بقلمي / محمد يحيى الحضوري
الذاكرة الكونية الكبرى
لكل جهاز تلفون ..
، كمبيوتر ، أيباد ، سيفر ، وغير ذلك من الأجهزة الإكترونية المشابهة ، ذاكرة تسجل وتحفظ ما يملى عليها من بيانات .
ولن أسهب هنا في ذلك ، فالكثير من الناس يتعامل بها ، وهي شرائح على شكل ألواح محفوظة في أماكن حفظها المخصصة لها - بيت الذاكرة - .
وهو ما أستدل به إستدلالا علميا ومنطقيا بما لا يتنافض مع العقل والعلم بأن الله قد صنع للكون لوحا محفوظا - ذاكرة كبرى - ، يحفظ ويسجل كل شيئ فيه من ذلك المقادير التي قدرها الله وماكان وما هو كائن وما يكون صغيرا كان أوكبيرا رطبا أويابسا إلى يوم العرض الأكبر بأمر الله وبإذنه ..
ولا أخفي بأني عندما كنت أقف في طفولتي على ماورد عن اللوح المحفوظ من آيات وأحاديث نبوية ، كنت أتخيله لوحا كبيرا كتلك الألواح الخشبية التقليدية التي يكتب فيها الطلاب - قديما - دروسهم في كتاتيبهم ..
ولأنه يكتب ماكان وما يكون لم أكن أتحمل تخيل حجمه في السماء !!
لكني بعد أن أمعنت النظر في ذاكرة تلفوني الداخلية والخارجية ، وجدت أن كل منها عبارة عن شريحة تشبه اللوح ، محفوظة في بيت الذاكرة !
وبعد أن فكرت في كيفية استخراج بيانات اتصالاتي التلفونية من المؤسسة العامة للإتصالات ، بكشف مفصل بمدتها ، بالسنة والشهر واليوم والساعة والدقيقة والثانية ، من ذاكرة أجهزتها ..
وأمام التقدم العلمي الحديث في مجالات التطبيقات والبرامج الألكترونية وذواكرها التي تحفظ البيانات تلقائيا .
وكيف أن للمستخدم أن يمحو فيها و يتثبت ما يشاء من معلومات عبر لوحة التحكم ..
وكلما أفكر في ذلك وفي أشياء مشابهة لا يسع المقام هنا لبسطها .
تتجلى لي عظمة الله وقدرته وبديع صنعه من حيث أنه خلق الكون ونظمه وزوده بذاكرة متصلة به تسجل كل صغيرة وكبيرة وكل تحريكة وتسكينة ، وله أن يمحو منها مايشاء ويثبت لأن عنده التحكم في ذلك بكلمة - كن - ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )
ويتجلى لي معنى قوله :
( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )
(ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب)
(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها)
وعندما أضع السيدي على المشغل لتشغيلة لاستعراض مافيه
أتذكر قوله وتعالي : -
( وَوُضِعَ ٱلْكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلْكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحْصَىٰهَا ۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) وعلمت بتحقق وعده : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )
مع أن كل ذرة وخلية من ذرات هذا الكون ، لها مهامها التي خلقها الله من أجلها ، وهي في نفس الوقت ذاكرة صغيرة أيضا ..
تعمل كالنظام الشمسي ،
وتدور كما يدور السيدي داخل جهازه الكمبيوتر
وكلها متصلة بالذاكرة الكبرى - اللوح المحفوط - الذي يسجل كل ما يدور فيها !! وبأدق التفاصيل !! كما أنها تعي وتدرك ماحولها من أحداث وتحفظه ، وستشهد بما شاهدته وحفظته يوم القيامة ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللّة إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ ( 22) وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ (23)
( يوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يعملون )
وكذلك الأرض ستتحدث ( يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها )
وقد يتساءل البعض عن عدم تطرقي لعلم الله فأقول علم الله أعم وأشمل مما ذكرت ( {ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ يَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عِلۡمَۢا} (12)
( إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ )
كما أن هناك الملائكة الكرام الكاتبين
والكثير الكثير لا يسع المجال لسرده هنا
لكني سأتطرق للطائر فيما بعد ..
الطائر … !
وما أدراكم ما الطائر ،
فلكل إنسان ..
وكل كائن ما كان له طائر
فما هو هذا الشيئ ؟ !
هذا ما سأجيب عليه بلغة العلم
في موضوع آخر بإذن الله
وبعد !!
ماذا سأفعل !!
إعذروني على مقاطعتي للغة الرومانسية - والرمسسة - !! بهذا الموضوع الجاد المرهق للأذهان .. !
فإني أخاف من أن يلجمني ربي بلجام من نار يوم القيامة ..