:tree: :tree: :tree:
صوت هامس بذهنه بدأ يعلو,ويعلو,يستنهض هموما صغيرة لتتجمع كذرات غبار حين تجذبها أشعة الشمس نحو الأفق البعيد.. بدا محكوما بمنطق الليل,وهو يتمتم متسائلا: أ
يهما يسبق الليل ام النهار?.....!
اعتدل في جلسته,وتامل غرفته ا لصغيرة والضوء الأخضر الخافت يظللها .ثم تمدد يحاول أن يغمض عينيه ..
يفتحهما,يتقلب على جنبيه. ثم يرمي الغطاء بعيدا ,ويتوجه نحو النافذة يعب من هواء الليل ,يرفع رأسه إلىالسماء,ويهمس بخشوع كبير: سبحانك ربي كيف هدأت كل هذه المخلوقات ?!...والأرض تولي الشمس ظهرها?!....
تأمل الزقاق,قبل ساعات كان يعج بالناس,وكان عمر بحمقاته يجعل الصبية يرمونه بالحجارة.عمر وأنا كنا أصدقاء,وكان هو عودا أخضر يانع ..متى تسلل اليه الذبول?! أي أسباب اتفقت كي يعيش وحيدا?!......
مرة سأل أمه بسذاجة طفل تخطو به السنون نحو الكبر:
ماذنب عمر يرحل عنه الجميع ليبقى وحيد?!.......
تنهدت الأم بعمق ,ثم اقتربت منه وربتت على كتفه بحنان بالغ وأجابته:
إنها الأقدار يابني... لم يعرف حينها ما الأقدار !
بدت له شيئا مبهما,أحس بالتعب وهو يبحث قي قاموسه الصغير عن معنى للأقدار ,عندما انتابه الكلل,اختزنها في ذاكرته الى حين ..
شيء ما تغير في عمر لم يدرك كنهه ربما اليتم! لكنه تجرع مرارته منذ الصبى.
قد يكون رحيل الجدة التي كانت له الدرع الواقي من تقلبات الزمن !
فأصبح كغصن اقتلع من جدوره,طوحته الرياح حيثما اتفق .
تثيره نظرات الأخرين,وتأملاتهم.فيسود وجهه الوجوم ,فجاة! تنفرج شفتاه عن ابتسامة سرعان ما تتحول إلى قهقهة تملأ جنبات الزقاق ,فتغمر عينيه الدموع ويعانق الضحك البكاء..... شيئا ,فشيئا.يتسلل إليه الهدوء ,فينكمش كقط خائف ,زائغ العينين............
ثم ينطلق مسرعا يزفه أطفال الحي إلى الخرابة التي تستوطنها الأشباح........ قلب عينيه في الفضاء البعيد.نجوم عدة تحرص الكون .وتزين السماء. وهناك في هذا العلو الشاهق ,الذي لا تدركه العقول,ولا تحده الأبصار.ربا يرى , ويسمع.وبمشيئته يسير الكون.
توقف للحظة عن التفكير,ثم تنفس بعمق. انطفا الوميض الذي أبرق أمامه فجاة!..... وأحس بثقل غريب على كاهله وهو يسأل نفسه:
أين كنت أنا عندما حدث هذا لعمر?!....لماذا تركته وحيدا?!...... تناهى إلى سمعه صوت سكير يهذي بأمانيه التي ضاعت,ويشتم,ويلعن,ويحمل الناس ذنبه...
أغلق النافذة وجلس على حافة السرير.بينما كان السكير يبتعد عن الزقاق وصدى صوته تردده الجدران.سمع وقع خطوات تتجه نحو غرفته ثم أطفا الضوء واستسلم لنوم عميق ........