سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته
تحيـة مضمّخـة بعبير الياسميـن
ليال الغاليـة،
انتظرتُ حرفَكِ منذ أمدٍ بعيد، وكنتُ دائماً أسألُ عنه وعنكِ، أسألُ البحرَ والصّدفَ والورد، أسأل اليمام حين يمرّ مُغاضباً، أسألُ البوحَ نفسَه، وقد كان محلّقـاً يتبع أسرابَ السنونو ..ويبحث عنكِ . مع أن روحَكِ كانت ومازالت دوماً هنا بيننا، مزهرةً تضوعُ عطراً ونقاءً .
قرأتُ نصَّك بعين القلب، وحلٌّقـتُ مع كل حرفٍ انزوى فيه خائفاً، خائفاً من الألم، من اللافتة المعلَّقـة.
حلّقتُ مع كلّ حرفٍ، جلسَ ليغسلَ وجهَه من الألم الجاثم على أنفاسه .. الألم الذي أبى إلاّ أنْ يقطفني معكِ، فأدخلني إلى عالمكِ، لأبقى هنا حيثُ الجدرانُ مقفلة، ولاصوتَ إلاّ للصمت .. والجرح واللحن الحزين .
قد لاأتفق معكِ في أنّ " أعظم ما في الألم، أنه يكشف لك، كم هي المسافة بعيدة بينك وبين الآخرين "، لأنّ الألمَ يُقرّب المسافاتِ، يجعلها أقربَ إلينا من حبل الوريد، يُلغيها، يختزلُ كلّ لغاتِ البيْن، ويوحّد القلوبَ، لتكون عِقداً، حبّاتُه المشاطرة الروحية، والدعاء، واختطافُ الروح من قلعةِ الكآبـة.. ألا يكفي أنّ أرواح القرّاء، تكون محلّقة مع كلّ حرفٍ يُكتَب، بلْ لاأبالغ إن قلتُ أنها تحلٌّقُ تأثُّراً، فتفارقُ الجسدَ، لتعيشَ الألمَ في أقصى معانيه ؟؟ مشاطرةً وتأثّراً، رشفاً، احتراماً للبوح وإن أورقَ نزفُه، وإن انهمل عطرُه دامعَ العينين. أمّا الفضولُ، وسوق النخاسة، فلاوجودَ لهما.
على خارطة الألم شيء واحدٌ : قلـوبٌ تتآلــف ..
لن أنتزعَ تأثٍّري الكبير بنصّك، نصّك الذي أشعل بي كلّ مسافات الألم، بل ووزّعني على كل مدائنها .. بلْ سأعلٌّقُ على بوابة جرحك - الذي غدا جرحي وجرحَنا جميعاً -، لافتةً سأكتب عليها :
(( مفتوحٌ للشمس وللقلوب ))
للتثبيت .. تقديراً لبوحك وحرفك ..
ليـال، أحضري زهرةَ الشمس ورافقيني ...
قد تكون لي عودة أخرى بإذن اللـه ..
أسعدكِ ربّي ورعاكِ في الدنيا والآخرة
لكِ خالصُ تقديري ودعائي ومحبّتي
وألفُ طاقة من الورد والندى