مَرْثيّةٌ وَحيدًة للغُرابِ الفَصِيح
وَقَفَ طُيورُ الغابةِ مُجتمعينَ بأعلى شَجَرَةْ
كانَ الأسدُ مليكُ الغابةِ يمشي
كيْ يَتَفَقّدَ حالَ الشعبْ
خلفَ الأَسدِ أُسودٌ عشْرةْ
عن يمناهُ أُسودٌ عشْرةْ
عن يسراهُ أُسودٌ عشْرةْ
وأمامَ الموكبِ من أفرادِ أُسودِ الغابةِ زُمْرَةْ
كان مسارُ الرحلةِ سهلاً
لا تبصرُ فيهِ إلاّ لافتةً كُتِبَ عليها ( أهلاً )
وخليطَ نمورٍ وكلابٍ رُصُّوا تأميناً للرحلةْ
فوقَ الشجرةِ كانَ هنالك شبهُ كَلامْ
أخرجَ عُصفورٌ زَقْزَقَةَ استسلامْ
والهدهدُ هَزَّ الريشَ فطَارتْ واحدةٌ
رَسَمَتْ في الجوِّ علاماتِ استفهامْ
وبِبَحْرِ هدوءِ الكلِّ
أزاحَ غُرابُ الغابةِ عنه لثامَ الصمتِ وقالْ
: حدَّثني عُصفورٌ يوماً
أنّ الهُدْهُدَ حدَّثَ يوماً
عنْ عصرٍ فيه سلامْ
كانتْ فيه الغابةُ مثلّ حديقةِ وردٍ
تُربتُها حبٌ و وئامْ
كانَ الأسدُ يمرُّ وموكبُهُ عدلٌ وصلاةٌ وصيامْ
كان يجيءُ وحيداً نحْوِ الشجرةِ
يُلقي عنه غبارَ المُلْكِ
وفوقَ ترابِ الأرضِ ينامْ
وعلى جِذْعِ الشجرةِ كانتْ لافتةٌ
: ( حَكَمَ فَعَدَلَ فَأَمِنَ فَنَامْ )
دَبّ الصمْتُ
وحلَّ الليلُ
وأخفى الغابةَ بحرُ ظلامْ
وأزاحَ الصبحُ سِتارَتَهُ
وعلى الشجرةِ وقَفَ العصفورُ مع الهدهدْ
وبقلبِّهما رَعْشَةْ
لم يَجِدا في عُشِّ غرابِ الغابةِ قَشَّةْ
وعلى جِذْعِ الشجرةِ حلّتْ لافتةٌ
: ( زَنَّ غُرَابُ الغَابَةِ حتّى خَرَّبَ عُشَهْ )