تربَّصْنَ بيْنَ غصونِ الشَّجَـرْ
ونادَيْنَنِـي
من وراء الضَّباب
بصَوْتٍ حـَذِرْ
تخَافَتَ صوتُ النِّدَا والصَّدَى
ولُــحْنَ عَلَى الأفْق ثمَّ اخْتَفَيْن
فقمْتُ أُلَاحِقُ تلكَ الصٌُّوَرْ
فلُـحْنَ وغِبْنَ كطَيْفِ السَّرَاب
إذا لاحَ أوْ غابَ نورُ القَـمَـرْ
تَرَبَّصْتُ بيْنَ خيوطِ الدُّجَى
لِأَقْنُصَ منْها شريدًا عَـثَــرْ
ومَا إنْ بَـدَا النُّورُ حتَّى بَرِقْن..
سُطُورًا تَلَأْلَأْنَ لي عنْ كَثَبْ
فَــذَا طَائِرٌ فوْقَ غُصْنِ الْمُنَـى
وذي نجْمَةٌ شّـعَّ منْها الـسَّنَا
وذَا جَـدْوَلٌ شَقَّ عَنْ نَهْرِهِ
عَصَا طاعَةٍ والْتَوَى فَوَنَى
وذَا سيْفُ نَصْر
وذا غُصْنُ زهْـر
وذا نورُ بَدْر
تَزَاحَمُ في الرَّأسِ تلك الفِـكَـرْ
تَلاحَمُ تَسْمَعُ منْها الصَّخَبْ
ويبدو لعينيك منها العَجَبْ
هديلٌ هديرْ
زهورٌ ونورْ
صهيلٌ .. صليلٌ..
شموسٌ ..بدورْ
مضى اللَّيلُ ما ارْتَاحَ لي خاطرٌ
ولا رَفقَتْ بِي بَنَاتُ الفِـكَـرْ
مكثْتُ أسابقُ تلك الطُّيُوف
إلى أن علا صوت ديك السَّحَـرْ
يرَوِّضُ أمواجَها زوْرَقي
فيمْضي وليسَ يهابُ الخطرْ
يميل يمينًا!
يسيريسارًا!
وطوْرًا يطيرْ!
وحينًا يَحِنّْ!
وَلِي ريشةٌ كلَّمَا رَفْرَفَتْ
تسَطِّرُ في الجوِّ أوْ في السُّطُـرْ
كأنِّي بها الصَّقْرُ فوْقَ الذُّرَا
يُحَلِّقُ منْ حولِ تلكَ الصُّوَرْ
تعلَّقَ في مخْلَبِي شَارِدٌ
ثمينٌ
سمينٌ
مليحُ النَّظَـرْ
علَوْتُ بهِ ربِوَةً في الرَّبَاب
البعيدِ فأفْلَتُّ منه الظُّفـُرْ
هَوَى منْ بعيدٍ إلى أنْ ثَوَى
على سهلِ أشعارِيَ المُنْتظرْ
...
تمت