منقـــــــــــــــــــــو ل
كــوكب اللاعنـــف
بقلم خالص جلبي
آتي هنا إلى النقلة النوعية ما سميتها فيما سبق بـ (الولادة الجديدة)
وكانت من مصدرين الأول داعية اللاعنف (جودت سعيد) والثانية بلقائي ولمدة شهر كامل بالمفكر الجزائري (مالك بن نبي) عام 1971 م الذي أكرمنا بزيارته إلى دمشق قبل وفاته.
إن الدخول إلى عالم اللاعنف لا يعني حكماً فقهياً أو كتاباً للاطلاع
البارد، بل هو في الحقيقة انقلاب كامل في الشخصية، ودخول جغرافيا من نوع مختلف المناخ، أو الهبوط على ظهر كوكب تنقلب فيه محاور الزمن والجاذبية.لا يعني الدخول إلى عالم (اللاعنف) حكماً فقهياً أو كتاباً للاطلاع البارد؛ بل هو في الحقيقة انقلاب كامل في أبعاد الشخصية، ودخول جغرافيا من نوع مختلف المناخ، أو الهبوط على ظهر كوكب تنقلب فيه محاور الزمن والجاذبية.والفترة القصيرة قبل مغادرتي الوطن للاختصاص في ألمانيا كانت انقلابية وحاسمة
بفعل القاعدة الفكرية الجديدة التي صعدت فوقها من الانفتاح على الثقافة الكونية ومدارس الفكر المتعددة؛ فذهبت للتعرف على روح الحضارة الغربية خارج إطار(المقابر) و ( المزابل) على حد مصطلحات بني نبي، عندما يرجع أبناؤنا من الغرب في صورتين لا تحلان المشكلة الحضارية إما مهنيون غرقوا في نفق الاختصاص
بما هو أشد من شفط ثقب أسود، أو منحلون فقدوا الصلة بروح الأمة ، ولم ينتبهوا إلى أسرار الفعالية وأسرار التفوق الخفية عندهم ، بأكثر من جو المخابر والبارات.
يرى (مالك بن نبي) أن الحضارة هي (توليفة) بين الإنسان والتراب والوقت كمعادلةتركيب تفعلها (شرارة الروح) كما تفعل الكهرباء في دمج الهيدروجين والأوكسجين لولادة ذرة الماء على شكل نوعي مختلف للغازات التي انطلقت منها، وبمثل الدين أو أي فكر نوعي انقلابي شرارة اجتماعية من هذا النوع. من جهة أخرى يعتبر
(الإنسان) كائن اجتماعي يصنعه المجتمع على مستويين فهو أولاً يجعله بشراً سوياً ينطق ويحسن التصرف ويندمج في السلوك العام، وتتباين المجتمعات ثانياً في إنتاج إنسان فعَال يعرف قيمة الوقت والنظام والجمال من إنسان (كلُ كسول) يلوح بمسبحته، يدخن سيجاراً بدون استئذان من حوله، ينتظر السماء أن تغير أوضاعه،
ويرى بن نبي ثالثاً أن الحضارة هي مجتمع الضمانات في مستويين أولاً تأمين الجنة الفيزيولوجية الخماسية من (شراب وطعام ومسكن ولباس وجنس) ومجتمع يأمن فيهالإنسان على نفسه أو بتعبير القرآن أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. ويرى بن نبي أن المجتمع العربي خرج عن (سكة) الحضارة منذ ابن خلدون فلا ضمانات
فيزيولوجية أو اجتماعية فالإنسان عندنا جاهل وجائع وخائف.
يتبع