هذه القصيدة كانت مقررة علينا في إحدى أعوام دراستنا ، لا زالت تعلق في الذاكرة بموضوعها الهادف ، أحببت أن أطرحها اليوم هاهنا ، محللاً لمعانيها البناءة ، فإلى القصيدة
يقول الشاعر فاروق شوشة
أخيرا
يقول الدم العربي
تساويت والماء
أصبحت لا طعم
لا لون ، لا رائحة.
أخيرا
يقول الدم العربي:
أسيل
فلا يتداعى ورائي النخيل
ولا ينبت الشجر المستحيل
أسيل
أروي الشقوق العطاش
و أسكب ذاكرتي للرمال
فلا يتخلق وجه المليحة
أو حلم فارسها المستطار
وأنزف حتى النخاع
وينحسر المد
تنبت فوقي حجارتكم
مدنا تتمدد أو تستطيل
وتأكل ما يتبقى من الأرض
لكنها أضرحة.
أخيرا
يقول الدم العربي: اكتفيت
تجاوزت جسر الشرايين
أسرجت خيلي بقلب العراء
وخيمتُ في نقطة الجدب
أحكمت أغنيتي
وانتشيت لنفسي
وقلت:
أطاول كل الدماء التي أنضجتها الحرائق
كل الدماء التي أهرقتها الملاحم
كل الدماء التي اعتصرتها المآدب
فاخرت اني الوحيد الذي
جعلوا من بقاياه خاتمة للبكاء
وفاتحة للغناء
ومن رئتي مذبحة!
أغوص بذاكرة الرمل
وجهي عروس تخطفها الموت
والقاتل الهمجي
تغيب ملامحها
ويغيب الهوى العربي
قاومتُ
فانفلتت فيّ فقاعة
وانطفأتُ
تشاغلتُ
أحكمتُ فوق ملامحها قبضتي
واسترحتُ
أغوص بذاكرة الرعب
وجهي سحابة يتم
تعشش في كل بيت
وتترك بعض عناكبها في تراب الملامح
وجهي الذي يتشكل في كل حال
ويلبس أقنعة لا تبوح
وينظر في رحم الغيب
ماذا تجن الغيوم
وماذا تقول البروق؟
وماذا تخبيء عاصفة في العروق؟
ودمدمة في الرءوس؟
واشبهت الليلة البارحة!
أخيرا
يقول الدم العربي المسافر عبر العواصم
والمتجمع خلف الحواجز
والمتناثر في كل أرض:
تعبت
وهذي بقية لحمي
وهذي هويّة جلدي
وبعض ملامح أرضي التي سكنت في العيون
تعبت
فمن يحمل عني بقية يومي
وأشلاء حلمي
ويمضي
تعبت،
الدروب يلاحقها الموت
يسكُنها الصمت
والقلب يملؤه القهر
والشاحنات الرجيمة
ترتد عبر الزوايا
شظايا
تعبت
المدى.. لا يبين
الصدى.. لا يبين
ووجهي مازال منسحقا في جبين المرايا
تلاحقه اللعنة الجامحة!