دموعٌ على حائك الحضْرة
--------------
تـلـفَّـعَني الإبـــراقُ فـــي مـلـتـقى الـغـيـمِ
فـصِـحـتُ أيـــا قـلـبي ! رأيــتُ... ألا فــارْم‼
دنـوْتُ...تـهـاويـتُ...احـتـ مـيـتُ بــلــهـفـتـي
لأنــــزعَ كــــفَّ الــحـال تـعـلـو إلـــى كــمِّـي
لأشـهـقَ وحــدي عـنـد صــدعٍ مــن الـضِّـيا
تَـتَعْتَعَ فـوقي ...يا شهودُ! ادفنوا رسمي‼
تـلاشـيتُ... يــا غـبـراءَ روحـي تـحسَّسي
سـديميَ خـلف الطُّور، ما بانَ من وشمي
تـــــــدور بـــــــيَ الأنــــــوار أم أنــــــا دائــــــرٌ
بــهـا فـــي ثُــريّـات الـغـيوب الّـتـي تَـهـمي
وأعــــلـــو، أرى الأفــــــلاكَ دَلْــــــوا يـــرُجُّـــهُ
إلـى مُـرتقاي الـخوف، والرّعد في عظمي
وخـوَّضْـتُ فــي الآفــاق، أشـعلتُ خـافقي
وتـحـتـي ظـــلال الـخـلق رَدْمًــا عـلـى ردمِ
تـحـاملتُ بـالأشواق، حـلّقتُ فـي الـصَّدى
لآخـر قـوس الصَّوت، نوديتُ:طُفْ باسمي!
ونـوديـتُ: عُــجْ بـالـحوض، فـالـضوء عـاصفٌ
سـتـلقاه يـحـدو الـحُـور فــي مَـجْـمع الـيـمِّ
بــيــاضٌ عــلـى عـيـنـي، تـلـفَّـتَ خـافـقـي
لـيـلمحَ دون الـنَّـبع مــا شــفَّ فـي حُـلمي
حــبـيـبـي رســــولَ الله والــشَّــوقُ عــــارجٌ
لـسـدرة رؤيــاك، الـعـيون اقـتـفتْ سـهمي
وَشَــــتْ بـفَـنـائـي فــــي هــــواكَ قـصـيـدةٌ
مُــخـلَّـعـةُ الأســـتــار، والـــرّيــح لا تَــكْـمِـي
وأفــضَـى بــروعـي فــي الـعـراء ولــم يــزلْ
إلـى مُـعْصِرات الـدَّهر حـالي الـذي يُـدْمي
حــبـيـبـي رســـــول الله هــــا أنــــا ســــادِرٌ
بــقـربـك والأجــــرام مـــن حـولـنـا تـصْـمـي
أأنــــتَ بـعـيـنـي الآن؟ خــذنــي بـغَـمْـرتـي
إلــى حـضنك الـمِسْكيِّ فـي الـكوثر الـجَمِّ
أَجِـزْ لـي لـكي أبـكي عـلى زِنـدك الـمدى
طــويــلا وأخــلِـدْنـي إلـــى ســرْمَـد الــضَّـمِّ
يــتـيـمٌ بــمــا يــكـفـي لـيـصـهرني الــجـوى
بــصـدرك إذ يـخـبـو عــلـى يُـتـمـكم يُـتـمي
أَجِــــز لــــي فــقــد أُوتــيــتُ أنَّــــك بـالـحَـيـا
أشـدُّ مـن الـعذراء فـي خِـدْرها الـحشْمِي
عَــلــتْ ســافـيـاتُ الــنُّـور رَحْــلـي لـبـابـكم
وجـئـتـكَ أنـفـاسًـا عـلـى هـيـكلٍ سَـهْـمِي
تــغـوَّلـتُ فـــي الآمـــاد، صَــفَّـدْتُ أضـلـعـي
عـلى وحْـشِ أبـعادي، فـأمْعَنَ في لطمي
وتــحْــتَ عــجَــاجِ الــيــأس فُــــتُّ بــرايـتـي
إلـيـكَ ، وفـانوسِي عـلى مَـصْرَعي مَـرْمِي
أجـــز لــي... أجـزلـي... إن شـوقـيَ لافــحٌ
وهـذي ذراعـي الـجَمْر فـي جيدكم تَذْمي
حـبـيـبـيَ دثِّــرنــي فــقــد أمــطـرتْ لــظـى
عــلـيـنـا ولا ظـــــلٌّ أجـــــار مـــــن الـــرَّجْــمِ
حــبــيــبـيَ زَمِّـــلــنــي فــبــيــتـيَ عَـــــــوْرةٌ
يَـصـولُ بــه الأغــراب فــي مُـنـتدى الـهَـدْمِ
وأُمَّــــتــــكَ الــكَــلْــمـى يُــضَــمِّــدهـا الأذى
غــطـائـي أبـابـيـلُ...فِراشيَ مـــن هَــشْـمِ
تُـخَـيِّـبـني الأوصـــاف، فـالـخـطب غــامـري
وكــيـف أراهــا الـنّـار...والنّار مــن لـحـمي؟
طــلـعـتُ لــكـي أسْــلـو بـوجـهـك ســارجًـا
دَوامـيسَ لـيلي فـي ارتـحالي إلـى يَوْمي
لألـــقــاك يـــــوم الـــصَّــفّ أنــــت إمــامُـهـم
نـبـيئون دون الـحـوض فـانـهار بــي عـزمي
ألــــــــم تــــــــكُ مــكــتــوبــا وطـــيـــنــةُ آدم
تُــجَـلـىَّ بــــلا روحٍ وذكـــركَ فـــي الـعـتْـم؟
لـــهــيــبٌ بــــــه بــــــردٌ وسِــكّــيــنُ والــــــدٍ
يَــحــزُّ ولـــم تَــذبَـحْ ومـــاؤك فـــي سَــجْـمِ
بِـــشـــارة عــيــســى لــلــحـيـاة وأمُّـــكـــم
تَـــرى أسْــفُـحَ الـدنـيا تُـضـاء إلــى الـشّـأْمِ
تــقـلَّـبَ فــــي الأرحــــام إذْ شــــفَّ أصــلُـه
ونـطـفـتـه الـتـكـوين فـــي الأزَلِ الـمَـعْـمِي
فــدُونــكَ يــــا جـبـريـل لـــن تَــخْـرِق الــعُـلا
ولـكـنـه الـمـختار فــي ســورة « الـنَّـجم »
إلـــى سِــدرة الـمـحمود يــا أحـمـد اقـتـربْ
فــقـد أُزلـفـتْ بُـشـراكَ فــي رُفْــرُفِ الـنُّـعْمِ
وقـــيــل يَــغــورُ الــبـحـر لــــو بــــان ضــــوؤُه
مــن الـرَّحـم الـعذريِّ فـي شَـعْشَع الـجُرم
سـتـخـبـو أوانــــي الــنّــار فـالـفـجـر طــالــع
وقُــــدَّام خــيـل الــحـقّ سَـــرْحٌ بـــلا لــجْـم
فـيـا سُـحـب الـخـيرات لا تـمسكي الـنَّدى
ويـا أرض غِـيض الإفـكُ... مـن تـحتنا زمِّي!
لـقـد ركــض الـوعـد الـسماوي فـي الـثَّرى
وفــي نــور مـولاهـا اسـتحمَّت رُبـى الأكْـمِ
حـبـيـبـي رســـول الله يـلـثـمني الـحـصـى
إذا مــا صـلاتـي فـيـك يـجـثو بـها جـسمي
ألــم يـسـمع الأصـحـابُ فـي طـيب كـفِّكم
هـسـيـسَ حــصـىً يـتـلو تـولُّـهَه الـمُـدْمِي
ومـــالــيَ لا أشـــقــى بـــأهــوال سِــرِّكــم
وقـــد حـــنَّ جــذعٌ فـاسـتدرْتَ لــه تـحْـمي
ووحــديَ يَـفْـري الـشـوقُ ريـشَ هَـواجعي
عـليكَ... ألا فـانظر إلـى شـبَحي الـحُمِّي!
أَجـيـريـهِ فـــي الـرَّمـضـاء يـــا سُــحْـبَ ربِّــه
لــيـقْـرَبَ نــبــعَ الــمـاءِ بـالـعـالَم الـمَـظْـمي
لــقـد سَــلَّ سـيـفُ الـحُـبِّ والـلـيل غِـمـدُه
لـتـسـطـع فــــي الأكـــوان نـــوَّارةُ الـسَّـلـمِ
تــرقـرقَ مـــاءُ الـجـفـن فـــي كُــحْـل عـيـنه
وقـد قـيل مَـيْتٌ سِـيقَ فـي كُفره الحتْمي
وَفِـــــيٌّ إذا اسْــتَــذْمـى... رؤوفٌ إذا غـــــزا
وَفَــيْءٌ عـلـى الـمحتاج... عَـفٌّ عـن الـغُنْمِ
فـيا حـاشري فـي الـناس يـا رحـمةً سَرَتْ
إلـــى غــدنـا الـمـشهود ... نــوديَ لـلـحَزمِ
أيــــا خــاتـم الألـــواح، يـــا مــاحـيَ الــثـرى
من الليل، والأجداف في جُحْرها المَطْمِي
ويـــا مــطـر الـمـلهوف فــي صَـعْـصَعِ الـرَّجـا
ويـــا بُـهـرةَ الأقـفـالِ ... يــا رَشْـفَـةَ الـصَّـومِ
أتـشْـفَـعُ لـــي فـــي زحْـمـة الــذَّرِّ راجـفـا؟
وشــوقُ شـعـوبٍ تـحت عـينيكَ فـي جَـهْمِ
أتــشــفـع لــــي؟ هــــذا صــراطــيَ ذابــــحٌ
ويـرتـجُّ بــي فــي الــدَّرب تِـلقاءَ كُـم إثـمي
ومــــا لــــيَ لا أبــكــي ومـعـنـاي شــاهِـبٌ
ومـمـدوحُ قـلـبي مــا اسـتـقام لــه نـظْمي
صَــدَفْـتُ عـــن الـمَـرْحُولِ والـرَّكـب فـاتـني
وأومـــأتُ: أنْ عــودوا ! وأُنـثـاي لــم تُـومِـي
حــبـيـبـي رســـــولَ الله شَــفْــعًـا يـلـفُّـنـي
فـحـالـيَ وتْـــرٌ، والـحـنينُ ارتـضـى ضَـرْمـي
أُأَذِّنُ فــــــوق الـــنّــاس أَســـتــلُّ قــامــتـي
لـتـلمحَ طـيـفي فــي الـدمـوع عـلـى عَـوْمِ
لــتَـمـسَـحَ بـالـتَّـسْـنـيمِ مُــغْــبَـرَّ هــامَــتـي
ويـرحـمَـني ربـــي وصـــدرُك فـــي لـثْـمـي
فــــديـــتُ بــأنــفـاسـي بـــآخـــر شــهــقــةٍ
بـعـمـري، بـدنـيـا عـزَّرَتْـنـي عــلـى الـفَـطْمِ
بــروحــي الــتــي تَــــذْوي فــراشــةَ لَـيْـلَـكٍ
بـمـشـكاتكم، أفــديـكَ بـالـشَّرَفِ الـحُـرْمِي
بـــفــرحــة أولادي ورائـــــــي، بــمــوطــنـي
بــــأمِّـــيَ أفـــديــكــمْ.... و واللهِ بـــــــالأمِّ ‼
بــــآخـــر لـــــــونٍ لــلــمـغـيـب بــشُــرفــتـي
إلـى صـحوتي الـكبرى على حِجْركَ الخَتْمِ
.................................................. .........
الشاعر : ميداني بن عمر ــ ولاية الوادي ــ الجزائر ــ