|
" جــنـــد الــمــغــول " |
جندُ المغولِ أثـاروا أرضَنَـا شَغَبًـا |
قدْ أُشْرِبُوا الحقدَ حتَّى دنَّسُـوا حَرَمًـا |
وعاقرُوا الخُبْثَ حتَّى أحرقُـوا الكُتُبَـا |
قدْ أيقظَ الليـلَ غَـدْرٌ مِـنْ بنادقِهـمْ |
ومزَّقَ الصمتَ والأستـارَ والحُجُبَـا |
وأرَّقَ الأرضَ والأشجارَ ما صنعُـوا |
وأقلـقَ النجـمَ والأقمـارَ والشُّهُبَـا |
وأغضبَ الناسَ ما كادُوا وما عبثُـوا |
وَخِسَّةُ الغَدْرِ تُشْقِي العُجْـمَ والعَرَبَـا |
ثارَ الرصاصُ وما ثـارُوا لِمَكْرُمَـةٍ |
وهلْ يثورُ حمـارُ الحَـيِّ إذْ رُكِبَـا؟! |
ثارُوا لهدْمِ ديارِ العِلْـمِ فـي صَلَـفٍ |
وأذرعُ الشَّرِّ تَهْوَى الغَـدْرَ والحَرَبَـا |
أوْرَى الزِّنَادَ زَنَـادَ الحِقْـدِ سيدُهُـمْ |
وأوقدَ البغـضَ فِـي أحيائِنَـا لَهَبَـا |
فأصبحـتْ قلعـةُ الطـلابِ محرقـةً |
ومِقْعَدُ الدرسِ مِنْ طغيانِهِـمْ حَطَبَـا |
كَمْ أفعمُوا الأرضَ إرجافًـا وزلزلـةً |
وأشبَعُوا الشعبَ مِنْ بهتانِهِـمْ كَذِبَـا |
هَذِي الرئاسةُ واعجبِي لهـا حَـرَسٌ |
لمْ يحرسُوا الأرضَ بلْ عاثُوا بها شَغَبَا |
هُمْ كالغثاءِ تراهـمْ إنْ دعَـا وَطَـنٌ |
عِنـدَ الشدائـدِ لا نَبْعًـا ولاغَـرَبَـا |
لا يثبـتـونَ إذا لاقُــوا مُلَمْلَـمَـةً |
فالجبنُ ينفخُ فـي أسحارِهِـمْ رَهَبَـا |
إذَا تـراءَتْ لهـمْ أطيـافُ كوكـبـةٍ |
في الحربِ ولَّوْا على أدبارِهِمْ هَرَبَـا |
قالوا السلامُ وهلْ في الحربِ منفعـةٌ |
الحربُ تنزعُ منَّـا اللحْـمَ والعَصَبَـا |
حبلُ السياسةِ في الإذعانِ فاعتصمُوا |
إنَّ الحكيمَ الـذي لا يقطـعُ السَّبَبَـا |
حبلُ السياسةِ فيهِ العيـشُ ذو رَغَـدٍ |
والحربُ تُكْثِرُ فـي أحيائِنَـا العَطَبَـا |
قـومٌ لئـامٌ إذا حاورتَهُـمْ فَـجَـرُوا |
إنَّ اللئـيـمَ إذا حدثْـتَـهُ صَخِـبَـا |
عبَّـاسُ يلهـثُ والأوهـامُ تحملُـهُ |
والمكرُ يبحـرُ فـي أعماقِـهِ سَرَبَـا |
وبعرةُ الكبْشِ دَحْلانُ الـذِي ضَرَبَـتْ |
دسائسُ الحقدِ فِـي أحشائِـهِ طُنُبَـا |
كمِثْـلِ إبليـسَ إنْ نادتْـهُ مكرمـةٌ |
مِنَ المكـارمِ ثَنَّـى عطفَـهُ وأَبَـى |
وخائـبُ القـومِ أشقاهُـمْ وأرذلُهُـمْ |
وأسـوأُ الخلـقِ أخلاقـاً ومُنْقَلَـبَـا |
لا زالَ يرسفُ فـي الإذلالِ منبطحًـا |
كأنـهُ البغـلُ لا عـزًّا ولا حَسَـبَـا |
لا يهنأُ الوطنُ المنكوبُ مـا عمـرُوا |
متـى أقامُـوا علـى عليائِـهِ نُكِبَـا |
لولا المودةُ فـي القرْبَـى لصبَّحَهُـمْ |
منَّا كماةٌ تزيـلَ الرِّجْـسَ والنُّصُبَـا |
لا يُهْرَعُـونَ إلـى ظلـمٍ ومفسـدةٍ |
بلْ يُهْرَعُونَ إذَا مَـا غاصـبٌ وَقَبَـا |
تَهْمِي بنادقُهُمْ يـومَ الوَغَـى مَطَـرًا |
وَتمطرُ الموتَ مـن أفواهِهَـا صَبَبَـا |
يشقَى العدوٌّ بِهِـمْ إنْ ثـارَ ثَائِرُهُـمْ |
فتقذفُ الريحُ مِـنْ أشواظِـهِ شُهُبَـا |
فيرْجِـفُ التـلَّ والأغـوارَ ناسفُـهُ |
ويصـدعُ اللـدَّ واللطـرونَ والنَقَبَـا |
إذا تراءَتْ لهُ فِـي الأفـقِ شِرْذِمَـةٌ |
مِنَ اليهودِ أعـزَّ السُّمْـرَ والقُضُبَـا |
وأفعمَ الجـوَّ مِـنْ أشواظِـهِ حِمَمًـا |
وأشعلَ الأرضَ مِنْ بركانِـهِ غَضَبَـا |
إذا المنايَـا لـهُ أبـدتْ نواجـذَهَـا |
ألفيتَهُ في الوغَـى مُسْتَبْشِـرًا طَرِبَـا |
شبْـلُ الكتائـبِ إنْ نَـادَاهُ موطنُـهُ |
لبَّـى وأَتْبَـعَ فِـي إِعْمَـارِهِ سَبَبَـا |
فأزهقَ الروحَ كَـيْ تَحْيَـى كَرَامَتُـهُ |
وأهرَقَ الدَّمَ كَيْ يَجْلُـو بَـهِ الكُرَبَـا |
يَبْنِي بِكَفٍّ صـروحَ العلـمِ شَامخـةً |
ويحفـظُ اللـوحَ والأقـلامَ والكُتُبَـا |
يَغـدُو فيكتـبُ للتاريـخِ ملحـمَـةً |
وينثنِـي قَـدْ أعـزَّ الديـنَ والعَرَبَـا |
شبلٌ تَرَى المجدَ يمشِي فـي ركائِبِـهِ |
والكونُ يشهـدُ مـنِ آياتـهِ عَجَبَـا |
يحي لتحيَا قبـابُ القـدسِ شامخـةً |
ويمسحُ الله عنهـا الهـمَّ والوَصَبَـا |
وتلبسُ الأرضُ ثوبَ النصـرِ مؤتلقًـا |
وينظمُ الفخـرُ مِـنْ أفعالِهـم أَدَبَـا |
(قومٌ همُ الأُنْـفُ والأذنـابُ غيرهُـمُ |
وَمَنْ يُسَوِّي بأنْفِ الضَّيْغَـمِ الذَّنَبَـا) |