شكرا لكم إخوتي الأحبة والشكر موصول لأخي الدكتور سمير العمري على الإيضاح الذي تفضل به ...
أرى أن إخوتي قد أثروا الموضوع من عدة جوانب،
وأود أن أتطرق لمناقشته من زاوية أخرى قد تكون لبنة جديدة :
نشهد في هذا العقد الأول من القرن، تسارع حركة ثورة المعلومات والاتصالات بكل ما جاءت به من خير وشر، ويمكننا تشبيه قناة الجزيرة بمحطة إذاعية كانت مصدر صدق الخبر عند الشعب العربي من المحيط إلى الخليج –بل ومازالت لها المكانة عند عامة الناس- رغم أنها تبث من خارج الوطن العربي. هذا مع الفارق في أن للصورة الملونة تأثير خاص على نفسية المشاهد كما يعرف ذلك المتخصصون بمجال الإخراج المرئي... فقناة الجزيرة اهتمت بالتقنيات بشكل ملحوظ ثم إنها انتقت من الإذاعيين عناصر تتوفر فيهم الجرأة والحنكة الإعلامية –وهذا رأي العامة – حيث إن مهارة الإعلاميين في الاستئثار باهتمام المشاهد العادي وشده لما يلقى عليه من معلومات مبرمجة بدقة تثير الدهشة أكثر من حيازتها قصب السبق للأخبار في شتى المواقع. هي إذن قناة إخبارية بالدرجة الأولى وبرامجها الأخرى جاءت ببعض الجديد مثل الدخول لأغوار ما كان المشاهد يعرف عنها سوى الاسم مع تقنيات التصوير الموحية بالغرابة.
يقول أخي الحبيب خليل حلاوجي:«... فالجزيرة لو ترونها سادتي وفقت في تعشيق رؤى الصفوة مع مايطلبه الجمهور من عامة الناس فاني والله لابارك للجزيرة...» كلنا ذلك الرجل الذي يرى ما يراه خليل حلاوجي؛ غير أن النظرة في تباين شديد بين من يصدق الإشاعة ومن يمحص ما يسمع قبل التفاعل معه، فهناك من يرى أن الجزيرة قد كشفت خبايا الفساد الإداري لدى العديد من الحكومات وما كانت تقوم به الجهات المأجورة من تضليل الرأي العام باعتماد أوهام « فرانسيس بيكون» كوهم السوق ووهم المسرح ؛ وكم مرة شاهدنا في برنامج " شاهد على العصر" من حضروا للجزيرة للدعاية لأنفسهم بطريقة غير مباشرة فما كان ممن يجري اللقاء إلا أن بادرهم بأسئلة محرجة جعلتهم يعذلون عما أضمروه من غش المشاهد الذي ابتسم أوضحك وهو يرى أغاليطهم مكشوفة للعيان.
وهناك من يرى أن الجزيرة قناة مأجورة تتعامل من تحت الطاولة مع العدو وإلا كيف استطاع صحفيوها الدخول لمعقل الماسونية العالمية والتعرف على أسرارها (التي سمحت للصحافيين بنشرها )؟... وقد قيل إن الجزيرة منبر من لا منبرله ! فبقي الذي لا منبر له ينتظر أن يوجد له منبر غيرها بينما استدعت الجزيرة المسيطرين على كل المنابر لمنبرها ...
وإن من يعرف أسرار مهنة المتاعب ليدرك موطن القوة من موطن الضعف في كل ما يقال من هنا وهناك، ويقارن ماقيل بما يجري فعلا على الساحة مما لاقاه صحافيو الجزيرة من محن إذ سجن البعض وقتل البعض ومازال البعض يعمل دون كلل أو خوف مما يخبئه الغد لهم.
أما من حيث ما قدمت الجزيرة من خدمات للأمة، فهذا أمر أثار الكثير من الجدل وما زال يثيره؛ إذ أن الحقائق أصبحت مكشوفة دون جزيرة وخصوصا مع التقدم الذي عرفته الصحافة الرقمية وسرعة تداول المعلومات عبر الشبكة الدولية – وإن كانت المصداقية ماتزال غير متوفرة في عموم المواقع – الصورة الآن كما قال أخي خليل جلاوجي :«... الحدث هو واحد والرؤية اصبحت اكثر من واحدة وهنا يكمن دور قنواتنا في تعضيد الحدث بالرؤية الصائبة الصالحة للاستهلاك النفعي لا التحريضي المؤطر بعنتريات عفا عليها الزمن...» لأن اختلاف المستويات المعرفية لدى المشاهدين يحدث تشويشا على الحقائق وعلى مايراد ترويجه وتهويله من أخبار ثم إن الخبر اليوم يرشح ليكون موروثا لدى الأجيال القادمة ... يقول أخي الحبيب الدكتور هزاع: «.. فإن كانت بحق قناة للخير والصلاح والإصلاح، فعليها أن تجدد أسايبها، وتختار في مواضيعها الأفضل من حيث الحوار والمتحاورين، وتتحرى الحقيقة والأمانة في النقل الموضوعي...» وأرى أن إخوتي كلهم قد وضعوا اليد على مواطن مارأوه على الجزيرة وأنصفوها فيما هو لها – والآراء تحترم قبل لما تتسم به من صفة الشخصية – بقي أن أقول إن الجزيرة منبر إعلامي اتسم بالجاذبية خلال العقد المنصرم وأقبل عليه الناس بتحريض من بعضهم البعض حتى ظهر جليا أن ما قاله « جوستاف لوبون » في كتابه سيكولوجية الجماهير حين وصف الجماهير وكأنها قطيع ظأن "بانورج" الذي تسارع للسقوط في البحر لمجرد أن رآى كبشا ارتمى من السفينة ... هذه الصورة الساذجة لمجتمع تعلمت منه المجتمعات معنى احترام إنسانية الإنسان في زمن كان رواده وأولو أمره على هدى من الله ... ولكنها حقيقة رغم مرارتها تبقى حقيقة. فالجزيرة اكتسبت شهرة قل نظيرها وعليها الآن أن تصحح ما يجب تصحيحه وتنتقي ما يجب انتقاؤه للإسهام في تثقيف الأمة التي ما زالت الأمية تغرز براثنها في كبدها – أمية مقنعة وأمية حرفية وأمية تقنية – وإن بإمكانها الآن أن تبدأ صفحة جديدة إن أراد ذلك مسؤولوها ذلك حتى تكون في مستوى تطلعات الأمة حكاما ومحكومين؛ لأننا مللنا تلك المعزوفة بنشازها المقيت التي لا تشيع غير الكراهية والحقد بين الشعوب والحكومات ونريد انسجاما واتفاقا حول برامج تنموية يبدأ تنفيذها برقابة محكمة سيرا نحو غد أفضل نحب فيه حكامنا ويتحلى حكامنا بالاستقامة وتقدير المسؤولية التاريخية وحب الخير لشعوبهم مع اعتبار أن إرضاء الجميع غاية لا تدرك... وعلينا باحترام ما أمر الله باحترامه ونبذ ما أمر بنبذه والعودة لقيمنا المفقودة دون مغالاة ودون إهمال. ويبقى دور السلطة الرابعة خطيرا في دس السم في الدسم ومن هنا أرى أن للجزيرة مسؤولية كبيرة فيما قد ينجم عن غياب عنصر الرقابة على مفعول ما ينشر أو يذاع باسمها سواء أكان في صيغة الدعاية والإعلان أم في تصوير الأحداث وما يجري على الساحة الدولية...