|
رِفْقَاً بِقَلْبٍ بِالصَّبَابَةِ ذَابَا |
رَشَقَتْهُ سَهْمَاً لِلهَوَى فَأَصَابَا |
إِنْ تَعْذِلُوهُ فَقَدْ عَذَلْتُهُ وَالذِي |
بَرَأَ القُلُوبَ فَما يَرُدُّ جَوَابَا |
فَتَنَتْهُ يَا وَيْحَ الْهَوَى كَمْ حَنْظَلٍ |
غَرَسَتْ يَدَاهُ وَبِالمَحَبَّةِ طَابَا |
أَشْقَى وَأَسْقَى مِنْ كُؤُوسِ مِزَاجِهِ |
مَا فِيهِ يَمْزُجُ بِالنَّعِيمِ عَذَابَا |
يَا نَفْسُ مَا لَكِ وَالتَّقَلُّب فِي الجَوَى |
وَأَنِينُ غَيْرِكِ قَدْ أَطَارَ غُرَابَا |
إِنِّي عَهدْتُكِ فِي الغَرَامِ عَصِيَّةً |
فَخُذِي المَهَابَةَ وَالوَقَارَ حِجَابَا |
أَرَأَيْتِ إِلا العِشْقَ إِنْ سَكَنَ الحَشَا |
لَمْ يُبْقِ إِلا أَعْظُمًا وَإِهَابَا |
وَإِذَا تَمَكَّنَ فِي الشِّغَافِ أَذَابَهَا |
وَأَرَابَ أَحْصَفَ أَهْلِهِ وَأَشَابَا |
يَا نَفْسُ صُدِّي القَلْبَ عَنْ كَأْسِ الهَوَى |
فَالعِشْقُ خَمْرٌ يَسْلبُ الأَلْبَابَا |
وَعُيُونُهُ مِنْ سِحْرِ هَارُوتَ انْبَرَتْ |
تَرْنُو لِنَبْعٍ لا تَرَاهُ سَرَابَا |
يمْتَاحُ مَا يَنْأَى فَيَعْذُبُ فَيْضُهُ |
وَيَصِيرُ مَا يَدْنُو إِلَيكِ يَبَابَا |
يَا رَجْفَةَ القَلْبِ المُعَانِدِ شَفَّنِي |
مِنْكِ الحَنِينُ فَأَنْضَجَ العُنَّابَا |
أَوَكُلَّمَا كَفَرَ اسْتِيَاؤُكِ بِالهَوَى |
خَرَّ اشْتِيَاقُكِ رَاكِعًا وَأَنَابَا |
تَشْكِيْنَ مِنْ فَجْرٍ تَرَقْرَقَ كَالنَّدَى |
أَغْرَى الفُؤَادَ وَغَلَّقَ الأَبَوَابَا |
أَلْقَى إِلَيكِ شُؤُونَهُ وَفُتُونَهُ |
حَتَّى يَكَاد العَقْلُ مِنْهُ ذَهَابَا |
وَأَرَاكِ مِنْ أَمَلِ اللِقَاءِ تَأَسِّيَاً |
وَأَرَاكِ مِنْ طُولِ الفِرَاقِ عُجَابَا |
وَأَثَارَ فِيكِ الذِّكْرَيَاتِ عَنِ الْهَوَى |
وَأَذَلَّ دَمْعَاً عَزَّ أَنْ يَنْسَابَا |
أَوَّاهُ يَا هَذَا الفُؤَاد أَسَرْتَنِي |
بِحَنِينِ مَنْ ذَاقَ النَّوَى أَحْقَابَا |
أَوَّاهُ مِنْ شَوْقٍ تَمَلَّكَنِي فَمَا |
حَسَبَ الرَّزِينُ لِمَا يُرِيدُ حِسَابَا |
وَاللهِ لَولا أَنْ يُسَفِّهَنِي الهَوَى |
لَجَنَيتُ مِنْ نَحْلِ الحَبِيبِ رِضَابَا |
أَحْبَبْتُهَا مُنْذُ الشَّبَابِ وَلَمْ أَزَلْ |
فِي رَوْضِهَا أَتَنَشَّقُ الأَطْيَابَا |
وَتَرَبَّعَتْ فِي مُهْجَتِي أَحْلامُهَا |
طَيْفًا عَلَى عَرْشِ الوَفَاءِ مُهَابَا |
فَغَدَوْتُ لا أَجِدُ الْحَيَاةَ بَدِونِهَا |
وَغَدَوْتُ أَسْتَجْدِي الزَّمَانَ شَبَابَا |
وَرَأَيْتُ فِي لَحْظِ العُيُونِ مَعَابِدًا |
فَجَعَلْتُ فِيهَا لِلهَوَى مِحْرَابَا |
فَإِلَى مَتَى بِالحُلْمِ تَنْتَهِبُ الخُطَى |
أَمَلا وَيُوقِظُكَ المَشِيبُ فَتَابَى |
وَإِلامَ تَجْعَلُ فِي التَّعَلُّلِ عِلَّةً |
وَاللُّدْنَ فِي الغُصْنِ الرَّطِيبِ صِلابَا |
يَا أَنْتِ يَا بِنْتَ الخَيَالِ عَلَى المَدَى |
قَمَرًا يُسِيلُ سَنَا الجَمَالِ لُعَابَا |
يَا بَهْجَةَ الإِحْسَاسِ زَهْرَةَ جَنَّةٍ |
تَصْبُو لَهَا كُلُّ القُلُوبِ طِلابَا |
فَالدُّرَّ مَا تَهْوَى النُّفُوسُ بَرِيقَهُ |
وَالْحُرَّ مَنْ يَرْجُو الوَرَى إِعْجَابَا |
لَكِنَّ أَكْثَرَهُا هُيَامًا زَهْرَتِي |
قَلْبٌ يَرَاكِ عَلَى تُقَاهُ ثَوَابَا |
قَلْبِي وَمَنْ يَغْنَمْ بِقَلْبٍ مِثْلِهِ |
يَغْنَمْ بِأَنْهَارِ الغَرَامِ عِذَابَا |
يَا زَهْرَتِي إِنِّي أُرِيدُ نَضَارَتِي |
مِمَّنْ سَمَا خُلُقَاً فَسَارَ سَحَابَا |
قَدْ عِشْتُ فِي أَمَلِ الوُصَالِ وَمَا أَرَى |
إِلا الوُصَالَ وَلا سوَاهُ جَوَابَا |
إِنِّي أُحِبُّكِ يَا مَلِيكَةَ مُهْجَتِي |
حُبًّا أَنَابَ فَمَ الحَنِينِ وَحَابَى |
أَنَا لَسْتُ مِمَّنْ يَخْدَعُونَ لِيَحْتَسُوا |
شَهْدَ الْهَوَى أَو عَابِثًا يَتَصَابَى |
شَرَفٌ عَظِيمٌ أَنْ يَكُونَ لَنَا الرِّضَا |
فَنَكُون فِي كَفِّ الزَّوَاجِ خِضَابَا |
إِنْ شَاكَ بَعْضُ الشَّكِّ قَلْبَكِ فَاسْمَعِي |
شَكْوَى الهَوَى إَنْ يَسْتَطِعْكِ خِطَابَا |
النَّوْمُ عَزَّ لِقَاءُهُ وَتَقَرَّحَتْ |
مِنِّي الْجُفُونُ وَنُورُ فَجْرِكِ غَابَا |
وَالقَلْبُ مِنْ غَيْرِ ابْتِسَامِكِ عَابِسٌ |
يَذْوِي إِذَا مَا فَارَقَ الأَحْبَابَا |
وَالعُمْرُ أَيَّامٌ تَمُرُّ وَتَنْقَضِي |
إِلا زَمَانًا كُنْتِ فِيهِ صَوَابَا |
وَلَقَدْ رَأَيْتُكِ لِلْمَكَارِمِ رِفْعَةً |
فَجَعَلْتُ حُبَّكِ لِلطُّمُوحِ رِكَابَا |
إِنِّي أُعِيذُ الصَّدَّ أَنْ أَسْعَى بِهِ |
نَحْوَ الْهَلاكِ عَلَى عُلاكِ عِقَابَا |
فَنَوَاكِ أَظْمَأَ بِالشَّقَاءِ حُشَاشَتِي |
مَا ضَرَّ لَو جَعَلَ الهَنَاءَ شَرَابَا |
لَوْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ مَنْ أَشْكُو لَهُ |
هَذَا الْحَنِينَ بِحُرْقَةٍ مُرْتَابَا |
مَا قُلْتُ مَا سَفَحَ الفُؤَادُ مِنَ الأَسَى |
وَلَصُنْتُ جَنْبِي مِنْ رَجَاءٍ خَابَا |
لَكِنَّ أَسْبَابَ السُّرُورِ تَعَذَّرَتْ |
فَلَعَلَّنَا أَنْ نُدْرِكَ الأَسْبَابَا |
هَذَا ابْتِهَالِي فِي جَنَابِكِ حَاسِرًا |
وَرَجَاءُ قَلْبِي أَنْ يُعَزَّ جَنَابَا |