|
بِكُمْ يا رفاقُ تسامى الشُّعُورْ |
و ضَوَّأَتِ القلبَ هالاتُ نورْ |
بِكُمْ عادَ للشِّعرِ ذاكَ البريقُ |
و فَاحَتْ بِعطرِ الصفاءِ الزهورْ |
و رَدَّدَ كُلُّ قَصِيٍّ و دانٍ |
غناءَ البلابلِ ، شدوَ الطيورْ |
فَوَاللهِ يا سادةَ الحرفِ إنِّي |
أكادُ بِصحبتِكم أنْ أطيرْ |
هو الشِّعرُ جمَّعنا رغم نأيٍ |
على الخيرِ نبعثُ مَيْتَ الضميرْ |
هو الشِّعرُ عُشبٌ نما في الخيالِ |
سقتهُ التجاربُ ماءَ الشعورْ |
جميلُ البيانِ يُذِيبُ الفؤادَ |
و سِحرُ البلاغةِ كأسٌ تدورْ |
شَرِبتُ فأُثمِلْتُ من رشفةٍ |
و غُيِّبتُ لكنْ بِفَوْحِ العبيرْ |
و زِدتُ انتشاءاً فَخِلْتُ مكاني |
مع الشَّمسِ في عالياتِ القصورْ |
و حينَ اْدلَهَمَّت خُطُوبٌ سَمِعتُ |
لكم في الصدورِ قلوباً تمورْ |
كأنَّ صدى نبضِها إذ يُدوِّي |
هديرٌ ، و نبْضاتُها كالزئيرْ |
تُتَرجِمُ إحساسَهَا طلقةً |
تَدُكُّ صُروحَ الخنا و الغرورْ |
و تَرجُمُ بالحَرفِ سَمْعَ اللئيمِ |
و تَحرِِقُ وجهَ عدوٍ حقيرْ |
هُوَ الشِّعرُ كالنارِ عند الوغى |
و في السِّلمِ تلمسُهُ كالحريرْ |
هُوَ الشِّعرُ واحةُ حُبٍّ ألوذُ |
بها حين يشتدُّ لفحُ الهجيرْ |
هُوَ الشِّعرُ لي وطنٌ إن هَجَرتُ |
ثراهُ أعِشْ في شقاءٍ مريرْ |
إلى لُغَةِ الضَّادِ كان انتماءي |
و إنِّي بميراثِ قومي فخورْ |
عَشِقتُ القصيدةَ من كُلِّ قلبي |
و كلٌّ إلى ما يُحبُّ يسيرْ |
هِيَ النيلُ يجري زلالاً و يروي |
عِطاشاً و يُهدي كؤوسَ الحُبُورْ |
هِيَ النَّهرُ والبحرُ والقَطرُ والزَّهْـرُ.. |
والعِطرُ والسِّحرُ عَبرَ العُصُورْ |
هِيَ الخِلُّ والطَّلُّ والنخلُ و الحقـلُ.. |
و العقلُ و النُّبلُ و هْيَ السَّفيرْ |
هِيَ الحُبُّ يسري كمثلِ النسيمِ |
بقلبِ الغَنِيِّ و قلبِ الفقيرْ |
هِيَ النُّورُ يسري بداجي الظَّلامِ |
لِعينِ البصيرِ و عينِ الضريرْ |
فَذُودوا معي يا رفاقَ الحُروفِ |
عن الشِّعرِ جاءَ بِكُم يَستجيرْ |
يَقُولُ : ألا أنقذوني فإنِّي |
.. و قد حاولوا هدمَ صرحي .. أسيرْ |
غريباً أعيشُ و مُستَغرَباً |
و قد كُنتُ ديوانَكم و الغديرْ |
و كنتُ الأميرَ على كلِّ فنٍّ |
فجاءَ زمانٌ يُذِلُّ الأميرْ |
طَغَت فيهِ أوجُهُ كُلِّ قبيحٍ |
على كُلِّ غَضِّ المُحَيَّا نضيرْ |
و صارت حداثَتُهُم في كياني |
كمثلِ الوباءِ الخطيرِ الخطيرْ |
لَكُم يا رفاقي مَدَدتُ يداً |
أصافِحُ كُلَّ لبيبٍ بصيرْ |
أناشِدُكُم بالذي تعشقونَ |
و لي أمَلٌ في العليِّ القديرْ |