حدثني المفوّه الكنعاني قال:
لم أعرف طعم الراحه، حتى ركبتُ من الشوقِ جناحه ونزلتُ أرضَ الواحه !
قلتُ :اعرفُكَ من أهلِ الفصاحه فلا تفارق للأدبِ ساحه!
قال ولم أجد كرجالكم صحبا ولا كأسرابكم سربا !!
قلتُ لا أتعبَ اللهُ أقدامك ولا أتعسَ أيامك وحققَ لك في واحتنا أحلامك !
قال: لعلّك لا تعلمُ كيف أتيت ولا مَن وافيت !!
قلتُ :المهمُ أنكَ وصلت وبضيافتنا حللت !
قال: جاءني ملكُ الجان وقال :أطلب حاجتك من اللؤلؤِ والمرجان !!
قلتُ: لاحاجةَ لي بالنقود ولا بعّادٍّ أو معدود !!
قال :ويحك وبماذا ترغب؟؟ ..تكلّم قبلَ أن أذهب !!
قلتُ :إذا أمكن أانقلني بالمجّان لأَشهدَ فعاليات المهرجان !!
قال: وأيُّ مهرجان وقد أقفرتِ الجنان!؟
ألا ترى ما يعتري العالمَ من اضطراب !! وما خلّفتهُ الحروبُ من خراب !!؟ أم إنكَ من العربِ الأعراب !!
قلتُ :وهل تجدُ أكرمَ من العربِ نسبا ، وأنفسَ من أدبهِم أدبا !!
قال: لا تدخلني علمَ الأنساب ولا تفاخر بعلم الآداب !! ألا ترى ما يجري في العراق وما جناهُ شّذاذُ الآفاق !
قلتُ :بلى أرى ذلك، وأدهى منه ،حتى وإن لم أسألْكَ عنه !! أرى مايفعلهُ اليهود حفدة القرود وعبَدة النقود بشعبِ فلسطين الأحرار!! وأعلمُ قولَ شعبِ الأبقار !! وأرى تجدّدَ غزوِ التتار !!
قال :كفى ولا تزِدني غمّا ولا تورِثني بقولك همّا !! الآن عجّل بالطلب وإلا لذتُ بالهرب !!
قلتُ :طلبي هو ذاك .. خذني إلى هناك أو أرِحني من أذاك !!
قال: وهل تعرفُ العنوان !!؟
قلتُ :هو حيث "تتغيرُ خارطةُ الأزمان وتكفُّ الأرضُ عن الدوران !!"
قال :هل تقصد مثلث برمودأ !! أُعذرني فلستُ أصلبَ الجانِ عودا!!
قلتُ :بل مرتعُ أصحابِك ومملكةُ أحبابِك !!
قال :إذن تقصد وادي عبقر قلتُ :"اللهُ أكبر!!"
سَتَلقى من المَرَدةِ كُثر ..وسَتصلُ مصبَّ النهر.. وروضةَ الشعر !!
قال: إذن اربطِ الأحزمةَ والزمْ مقعدك وستصلُ مقصدك وتنهلُ موردَك !!
وهاأنذا يا صاحبي بين يديك أُلقي السلامَ عليك !!
قلتُ :ومَن ساقَكَ إليّ !! وألقى بقميصكِ عليّ!!
لا بدَّ أن تمرَّ أولاً على كبيرِ القوم!! قال ولكنّي لا أُحسنُ العوم !!
قلتُ :عليك أن تتعلمَ السباحه لكيلا يغرقك تسونامي الواحه !!
قال يا أخي لا أُحبُ أصحابَ العروش وأخشى أن لا أنجو من القروش!!
قلتُ: يابنَ كنعان دعكَ من الهَذيان !!
فصاحبُنا بلغَ من عظمتِه "زادهُ اللهُ من نعمته" أن جعلَ الشعرَ أبسطَ اهتمامه ! فلا يشجيهِ إلا نوحُ حمامِه!!.. وبلغَ من تواضعه رغم رفعةِ مواضعِه، ومن تساهلِه مع علوِ منازِلِه أن لا يزورَ الواحةَ ضيفاً ولا يحرمُ نفسّهُ منها طيفاً !!
قال :لقد شوّقتني إلى لقائه وانضمامي إلى نقائه !!
ولكن ألا ترى أنكَ تحمّلني مالا أُطيق !! دُلّني على شاعرٍ أو صديق !!
قلتُ :إذن لا تمس ِ قبل أن تمرَّ على ابنِ مرسي !! فهو الشاعر القدير والناقد البصير !!
قال :لا أدري ولكن اسمه يشعرُني أنهُ شرّير !!
قلتُ :إن كانَ ابنَ مرسي فاسمهُ جمال وقد سبى عقول ربّات الحجال !!
قال: إذن فدلّني عليه فقد سبقني قلبي إليه !!
قلتُ : ردَّ قلبَكَ إليك فقد أثارَ شكوكي تورُّدُ خدّيك!!
ولكن اذهب إلى حكيم الزمان الدكتور سلطان !! قال :يا أخي لم أطلب منك لقاء سَحبان!!
قلتُ :أراكَ تقيم السدود وكأنّك على الحدود !!
إذهبْ إذن إلى الأخيَل فهو سفيرُنا الأمثل وشاعرُنا الأجمل !!
قال: أتقصد سلطان قلتُ: نعم اذهب وعليك الأمان !!
قال: يا أخي لستُ من صحبِ السلاطين، وإلاّ لَما عرفتُك !
فلا تصاحبهم إلا الشياطين وقد أعلمتك !
قلتُ :إذن "على سيرة السلاطين وصحبهم الشياطين" ..
إذهب إلى الحريري وامتطِ إن شئتَ بعيري !!
قال: ومن صاحبُكَ من الناس؟
قلتُ :إن كنتَ صائغاً فعليكَ بالألماس !!
تراهُ عاكفاً بمحرابِه يرسلُ بوحَهُ لأحبابِه ويتنكّرُ "إن جار الزمانُ" لأصحابِه !!
قال : "وإن أخفتني" سازورُه !! وكفاني اللهُ شروره !!
قلتُ: اذهب وسيأخذُكَ إلى جنّةِ الأحلام وستجني الوردَ من الأكمام !!
وأرجو أن ينقلك إلى ساحةِ الأقلام ويعلّمُكَ الإجرام حتى تصبحَ من الأعلام!!
قال :كفى فلولا الحياء لقطعتُ الجذعَ واجتنيتُ اللحاء !!
قلتُ: لايحيا العودُ لولا اللحاء.. ألا ترى جمهرةَ الأعضاء في واحة النجباء !!
قال: أخشى أن يكونوا كالغثاء!
قلت: كُفَّ عن الثغاء فلولا النجومُ ماازدانتِ السماء ولا طابَ المساء !!
قال :هذا ما عهدت !! ولا أنطقُ إلا بما شهدت !!
قلتُ إذن سأترككَ الآن في حفظ الرحمن فالدارُ كما ترى أمان ! .