ها قد أرخى الليل سدوله وهدأ الضجيج في بيتنا الكبير الصغير ولم أعد أسمع سوى أصوات أنفاسي الهادئة المضطربة بدأت أرخي جسدي في فراشي وأحاول أن أريحه من عناء يوم طويل ، فبدأت أرى سماء زرقاء صافية وغيوم بيضاء هادئة وأشم عبق الفل مع شمس الربيع الدافئة وعشبا بلله ندى ، بعيدا عن كل الحدود تاركة خلفي الأبعاد الأربعة تحديت المكان والزمان وسبحت بروحي في أعماق الخيال، لأجد نفسي من عشب أخضر بديع إلى حفل راقص متلألئ الألوان يراقصني فيها أمير ومن بين يدي الأمير أخرج من تلك اللوحة، وأسقط على غيمة في علياء السماء ثم يحملني طائر العنقاء إلى أرض بعيدة، فيحترق وأنا على ظهره ليتحول ريشه إلى رماد، وأسقط أعماق المحيط لأجد نفسي حورية بحر في قريتها فأدخل غار وراء حبة لؤلؤ ، فأرى جبالا خضراء و رائحة جبن مطهو وصوت غنم وفتاة تجري في جبال لألب، ثم أركب فرسا ذو جناحين يحملوني فارسه على ظهره لأرى الأنهار الزرقاء والوديان الخضراء، ثم يتركني في حديقة منزل كبير أدخله لأسمع أصوات أسرتي الصغيرة في منزل جميل يحمل هواؤه صفاء أشعر فيه أني مازلت أطير وما أكاد أستقر على أريكة في ذلك البيت ،حتى أسقط لأجد نفسي في سريري في بيتنا الصغير الكبير، أسقط على صوت أختي تخبرني أن أمي تريدني، فأعود بروحي إلى حيث الأبعاد إلى حيث الحدود إلى حيث السجن الكبير إلى حيث لا أستطيع الطيران من بلد إلى آخر لا بل لا أستطيع الطيران من شارع أو بيت لأخر إلا بكثير من تعقيدات، أعود حيث أكون فراشة مكبلة الجناحين أعود حيث الظلام الذي لا ينيره سوى بصيص صغير من الأمل.
من أوراقي القديمة .