|
ذكرى صلاحٍ تذيبُ القلبَ من كمدِ |
وتلهبُ النفسَ أشواقاً بلا هَمَدِ |
شيخُ الكتائبِ كمْ عشنَا بصحبتِه |
عمراً يراوحُ بينَ الحلو والنكد |
عاشَ الشهيدُ بعزمٍ لايزعزعُهُ |
قصفٌ منَ الريحِ أو عصفٌ منَ الفَنَدِ |
صاغَ الكتائبَ في أبهى تألقها |
فيها النجاة وفيها عزةُ البلدِ |
هذي سبيلُكَ ياقسامُ نسلكهَا |
نهجُ النبيِّ قويمٌ غيرُ ذي أَوَدِ |
شَقَّ الدروبَ دروبَ الخيرِ يقطعُهَا |
صوبَ الجنانِ ولمْ يقعدْ ولمْ يَحِدِ |
يمضي بهَدْي رسولِ اللهِ معتمداً |
شرعَ الإلهِ وربي خيرُ مُعْتَمَدِ |
ماكانَ يركنُ للدنيا ويعشقُها |
بلْ كانَ ينشدُ وجهَ الواحدِ الأَحَدِ |
شقَّ الطريقَ إلى الفردوسِ مبتسماً |
وما تشبثَ بالأموالِ والولَدِ |
كمْ أُرْعِدَ الكفرُ منْ أشبالهِ فرقاً |
وليس يخشى هزيمَ القاصفِ الرَّعِدِ |
جاءتْ اليهِ جيوشُ البغي زاحفةً |
تطوقُ الأرضَ بالأرتالِ والمَدَدِ |
وبومةُ الغدرِ بالأجواءِ ناظرةٌ |
إغفاءةَ الصقرِ أو تهويمةَ الأَسَدِ |
تغدو وتخنسُ في خوفٍ وفي قلقٍ |
كأنَّ في جيدهَا حبلٌ منَ المَسَدِ |
ماكانْ يمكنُ والضرغامُ منتبهٌ |
أنْ ينعقَ البومُ أو يدنو ذوو القَوَدِ |
كمْ كانَ يُنْشِبُ في الأعداءِ مخلبَهُ |
كمْ كانَ يفصلُ بينَ الرأسِ والجَسَدِ |
يحيا الغضنفرُ في أحراجهِ مَلِكًا |
والعَيْرُ يرسفُ بينَ القيدِ والوتَدِ |
والسيلُ يجرفُ دفاقاً بأوديةٍ |
غثَّ الغثاءِ ويرمي رغوةَ الزَّبَدِ |
والنجمُ يسطعُ في الآفاقِ مؤتلقاً |
والدودُ يلعقُ تُرْبَ الأرضِ في لَبَدِ |
أنتَ الغضنفرُ أنتَ النجمُ ياأبتي |
أنتَ الشهيدُ الذي استولى على الأَمَدِ |
أنتَ الصفاءُ ونورُ الشمسِ ما سطعتْ |
أنتَ الأباءُ ورمزُ العزِّ والنَجَدِ |
قدْ عشتَ حراً عزيزَ النفسِ مصطبراً |
تلقى الخطوبَ بقلبٍ الواثقِ الجَلِدِ |
إذا رءَاكَ بنو صهيونَ في حُلُمٍ |
نادوا ثبوراً وهَمَّ القومُ بالرَّفَدِ |
حتى تمنوا رياحَ الموتِ تأخذُهُمْ |
وأنَّ سارايَ لمْ تولدْ ولمْ تلدِ |
لو دُستَ يوماً ترابَ الأرضِ في رفحٍ |
لأهتزت الأرض في حيفا وفي صَفَدِ |
أعددتَ جنداً يهابُ الليثُ سطوتَهُمْ |
وإنْ تراءوا لهُ بالغابِ لمْ يَصِدِ |
وإنْ تنادوا على الأحراجِ فارقها |
وإنْ رءاهُمْ بنبعِ الماءِ لمْ يَرِدِ |
يلقى المئينَ بعزمِ الألفِ واحدُهُمْ |
ويَجْبَهُ الجيشَ بالأحجارِ والعَمَدِ |
كأنَّ واحدَهُمْ في الحربِ كوكبةٌ |
منَ الفوارسِ لمْ تنقصْ ولمْ تَزِدِ |
لايستجيرُ بأعدادٍ ولاعُدَدٍ |
لايستجيرُ بغيرِ الواحدِ الصمدِ |
مثلُ الأسودِ إذا لاقوا ململمةً |
لا يسألونَ إذا شدُّوا عنِ العَدَدِ |
تلكَ العزائمُ يامنْ بِتَّ تشحذُهَا |
ليشمخَ العزَّ خفاقاً على أُحُدِ |
لكَ التحياتُ والأشواقُ نرفعُهَا |
ملءَ الحناجرِ يا إطلالةَ الأَسَدِ |
يامنْ صنعتَ بعزِّ الدينِ ملحمةً |
تسري بأمتنَا كالروحِ في الجَسَدِ |
سقيا لكفكَ كمْ أحييتَ منْ مُهَجٍ |
كنتَ الرؤوفَ بها يامهجةَ الكَبِدِ |
لازالَ ذُكْرُكَ في الآفاقِ يغْمُرُهَا |
طيباً تَضَوَّعَ في الأدنى وفي البَعَدِ |
لازلتَ تملأُ أسماعاً وأفئدةً |
تحيا بحبكَ طولَ العمرِ والأَبَدِ |