوح |
كطفلين سرنا نحو نخلة بورنا |
عروبُ وبعلُ فى المدى يستنيح |
نجمّع بسْر الناسكين بحيّنا |
ونسري إلى الغافين دفءا يقوح |
أيا نخلة الأجداد تاهت قوافلي . |
.سبتْتها قوافي التيه حين تفيح |
صريع هنا قلبي المعنّى وطفلتي. |
.تذوب انتظارا رطبها لا يشيح |
تقرّى رؤاها عند كلّ عشيّة |
كثيب يجلّيه الزمان الكسيح |
متى سيعود الوجد قل لي لحضنه |
وها تمرتاه أحشفتْها القلوح |
أغرّك هذا الموج إذ بعتَه رؤى |
جنوبك أم غرّتْك منه قديح |
هي الدهشة الأولى أمام غوايةٍ. |
يُريْها فكم مستعصمٍ يستبيح |
ألا عُدْ فإني في انتظارك أحتمي. |
بأزمنتي الصلعاءإذ تستنيح |
على حنظل الرؤيا أنقّف غربتي . |
بلحن جنوبيّ الهوى لا يكوح |
إلى دار خدّى يحتبي بفنائها.. |
أناشيد بدءٍ يستبيها سديح |
وتستبق الرؤيا إلى بابها دجى |
ويصطخب التاريخ حين تفوح |
هنالك بدءُ ملهم آخر الرؤى. |
صدى نخلةٍ في منتهاه جريح |
لتلك ترقّى العارفون وأكملوا |
معارج وجدٍ ليلها يستريح |
أجل هذه الأصداء آخر أحرفٍ. |
طواسينها تمحو السرى وتزيح |
هنا حيّنا دقّات مهراس بدئنا |
يبثّ لحون المنتهى فيسيح |
نقيم على الأفلاك للشمس عرسها |
فيسفر في الدكناء وجه مليح |
على قمرٍ ناءٍ تمارض ضوؤه |
تقاسمه منّا التشهّد روح |
إذا ما انحنى جذع لنخلة بيدنا. |
تصون له نبل التواضع ريح |
بهرّوس يا أبهى الرؤوس بدمعنا. |
أشابت بعاشوراء تلك القروح |
وعُرفاتُ يومُ للثريد صباحه |
بزاوية القرآن ختم يفوح |
لكلّ العذارى قد حملنا سلالنا. |
ضحى وانتظرنا ما يجود الضريح |
هناك غشيّتْنا لدى الحال حالنا |
وقد نطقت تحت الثياب الجروح |
فهل روح والينا نشت بمقامه |
وأطيافه تغدو بنا وتروح |
لتلك المرايا تنتشي نار بدئنا |
إذا طاسليّ الوجد فيها صبيح |
كتبنا عليه البدء نبض قصيدة |
وأرواحنا إذ يحتويها صفيح |
لغير جنوب الأرض ما يعبق الهوى |
.وكل لحونٍ دون شدوي ضبيح |
أسير لأنّي في الجهات مبعثر |
ووجه جنوب المهد عمر كلوح |
أطرّز تاريخ الجهات بجرحه |
ينزّ وهذا الصمت دهر كديح |
أشمّس عمري في معاناة قفرنا |
فظلماؤنا صردُ ووجه قبيح |
إذا غرّدتْني للمواويل حرّة |
تعالى لأقدار الجنوب فحيح |
أذيع على الأبعاد حرّ قصيدتي. |
كبشرى سلامٍ يجتبيها المسيح |
أعود لنبض الحلم يغبط نخلتي |
تساقط رطب الحب وصلا يلوح |
فعذرا جنوب الجرح بدء أبوّة |
أحبّ ابنه في مقتضى القلب نوح |
سأحمل للأبعاد سلّة نبضنا |
لتورق بعد الجدب في الذات دوح |
وحيدا كبدر النازفين بدربنا. |
بلا وجهةٍ هذا الجنوب يسيح |
إلى عمّتي في القفر تتلو جراحنا |
بشدو عراجين الرؤى كم تبوح |
أخبئ في جيبيّ تمر لغادتي. |
لها العمر ريحانُ يضوح ورَوح |