بحر الرمل التام بعروض سالمة وضرب مقصور
استمرارا لمناقشة بحر الرمل التام بتفعيلاته والذي سبق وعرضته , لابد من التطرق لقصيدة الشاعر نزهان الكنعاني ( تُجّار النِّفاق) والتي مطلعها :
في بلادِ العُربِ قد ماتَ الوفاقْ
فَتَولّى القصرَ تُجّارُ النفاقْ
وهنا كما نرى أن وزن الرمل جاء مقصور الضرب ولأنه تصريع جاءت العروضة مقصورة أيضا والقصر هو حذف ساكن السبب الأخير وتسكين ما قبله أي ( فاعلاتْ) والقصر ورد في بحر الرمل الذي أعاريضه محذوفة كما نص منهج الفراهيدي أي (فاعلن)
لكن كما نلاحظ هنا:
لستُ أستثني بلاداٌ في قصيدي
بعدما عَمَّ بأوطاني الشقاقْ
القصيدة التي نظم عليها الشاعر نزهان الكنعاني قد جاءت الأبيات بعد المطلع بأعاريض سالمة من الحذف أي فاعلاتن.
والشاعر هنا حدد ضربا ثانيا لوزن الرمل سالم الأعاريض وهو الضرب المقصور أي أن الوزن المعتمد هو :
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن * فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتْ
وجواز القصر في التصريع.
وكما قلت سابقا الشعراء هم من يضعون قواعد العروض بما يستسيغون النظم عليه وبما تتقبله ذائقتهم الشعرية مع الإلتزام بقواعد البناء الشعري الأساسية , وهذا ما نتج من تطور للذائقة الشعرية.
وتظهر اللوحتان المرفقتان الفرق بين المطلع المصرع وباقي أبيات القصيدة .
النظم على الرمل السالم الأعاريض ليس جديدا على الساحة الشعرية فقد ورد في كثير من مراجع العروض بيت كشاهد للشاعر العباسي أبي الفتح البستي والذي عاش في القرن الرابع الهجري وهو شاعر كبير :
يا خليلي اعذراني إنني منْ
حبّ سلمى في انتحابٍ واكتئاب ِ
أما في العصر الحديث فقد ورد شعر للشاعر علي محمود طه منه :
يا فِيَنـَّا سلسلي الأنغامَ سحرا
في حنايا النفس ِلا جوّ المكانِ
والشاهدان هما على بحر الرمل التام بعروضة سالمة من الحذف.
وربما الشاعر نزهان الكنعاني هو أول من ينظم بضرب مقصور وعروضة سالمة .
واللوحتان أقدمهما للشاعر نزهان الكنعاني هدية لما قدمه , وأترك الحكم على إيقاع وزن ما نظم عليه للشعراء.
تحياتي وتقديري