الأزمة الفلسطينية .. واقع أم افتعال؟
أعلنت مصادر أمنية فلسطينية أن قذيفة سقطت على مقر المخابرات بمنطقة المشتل في قطاع غزة، في أحدث تصعيد لأعمال العنف التي يشهدها قطاع غزة بين حركتيْ حماس وفتح.
وتأتي هذه الأحداث كحلقة من حلقات تصاعد الأزمة الداخلية الفلسطينية بعد دعوة عباس إلى انتخابات مبكرة في محاولة لنزع السلطة من حركة حماس التي فازت في انتخابات شهد لها العالم بالنزاهة وذلك لإصرارها على رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني.
وما يهمنا هنا هو النظرة لهذه الأزمة داخل سياقها العربي فهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها العلمانيون سرقة نضال المجاهدين الحقيقيين وتزوير إرادة الأمة واستغلال كل الوسائل الرخيصة للوصول إلى أهدافهم.
ونشير هنا إلى ما قاله فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية: إن عباس لم يكن يومًا ثوريًا، ولا يعرف شيئًا عن العمل المسلّح والمقاومة. إن هذا الاعتراف من أحد كوادر فتح التي يتزعمها عباس لا يخرج عن السياق العربي العام طوال النضال ضد الاحتلال الذي رسخ على أنفاسه طوال أكثر من قرن من الزمان فهناك دائما من يسرق ثمار النضال من أصحابه الحقيقيين بمكر ودهاء مستغلاً دعم القوى الخارجية حينًا وقلة حيلة المناضلين الحقيقيين حينًا آخر. حدث ذلك في فلسطين في بداية الاحتلال الصهيوني, وفي الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي و بعد إلغاء الانتخابات التي فاز بها الإسلاميون في عام 1992, وحدث في مصر في عهد الاحتلال الإنجليزي. ويحدث الآن في أكثر من بلد خصوصًا مع تزايد المد الإسلامي والالتفاف الشعبي حول المشروع الإسلامي, فتتم سرقة نجاحاتهم في الانتخابات المختلفة لصالح العلمانيين ومنافقي السلطة.
إن ما يحدث في فلسطين والدعم الذي يجده عباس من التحالف الغربي ـ الصهيوني بشكل واضح وسافر لا يدعو للدهشة والاستغراب بل هو ينسجم تمامًا مع السياق التاريخي والواقعي, فالغرب يؤكد دومًا على عدم استعداده لقبول أنظمة إسلامية مناوئة له في أي مكان في العالم خصوصًا في العالم العربي - حتى لو اختارتها الشعوب بإرادة حرة- حيث تزداد مصالحه وتتشعب, وهو يستخدم في ذلك كل ما يملك من أسلحة كالمقاطعة الاقتصادية كما حدث مع حماس في فلسطين وقبل ذلك مع نظام البشير في السودان, كما يستخدم سلاح الطابور الخامس الذي يؤمن بأفكاره سواءً إيمانًا حقيقيًا أو مصلحيًا, ويبدأ في تضخيمهم وتصعيدهم وإسباغ بطولات زائفة عليهم كما فعل مع أتاتورك وغيره؛ حتى ينخدع بهم البسطاء ثم يتولون السلطة على حين غفلة من أهلها ويقومون بتنفيذ مخططات الغرب تحت شعارات الوطنية والمصالح العليا.
والغرب في ذلك على أتم الاستعداد للقبول بأنظمة تأتي بالتزوير ولا تمتلك الشرعية فالغاية عندهم دائما تبرر الوسيلة, ومن هنا نستطيع أن نتفهم لماذا أعلنت بعض الدول العربية موافقتها على دعوة عباس لإجراء انتخابات مبكرة وعدم اتخاذها لإجراءات حقيقية لفك الحصار المضروب عن الشعب الفلسطيني منذ وصول حماس للسلطة.
إن من الخطأ الفادح النظر لما يحدث في فلسطين تجاه حركة حماس خارج سياقه العام الواقعي والتاريخي وما يدور في دول كثيرة في المنطقة وخارجها قديمًا وحديثًا, ولعل هذا يجعل قادة حماس يعيدون رصد إيجابيات وسلبيات العمل السياسي من خلال السلطة في ظل الظروف المحيطة والتي تحاول نزع مصداقيتهم أمام شعبهم الذي يمر بظروف حالكة.
على حسن
المصدر مفكرة الاسلام