عودة سيزيف
عودةُ سيزيف
أتريَّثُ
حينَ يمُرُّ على كاهلي
ثقلُ سيزيف
أهجعُ حين يصدّقُني
حزنُهُ
وهو يذرو جراحاتِه للرّياحِ
ويصبرُ...
علّ الذي فاتَ أكبر ممّا تبقّى
وعلّ الذي يتعلّمهُ الجرحُ..
أجمل من حزن هذا المساء الكئيبْ..
+++
أتريّثُ
حين يمُرُّ على أحرُفي ظلُُّهُ..
حين أسمعُهُ يتحدّثُ عن نفسِهِ..
ويقولُ لها:
كلُّ آتِ قريبْ..
+++ +++
أتصَوَّرُهُ غامضاً
وجميلاً..
ويحملُ أبَّهَةَ المَطَرِ المُسْتَفِيقِ لأعدائهِ..
وكثيراً من المدُنِ النَّائماتِ
تُؤيّْدُهُ..
و تسيرُ وراءَ ابتساماتِهِ
كيْ تبلّل أَحِْلامها بالكُرُومِ التي خَثّرتها لهُ الآلههْ..
+++ +++
أتصوَّرُهُ نازلاً من سَمَاءاتِ أبراجِهِ
و الجراحاتُ،
من فرط فرحتها،
تتزيّنُ في غفلةٍ منهُ..
تملأُ كلّ المنافي التي طرّزتْ حُزنها بالورودْ..
تتذكّرُهُ أرْضُه ُ
و تقولُ لأعدائهِ:
كنتُ أعْرِفُ أنَّ الفتى
ذاتَ يومٍ
يعُودْ..
+++ +++
أتصوّرُهُ نيّئاً
و طَرِيّاً
و يخْجلُ حينَ تحدّثُهُ أمّهُ
عنْ حَبيبتهِ...
يختفي حولَ أوهامِ آبائهِ
ليضيّعَ عُمرًا
و يلعبَ مثل الكبار بأسلحةٍ فاسدهْ..
يجرحُ الطفل أحْلاَمَهُ
فتحوّطهُ أمّهُ
و تَدُورُ كما هذهِ الأرضُ
حولَ شموسِ انكساراتِهِ
و تذرُّ الرمادَ
لتحرسهُ من نتوءاتِ أعدائِهِ الحاسدَهْ..
+++ +++
أتصوَّرهُ فارعاً
و الجميلاتُ يهدينَ أيديّهنّ لهُ..
علّهُ يتلفَّتُ عن طوعهِ لضفائرهنَّ
فَتَنْتَبِهُ الأرضُ...
تصرُخُ:
هذا الذي كنتُ راوَدْتُهُ عنْ نُبوءاتهِ
ذاتَ يومٍ
و كٌنتُنَّ لُمتُنَّنِي فيهِ..
هذا الذي حَرَمتْنِي الجبالُ الحزيناتُ من غيمهِ
حرمتني السّنونُ..
و مِن يومِها لمْ أرَ السُّنبُلَهْ..
لمْ تَطِرْ بي حقولُ الحنينِ إلى ما تراكمَ في قلبهِ
من حنينٍ
و لمْ يفتَحِ السّجنُ أبوابَهُ المُقفلهْ..
+++ +++
أتصوّرُهُ وطناً..
و الحُشودُ تطوفُ تواريخُها
حولهُ..
علّها تتطهّرُ من رجسِها..
من عذاباتِ سقْطَتِها..
و تُطِيلُ الدّعاءْ...
علّها ترتوي من سحاباتِ زمزمِهِِ
علّها تتماثلُ من غيِّها
للشفاءْ..
كان يعرفُها..
منذ أن دلّلتها المراحلُ
في رحم الكتب الحائرَهْ..
كان يعرفُها..
منذُ أن أخْبرتْهُ بها الذّاكرهْ
+++ +++
(ها..
أنتَ وحدكَ
مقلوبٌ
و منقلبُ
فليس ينفعُ
ما تُدلي بهِ الكتُبُ
قطفتَ من شوقِ ليلى
من ضفائرها
ما يجعل الصَّخرَ نبعاً
دُونهُ العِنَبُ
تذكّروكَ
على حَرِّ
و ليسَ لهمْ
في حرِّهِمْ
غير معناكَ الذي شَرِبوا )
++ +++
فرِحاً
كنتُ أمسِ
إذْ استوقفتني العصافيرُ
خبَّأتِ الشّوق في ممْلكاتِ البهاءِ
و في بوحِ هذي الظلالْ..
فَرِحاً
كانَ سيزيفُ
و الأرضُ ترقصُ من تحتِ أقدامِهِ
فتذوب الثّلوجُ
و تلتئِمُ الإنكساراتُ،
ثمَّ تٌجَرْجِرُ لوعَتَها خَلْفهُ
تتمنَّاهُ..
ماذا بإمكانهِا أنْ تُقدِّم للرّجُلِ
البطلِ
الهَرَمِ
المُستَحيلِ..
وماذا بإمكانها أنْ تقولَ لهٌ..
و هْوَ يحملُ أحزانَ من غادروا لونَ هذا التّرابِ
و لمْ يشْرحوا سِرَّهُ للتِّلالْ..
...
....
....
ها هي الآن تحضنهُ
تحتفي كالصبي بعودتِهِ
تتطلّع في طولهِ..
تتسلَّقُهُ
رجُلاً
رجُلاً
تستريحُ على ضِلعِهِ
لحظَةً
حينَ تتعبُ
ثمَّ تُواصلُ رِحلتها
للكمالْ..