فتاوى ساذجة
بمتابعة سريعة لما تعرضه الفضائيات والصفحات المتخصصة في الجرائد، نلمح بوضوح أن الأمة الإسلامية كأنها تصوم رمضان لأول مرة وتصلي أول فرض وتؤدي الزكاة لأول عام , فكل الاسئلة والمعضلات التي تبحث عن جواب ماهي إلا تكرار عجيب لما هو مسطور في كتبنا الفقهيه مما يدل على ان السائل تعود الكسل حتى في مطالعته لتلك الكتب الهامة وابسطها وايسرها كتاب فقه السنه لسيد سابق رحمه الله وهو كتاب منهجي لطلبة العلوم الشرعية لبساطة اسلوبه وسهولة العثور فيه عن شتى الحلول لاغلب مسائل الحياة , اليوم والجميع يلمس انفجار ثورة المعرفة الإلكترونية والتي تيسر لابسطنا مهارة الابحار بلمسة زر وتصفح الآف الصفحات لاية مسألة عصية على فهمه .
أن بقاء المسلمين في حالة دوران أمام مسائلهم الفقهية ينقلنا الى حقيقة قد غفلنا عنها وهي ان المسلمين بشكل عام لم يتمكنوا من تخطي معرفة ضروراتهم الدينية حتى يتفرغوا لحل معضلاتهم
إن الحالة التي عليها الفتوى في عالمنا الإسلامي والمعروضة بالشكل الذي نراه في الفضائيات تكاد تلفت انتباهنا الى تحويلها إلى تسالٍ رمضانية يمضي بهاالبعض بعض أوقات رمضان في سماع الثناء على المفتي الفلاني وهو ينصت مقدما" الحل من كتاب قريب عن عينيه يتلو منه ماقاله المفتي الذي سبقه ربما بمئات السنين وقد أعلن د. على جمعة مفتي مصر أنه تقدم بمشروع حول تأسيس جهاز رقابي على القنوات الفضائية يتولى مراجعة الفتاوى التي تذاع على الناس من خلال القنوات الفضائية، موضحا أنه قدم المشروع إلى شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي. وحذر هذا الرجل الغيور من التجرؤ على الفتوى بغير علم. وشدد على أن يكون مبعث الفتوى خدمة الدعوة وليس النجومية من خلال الظهور بالفضائيات.
فالإفتاء ينبغي أن يرقى إلى مرتبة أعلى مما هو عليه، فعلماء الجزئيات عليهم تعليم السائلين عن الفتاوى الفرعية ببعض القواعد الفقهية التي توفر عليه كثرة السؤال والتكرار، بل عليهم البحث في حل المشكلات والمعضلات التي تعاني منها الأمة والبعد عن الوقوف على الطرقات الفرعية•
فالمفتي عليه النظر إلى ما وراء الفتوى، مما له علاقة بظروف الناس المتغيرة• ولايقف عند حل إشكالية معينة ولشخص معين طالما وجدت كتب الفقه الميسرة وطالما كانت نصيحة الرحيم محمد عليه الصلاة والسلام لنا تقول ''استفت قلبك ولو أفتاك الناس ولو أفتوك•••''• وأرى من الواجب ان يعاد النظر في وظيفة المفتي ودوره في تسيير دفة المجتمع مع الآخرين؟!
أريد من المفتي أن يضيف لحركة التجديد وتسارع نمط الحياة وما يفرزه ذلك في عملية تعشيق النص المقدس على واقع الحال المتغير بان يضيف بصمة جديدة إلى الحياة الملتزمة بقواعد الشرع وفقاً لمتطلبات العصر التي تتداخل فيها الأهواء مع الحقائق
وبلمسته الواقعية الناضجة والناصحة يصبح التعامل مع القضايا الشرعية أكثر سلاسة وقبولاً لدى النفوس المتعطشة للالتزام بالشرع في كل تفاصيله , وان لايخجل عندما يسأل على الهواء في أية محطة من بعض الساذجين من ان يقرر في اجابته مانقوله ويصارح السائل بعدم الاجابة وإحالته الى أي كتاب مناسب ليتسنى احترام وقت المشاهدين وذوقهم فيتعود ان يطرح ماتحتاجه الامة فعلا" من حلول لمسائل شائكة قد يصعب على اغلبنا اعطاء او الوصول الى قرار فيها وكما نعرف فان الامة غارقة بمثل تلك المسائل الجوهرية
وكلي امل بتوقف تلك الظاهرة بان نحول الفتاوى الساذجة الى فتاوى مجدية