خائفــة ..
ساعِدني على الهربِ منكَ، فقدْ أصبحَ عمري يقتاتُ من جنـةِ عطركَ ليـحيا.. ساعِدْنـي على اغتيالِ لحنٍ غنّى بينَ جفنيّ، ساعِدْني على إغلاقِ خطوي، فقدْ سكنهُ الخوفُ مذُ دخلتَ حياتي نسمةً اعتلتْ عرشَ زمنِي، وردةً رتّبَـت عقاربَ الأزمنـة، فرتّبتْ معها مواعيدَ طلوعِ الشمس.
أحضرتَ معكَ هداياَ لقائنـا الأول، وملأتَ حديقةَ صمتي بأطايبِ قلبِـك، يا قادمًا مِنَ لغـةٍ أُتقِنُـها. أغلقتَ نافذةَ الجراح التي كسرَها الخريف، وأعتَقْتَ جناحيَّ مِنْ ستّ سنواتٍ أخرستْ مواسمَ سفرِهمـا.. أغلقتَ بواباتِ الليل التي كانتْ مُشرعةً على خطوي، تُعَتِّـقُ في حقائبـهِ طعنةً نجلاءَ، تصنعُ منـها عطرَ قلبٍ مُغتـال.. أجـل أغلقتَها، لكنّكَ صنعتَ لي مفتاحَ خوفٍ، مازالَ ملتصقاً براحة كفّي، يأبى المغادرة.. هوَ خوفُ العاشقيـن !
تنزوي زهورُ العشق بأقصـى مكانٍ بروحي، خائفـةً مِنْ زمانٍ يصالحُ نيسان، ومِن قافلـةٍ تمضي إلى وطنِ القلب، تطوي مسافاتٍ لاتعترفُ بها الخريطـة ..يحلّقُ قلبي بينَ أشجارِ الهوى والخوف، مُحتمِياً بأسوارِ قلبِـكَ، معلّقًـا بينَ الليـلِ الذي يحرسني، وبينَ الصبحِ الذي هو أنتَ.
نقتاتُ من مائدةِ الصمت، ومزهريةُ الخوف تقفُ بيني وبينـك، تضوعُ منـها حروفُ اسمكَ، وشمعـةٌ لا يوقِدُهـا غيرُ نقائـك. قضيتُ أمسِ خارجَ بواباتِ الزمنِ، أزرعُكَ بينَ جوانحي قمراً لا يُضيءُ غيري، لا يَختبِئُ إلاّ في عينيّ، لا يصبحُ بدراً إلاّ حينَ يشبـهك .. قضيتُ أمسِ في قلعـةِ الشتاءِ، متَّهَمـةً بِدمعتْينِ بعثرَتْهُـما أوراقُ قلبِي.. قضيتُ أمسِ في حجرةِ شوقٍ مرتجف، رتّبَ معي حرفًا تلِفَـتْ ذاكرتُه، حينَ وقفَ يكتبكَ على جدرانِه.. لمْ أكنْ أعلمُ أنه هو الآخرُ لا يحيـا إلاّ حينَ يمرُّ قربَك، مختلساً النظرَ إلـى لوحـةٍ أنتَ فيـهـا.