المقامة اللبنانية
بقلم أ / عبد الجليل الروحاني
قال أبو الفتح اليماني : قال ضرغام : سافرت إلى لبنان العربية , روضة الجمال الندية , الغادة العروب , أريج الطيوب , ومكثت فيها مدة من الزمن , أطوف نا ظري حول معالم هذا الوطن .
ذات ليلة ٍ نمت في أحد الفنادق لكن مقلتيّ لم تكتحل بالكرى , سمعت دويّ انفجار أقض مضجعي وأطار النوم من عيني , وزاد من ألمي و أنيني , و أضرم في الحشا نيران صبابتي وحنيني .
خرجت مذعوراً , ورأيت الهلع قد دب بين الجيران , ورأيت تصاعد ألسنة النيران .
أصبت بالفَرَق( الخوف) وفؤادي انفلق , فسألت أحدهم : ما الخطب ؟ !
فقال لي وقد نظر إليَّ بعيون الاستغراب : أما تشاهد التلفاز ؟ !
أما تستمع المذياع ؟
فقلت له : بلى . لكنني منهمك بمتابعة كأس العالم .
هلا أفصحت لي !
فقال : هذا قصف من طائرات العدو الذليل , حمأة الإرهاب والتضليل , عدونا الجبان إسرائيل .
فقلت له : لمَ هذه الحرب الشعواء ؟
فأجابني -على مضض -: إن المقاومة أسرت جنديين من جنود الاحتلال , دعاة الشنار والانحلال , ومراجل العدو في اشتعال .
ثم قلت له وقد أسرني فيلق الدهشة , وخيّم على الأفق طير الوحشة: هذه الحرب الضروس تشن على أسد الشرى , ومصابيح الدجى .
ثم ذهبت إلى موقع الانفجار وإذ بي أرى أن الانفجار قد حصد المهج اللبنانية , تلك الثلة التي تضمخت بدمائها الزكية لتروي خمائل الحرية , في أرضنا العربية .
لقد رأيت المنازل قد أصبحت أطلالاً , والجثث أضحت هامدة ,النيران أصبحت خامدة , فنظرت في الأفق فإذا الشعوب المسلمة تموج غضبا, وتتلظى لهبا .
شلال الدم متدفق , و شارعنا العربي متمزق .
أصبحت عقولهم كعقول ربّات الحجال , واأسفاه هل مات الرجال ؟!!!!!!!!!!!!!
مع ذلك فأبابيل النصر تلوح في الأفق ترمي عدونا بحجارة من سجّيل .
ومهما طال ليل الظلم سيبزع فجر العدالة.
فضراغم لبنان الهصورة , هي في خاتمة المطاف المنصورة .
فألقيت حينها نظرة في وجوه المرابطين في لبنان فرأيت فيها قول الشاعر :
إذا ما الدهر جر على أناس نوائبه أناخ بآخرينا فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا