وداع
شعر/ عبدالسلام جيلان
كنتُ قد نظمتُ هذه الأبيات في أعقاب عملية الاغتيال الإجرامية البشعة التي اهتزت لها كل الضمائر الحية في شتّى بقاع المعمورة.. وأعني تلك التي استهدفت شيخاً قعيداً يمتلك عزيمةً يندرُ توفرها لدى من لا يزالون في مأمنٍ من ثلاثية: الشيخوخة، والإعاقة الحركية، والملاحقة الأمنية.
نعم.. تمكنت الصواريخ الجبانة من إيقاف نبض قلب الشيخ المجاهد أحمد ياسين لكنها لم تضع حداً لتلك الروح الثائرة التي تسكن الملايين من أبناء هذه الأمة الذين اتخذوا من الشيخ القعيد أسمى الأمثلة في التضحية والفداء من أجل الحرية.
وهنا أعيد نشر القصيدة احتفاءً بالفوز الانتخابي الكبير الذي حظيت به (حماس) مؤخراً..
ثوى قمر البسالة فجـر أمـسِ لتُظْلِـمَ بعـده أغـوار نفسـي وعشت غـداة مقتلـهِ كأنـي شربت من المرارة ألف كـأسِ وصرت أرى البسيطة مثل وكرٍ كأن رحابهـا جـدران حبـس فقد كان الشهيـد لنـا ضيـاءً وكان رحيله كغـروب شمـسِ ترجل عن جواد المجـد شيـخٌ وليـثٌ مُقْعَـدٌ أحيـا جـهـاداً لتَطْهُرَ أرضَهُ من كـل رجـسِ فجاءت-كي تودعـه- قلـوبٌ ترفرف فوقها رايـات عـرسِ لأن وفاتـه مـيـلاد مـجـدٍ وليست وحشةً من بعـد أنـسِ أيا ياسين لـن ننسـاك يومـاً ستغدو فـي ضمائرنـا كتابـاً لنأخذ منـه درسـاً بعـد درسِ مضيت إلى الخلود وسوف تبقى قلاعٌ كنـت تبنيهـا وتُرسـي أزحت عن النفوس جدار يـأسٍ فكنت كمـن يحطمـه بفـأس وكنت ترى (السلام) حصادَ وهْمٍ وأدركت العواقـب دون لبـسِ ولم تنل الشهـادةَ دون مهـرٍ فقد كانت قطافـاًً إثـر غـرسِ بكيتك مثقـلاً بالحـزن حتـى فحبك - مذ عرفتك- ظل دأبـي وسوف يظل تاجاً فوق رأسـي رثيتك سيدي فكشفت عجـزي وقد يبدو الرثاء دليـل بـؤس فليس الهمس بالشعر انتصـاراً وليـس دويُّ قنبلـةٍ كهمـس عجزت عن الوفاء لأن شعـري حصائدُ حسرةٍ وقطـوفُ يـأسِ سفينـةُ عاجـزٍ لعبـور بحـرٍ تَلاطَمَ موجُهُ في يـوم نحـسِ