|
كانت هنا....والأمن في جنباتها |
طفل بريء طاهر بسّام |
كانت هنا .....والحب في حدقاتها |
فيض وفي أعطافها استلهام |
كانت هنا ...والليل يرقد حالما |
عضّا وتحرس روحَه الأيام |
كانت عروسا تستعيد زفافها |
وتراقص استذكارَها الأعوام |
كانت توزع في المدى أنداءها |
وترفّ في أفيائها الأحلام |
كانت...وكان الأنبياءَ نشيدُها |
كانت ...وكان عبيرَها الإسلام |
روح "الخليل" تنثّ في أحيائها |
مسكا فيلهجَ بالثناء سلام |
لو قام "بيكاسو" وشاهد حسنها |
لطوى الرقاع وأعول الرسّام |
ولأعلنت لوحاته عن عجزها |
وترنحت في كفّه الأقلام |
أهدابها ورد وزهر شباها |
وعد وشوك زهورها ألغام |
وكرومها شهد ورجع حديثها |
مجد وهمس جفونها إلهام |
وترابها تبر وفوح عبيرها |
عطر وصوت حبيبها أنغام |
ريّا ...من الأوراد دفق حليبها |
ولهى .. وهمسات الرجال مدام |
حبلى بآلاف الفوراس كلما |
ضحك النهار تبسمت أرحام |
للأهل تفتح قلبها وذراعها |
لكنْ على جيش الطغاة حرام |
كانت تنثّ النور في أقطارنا |
حتى غزاها البغي والإجرام |
قد أطفأ ألآمال في محرابها |
فطمت خطوب واستبد قتام |
في ليلة ليلاء غاب هلالها |
وبكى الصليب وقهقه الإعدام |
متسربلا بالموت جاء مدججا |
"باروخ" تملأ قلبه الآثام |
قد أطلق الموت الزؤام يحفه |
جور حقود غادر ظلام |
منع التجول واستباح دماءنا |
لم ينج من كيد الحقود غلام |
لم ينج شيخ عابد متبتل |
في الله يسهر ليله وينام |
لكنها ظلت تغالب جرحها |
وتثور في أعماقها الآلام |
تروي حكايات الذين ترحلوا |
زمرا وفي روض الخلود أقاموا |
ما طأطأت رأسا ولا شربت هوى |
غازٍ تدفق خلفه الأقزام |
شمخت كأعناق النخيل بدينها |
فتحطمت من حولها الأصنام |
ما سلّمت للغاصبين زمامها |
يوما ولم ينعم بها ظُلّام |
شهداؤها الأبرار قنديل الدجى |
ودماؤهم أغرودة وسلام |
وعبير جرحاها نسائم عزة |
وأنين أسراها العزيز سهام |
وزفيرها نار تمور ودمعها |
لهب بحلق الغاصبين جهام |
رضع الشباب الصيد خالص حبها |
فنما الهوى فينا وفاض غرام |
فتألقوا كالتاج فوق جبينها |
وتدفقوا كالسيل وهي غمام |
روح"الخليل" تبث في أوصالهم |
عزما فيشرقَ في الورى الإقدام |
متوثبون إذا الخليل تألمت |
متجذرون إذا الخلائق هاموا |
وإذا الكريهة كشّرت عن نابها |
صلوا على حد السيوف وصاموا |
لا غاصب يطوي دفاتر مجدها |
يوما ولا يتجاسر الحاخام |
فالأرض طهر والسماء قداسة |
والأهل فيها طيبون كرام |
وكرومها تروي ملامح لوحة |
عجزت عن استنساخها الأفلام |
أهلَ الخليل أحبكم ويحبكم |
من قاد خفقَ لوائه الإسلام |
سأظلّ أهتف للخليل مجلجلا |
ما فاض شعر أو همى إلهام |