دائرة وزن البسيط بوتدين مفروقين
ما أطرحه الآن ليس لاستنباط دائرة جديدة بل هو لإثبات أن الشعر إيقاع موسيقي يعتمد العلاقة بين الحروف المتحركة والساكنة والتي يمكن منها بناء تراكيب تسمى التفعيلات لكن الأساس في البناء الشعري يبقى الإيقاع, وما اعتماد الأوتاد المفروقة ليس إلا لإيجاد أسلوب يسهل عملية التدوير.
ذكر أحد الأساتذة في النقاشات حول وزن قصيدة الشاعر محمد السحار (يا ساكن الفؤادِ) أن الوزن هو :
مستفعلن فعولن * مستفعلن فعولن
وهذا من مجزوء الرجز:
مستفعلن مستفعلن * مستفعلن مستفعلن
ثم بالقطع:
مستفعلن مفعولن * مستفعلن مفعولن
ثم بالخبن:
مستفعلن فعولن * مستفعلن فعولن
وأورد أمثلة على ذلك باعتبار الشطر الواحد هو بيت من مجزوء الرجز.
وبالطبع هذا يثبت إيقاع تفعيلتي (مستفعلن فعولن) كخلية شعرية وصحته بعيدا عن أصل (فعولن).
إذن تكرار الإيقاع في شطر واحد سيكون مستساغا كما هو الحال في تكرار (مستفعلن فاعلن).
وقد ذكر الأخ محمد السحار أنه ابتكره من بحر البسيط وأبدل فاعلن بفعولن.
وقد وردت اعتراضات بعضهم على اعتماد وتدين مفروقين في الدائرة السادسة وهذا لم يأت في الشعر العربي والفراهيدي لم يعتمد إلا وتدا مفروقا واحدا وهو في دائرة المشتبه , وحسب وجهة نظري أنه كان لتفادي توالي ثلاثة أسباب عند التقطيع والتدوير رغم أنها تتوالى لفظا وقد تم تدوير بحورها دون الإعتماد على أوتاد مفروقة سابقا.
وأنا هنا سأطرح وجهة نظري وهي تعتمد على أن ما كان يعتمده الشعراء العرب هو الإيقاع الموسيقي للشعر الذي ينظمونه قبل أن تظهر العروض والتفعيلات وغيرها من القواعد, علما بـأن لا أحد بحث في كيفية نشوء الشعر العربي وكيف تطور وتعددت أوزانه قبل وضع علم العروض ودوائره من قبل مهندس العروض الأول الفراهيدي, لذا سأقرأ وزن البسيط كما ورد في أشعار العرب وما يحتمله وزنه في الجزء الأول أما الجزء الثاني فسأستعرض وزني المديد والممتد.
أولا :
الآن بعيدا عن دائرة المختلف والعروض لنستعرض وزن البسيط:
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن * مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
وقواعد النظم المستنبطة من أشعار الشعراء العرب:
1 - الأعاريض والضرب الأول تأتي مخبونة (فعِلن) والضرب الثاني يجوز أن يأتي مقطوعا (فعْلن)
2 – تفعيلة مستفعلن الثانية تأتي سالمة من أية زحافات
3 – تفعيلة مستفعلن الأولى يمكن مزاحفتها بالخبن
4 – تفعيلة فاعلن في الحشو يمكن أن تزاحف بالخبن لتأتي (فعِلن)
علما بأن العروضيين الأوائل أجازوا الخبن والطي والخبل في تفعيلات مستفعلن في البسيط لكن ما ورد من شواهد في مراجع العروض هي بدون معرفة قائليها مما يوحي أنها من وضع العروضيين وليس الشعراء.
وهذه القواعد التي اعتمدها الشعراء تتيح المجال لعدة قراءات في وزن البسيط.
ولننظر وزن البسيط كما سمي في العروض:
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن * مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
/ه/ه//ه, /ه//ه, /ه/ه//ه, ///ه * /ه/ه//ه, /ه//ه, /ه/ه//ه, ///ه
فما الذي يمنع أن أقرأ الوزن كما يلي اعتمادا على ما اعتمده الشعراء من زحافات:
مستفع لن فاعلن مستفع لن فعِلن * مستفع لن فاعلن مستفع لن فعِلن
/ه/ه//ه, /ه//ه, /ه/ه//ه, ///ه * /ه/ه//ه, /ه//ه, /ه/ه//ه, ///ه
أي بوتدين مفروقين في كل شطر.
مستفع لن الأولى يمكن خبنها (متفع لن) والطي الذي لا يمكن أن يأتي مع الوتد المفروق هو أساسا لم يستعمله الشعراء, ومستفعلن الثانية خلت من الزحافات.
وما الذي يمنع أن أقرأ الوزن :
مفعولُ مستفعلن مفعولُ مفتعلن * مفعولُ مستفعلن مفعولُ مفتعلن
/ه/ه/, /ه/ه//ه, /ه/ه/, /ه///ه * /ه/ه/, /ه/ه//ه, /ه/ه/, /ه///ه
وإذا خبنا (فاعلن) في الحشو الأساس فهنا تأتي مفتعلن بدل مستفعلن أي بزحاف الطي, وعند خبن مستفعلن الأولى في الوزن الأساس يكافئها هنا (فعولُ)
وبالطبع في هذه القراءة الثانية يمكن أن نقول أيضا أن (مفعولُ) فيها وتد مفروق.
أما في الضروب ففي هذين الوزنين المقروئين الآن سيكون الضرب الأول (مفتعلن) والضرب الثاني (مفعولن) أما الأعاريض فهي مستفعلن المطوية.
وهنا أنا أضيف تفعيلة جديدة للتفاعيل المعتمدة (مفعولُ) وهي على نسق مفعولاتُ كما أضفت (فاع لن) من الدائرة السادسة.
وكنتيجة فالشاعر محمد السحار حين أبدل فاعلن بفعولن أصبح الوزن:
مستفع لن فعولن مستفع لن فعولن * مستفع لن فعولن مستفع لن فعولن
/ه/ه//ه, //ه/ه, /ه/ه//ه, //ه/ه * /ه/ه//ه, //ه/ه, /ه/ه//ه, //ه/ه
وإذا استخدمت قراءتي الثانية:
مفعول فاعلاتن مفعول فاعلاتن * مفعول فاعلاتن مفعول فاعلاتن.
/ه/ه/, /ه//ه/ه, /ه/ه/, /ه//ه/ه * /ه/ه/, /ه//ه/ه, /ه/ه/, /ه//ه/ه
وهذا يعني ببساطة إمكانية وجود وتدين مفروقين في وزن البسيط مما يتيح مجيء فعولن بدل فاعلن, فيما إذا اعتمدنا أن الوتدين المجوعين لا يتعاقبان بالرغم من قبولنا لوزن (مستفعلن فعولن) كشطر بيت في مجزوء الرجز أو قبولنا بمخلع البسيط (مستفعلن فاعلن فعولن).
ولو اعتمدنا هذه المقولة وفقا لمعطيات النظم في البسيط وتقييد الزحافات فيه من قبل الشعراء, أي أن الوزن يمكن قراءته كما ذكرت أعلاه:
مستفع لن فاعلن مستفعلن فاعلن
وكما ذكرت عدة مرات سابقة أن أي وزن شعري لابد من تدويره فإن لم يدر لابد من إيجاد سبب لذلك أو أن الوزن لا تنطبق عليه قواعد الشعر العربي الأساسية.
هذا الوزن أي وزن البسيط بوتدين مفروقين أمكن تدويره وأنتج الأوزان التالية:
1 - مستفع لن فاعلن مستفع لن فاعلن (البسيط بوتدين مفروقين)
2 - فعولن فاع لاتن فعولن فاع لاتن (وزن يكافئ الطويل لكن بتغيير وتد مفاعيلن إلى وتد مفروق) ويمكن أيضا قراءته (مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن) باعتماد الإيقاع والعلاقة بين المتجركات والسواكن.
3 - فاعلاتن فاع لن فاعلاتن فاع لن (المديد بوتدين مفروقين)
4 - مستفعلن مفعول مستفعلن مفعول (وزن جديد)
5 - فاع لن فاعلاتن فاع لن فاعلاتن ( الممتد المهمل بوتدين مفروقين)
تم وضع التقطيعات في لوحات تقطيع عروضي تظهر الأولى شكل التفعيلات وفق قراءتها واختلاف شكلها من قراءة لأخرى والثانية تظهر أن العلاقة بين الحروف المتحركة والساكنة هي نفسها وهذا يعطي نفس الإيقاع وإن اختلفت القراءات.
كما تم وضع مخطط لدائرة البسيط بوتدين مفروقين في اللوحة الثالثة وتظهر فيها أوزان كافة بحورها حسب الترقيم من 1 إلى 5 .
وأرحب بأي حوار أو نقاش في هذا الطرح للفائدة والإستفادة.
تحياتي وتقديري
(يتبع في الجزء الثاني)
وللإطلاع على المخططات يمكن فتح الرابط التالي:
https://web.facebook.com/groups/rabi...2/?_rdc=1&_rdr