شكرا لشاعرنا الكريم سلاف على تنبيهه.
إن فيما يقول قسطا كبيرا من الحق
الآن أدركت سر ما خالج أخي الأستاذ محمدا الحريري وخالجني من شعور بقلق في وزن البيت :
بالبعدِ فما أقسى إبعاديَ عنْ قمـرٍ فـي ليـلِ السـاري
ولئن كان أخي محمدا معذورا فليس لي عذر خاصة وأني كتبت ردا ذات مرة حول موضوع مشابه سأذكره لاحقا.
السر في عدم الارتياح لوزن البيت المذكور هو أن البيت يُقرأ على النحو التالي:
بالبعدِ فما أقسى إبعاديَ عنْ قمـرٍ فـي ليـلِ السـاري
بل بعْ (دِف) ما أقْ سى إبْ عا (دِيَ ) عن (قَمَ ) (رِنْ) في ليْ لسْ سا ري
2 2 (2) 2 2 2 2 2 (2) 2 (2) 2 2 2 2 2 2
مجموع الأسباب في البيت = 17 والوزن مجموعه 34
وبقية الأبيات أسبابها 16 ومجموع وزنها = 32
هذا جانب، يتعلق بخلل طفيف في أصل النص، أماالجانب الآخر فهو أنه حتى لو كان عدد أسباب البيت = 16 ومجموع وزنه =32 فإن الشعور بالقلق تجاه الوزن سيبقى في نفس القارئ. كيف ؟
سأعدل البيت لأجعله 16×2=32
بَعْدَكَ ما أقسى إبعاديَ عنْ ............ قمـرٍ فـي ليـلِ السـاري
بعْ (دَكَ) ما أقْ سى إبْ عا (دِيَ ) عن ........(قَمَ ) (رِنْ) في ليْ لسْ سا ري
2 (2) 2 2 2 2 2 (2) 2.......... (2) 2 2 2 2 2 2
الصدر = 9×2=18...................العجز =7×2=14
البيت يقرأ شطرين بتوقف بينهما على النحو المتقدم، والحق أن شطري البيت هما
بَعْدَكَ ما أقسى إبعاديَ ............ عنْ قمـرٍ فـي ليـلِ السـاري
2 (2) 2 2 2 2 2 (2).......... 2 (2) 2 2 2 2 2 2
الصدر = 8×2=18...................العجز =8×2=16
فلماذا تختلف قراءتنا لشطري البيت عن واقعه فيبدو وزنه مختلا. ؟
الجواب هو ما يشبه التدوير في هذا البيت، بل لعله التدوير بتعريف جديد.
وقد عرّفوا التدوير بأنه :" كون صدر البيت الشعريّ متصلاً بعجزه بكلمة "
آخر كلمة في الصدر ( إبعادِيَ ) ، وتنتهي بالسبب الثقيل (دِيَ ) ولا يمكن التوقف على الياء المتحركة التي تمسك بتلابيب (عن ) التي مكانها أول العجز فتضمها ضما قبل التوقف ، ولهذا يشعر القارئ أنه قد قرأ شطرين مختلفي الوزن:
الصدر الظاهري = بَعْدَكَ ما أقسى إبعاديَ عنْ = 2×9 = 18
العجز الظاهري = قمـرٍ فـي ليـلِ السـاري = 2×7= 14
فيحس القارئ بهذا الخلل الناجم عن اختلاف في طول لشطرين ظاهريين يحسبهما لا شعوريا حقيقيين .
بقي أن أقول إن بعض صدور الأبيات إنتهت ب 31 وبعضها الآخر ب 22 وهذا موضوع آخر.
دائما أنصح بكتابة البيت شطرين، لعل إغفال الشاعرة لتلك النصيحة عاد بهذه الفائدة.
--------------------
وما خطر لي ولأخي الأستاذ محمد الحريري خطر شيء قريب منه للدكتور محمد توفيق أبو علي في تصدير كتابه (علم العروض ومحاولات التجديد) إلى حوار -كان أحد طرفيه -حول ما اعتبره وجود خلخلة إيقاعية ما في وزن البيت:
قدموس قد سرقوا الحروف وخانوا بعدما زلت بك القدم
واعتبره ثغرة في عروض الخليل.
وقد قمت بتناول ذلك وإبداء الرأي فيه على الرابط:
http://arud.jeeran.com/thaghrah.htm
أتمنى أن أكون بهذا قد أنصفت الجميع وأولهم الشاعرة الكريمة وقدمت فكرة عن فائدةالرقمي.